الرباط – الأسبوع
الوثيقة المالية هي بمثابة ميزانية رسمية تحدد السياسة المالية المرسومة من واضعيها لتدبير شؤون العاصمة، تدبير في التجهيز والتسيير والتطوير، وقد اعتادت المجالس على نمط واحد عمر عقودا ربما لجاذبية الامتيازات المسطرة لأعضائها وهي كثيرة.. حتى أن هذه الميزانية قرنت بالتسيير في عنوانها الرئيسي، هكذا – مع الأسف – تهدر أموال ضرائب الرباطيين في مجملها على هذا التسيير الذي تكلف حتى بالسيارات والهواتف والأسفار والتعويضات والمنح والشراكات والأتعاب والواجبات والغرامات والصيانات والإصلاحات والدراسات والاستشارات والاستقبالات والإطعام والمبيت.. وما خفي كان أعظم، ويفرض اليوم، مع بزوغ هلال الجدية، إجراء عمليات فحص من قبل المفتشية الولائية عن مصداقية هذه العمليات التي استرسلت منذ حوالي 25 سنة، وعن المستفيدين منها، وبماذا استفاد منها التسيير ؟
وطالبنا مرارا بإعطاء الأولوية في الميزانيات للتجهيز، الذي يهم الرباطيين، وللتطوير في الخدمات الجماعية، خصوصا في مجالات التعمير، والصحة البلدية، ووضع خريطة تتضمن تسميات الشوارع والساحات مع توضيح مفصل لأسباب النزول على كل حالة، وبناء مراحيض عمومية، وتوفير حضانات لاستقبال أطفال الأمهات العاملات، وتشييد أندية لكبار السن وأخرى لتقديم المساعدة والنصح للمرضى ومرافقتهم لقضاء حاجياتهم في المصالح الراعية لملفاتهم… إلخ.
ففي عصرنا، وقد هيمن الذكاء الاصطناعي على كل مناحي الحياة، لم تعد بتاتا ميزانية الجماعة تليق بعاصمة عظيمة، لا في محتواها المالي ولا في سيرورة عناوين فقراتها الجد متجاوزة، وهذا ما ننبه إليه: “قاطرة الجماعة الجديدة” من رئيس ونواب ومساعديهم ورؤساء اللجان، كلهم يتحملون مسؤولية تردي هذه الميزانية، وليعملوا متضامنين متماسكين على كساء العاصمة بوثيقة مالية على مقاسها، تكون ملبية، سواء في المداخيل أو النفقات، للحاجيات الضرورية واللازمة لخدمة الرباطيين لإدخال السعادة عليهم.
فميزانيات العاصمة “يا حسرة” مثقلة بالضرائب والرسوم والإتاوات، وهي مواردها الرئيسية من جيوب الرباطيين، مقابل “لا شيء” – إذا صح التعبير – ففي رسم الخدمات الجماعية رقم 18-10-30، تجبي الجماعة من المواطنين حوالي 31 مليارا سنويا على ما تقدمه لهم – حسبها – من خدمات، وتأخذ من المهنيين ما يناهز 26 مليارا عن الرسم المهني، وحتى الإقامة في المؤسسات السياحية تجبي منها رسما مفروضا بحوالي مليار ونصف… إلخ، وعندما تبرمج النفقات، لا ولن تصادف سوى التعويضات وكل ما يدخل في صنف الريع.
هذا هو الموجه إلى “القاطرة الجديدة” لمجلس الجماعة، وذلك للعمل على تصحيح الوضع بسن سياسة مالية لإسعاد الرباطيين وليس لـ”تبراع” المنتخبين وموظفيهم.