تحت الأضواء | توقعات باكتساح جيل جديد من الإسلام السياسي للحياة السياسية
قراءة حسن أوريد لما وقع بعد "طوفان الأقصى"
الرباط – الأسبوع
قال الباحث والمؤرخ والروائي حسن أوريد، أن الإسلام السياسي كان القوة الأكثر تنظيما مع اندلاع “الربيع العربي”، مما جعله يجني قطوفه، فانتقل من المعارضة إلى مزاولة السلطة وإن كان من العسير الحديث عن توليه الحكم، وأوضح أن “انتقال الإسلام السياسي، أو الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، من الخطاب إلى المسؤولية، يعد تحولا جوهريا في المنطقة، ولم يعد ممكنا، وفق هذا التحول، تقييم الأحزاب الإسلامية التي زاولت السلطة بناء على الخطاب، وإنما على الأداء، ولم يكن الأداء يرقى إلى الخطاب، في كل من تجربة حزب الحرية والعدالة في مصر، وحزب النهضة في تونس، وحزب العدالة والتنمية في المغرب، ويظل وضع حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن حالة خاصة، لأنه لم يزاول السلطة أو لم يُشرك فيها في هذه الحقبة”.
وحسب أوريد، فإن الإسلام السياسي انهزم بعد فشل الأحزاب المنتمية إليه والتي زاولت السلطة في المغرب وتونس مع اختلاف أسباب كل حالة وخصوصية كل بلد، مضيفا أن الفشل يظهر جليا مع تراجع حزب النهضة في الاستحقاقات الانتخابية بتونس، والهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية المغربي في انتخابات 2021، وهو التعبير المستعمل للتدليل على كبوة حزب العدالة والتنمية.
وقال أوريد أن البعض عزى أسباب التراجع إلى تغليب الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية للبعد القُطْري، والاهتمامات الداخلية، وهو ما يتنافى وتوجهات الإسلام السياسي الذي يتعالى على البعد القُطري، والنزوع إلى البراغماتية المفرطة في تحالفات هجينة، أو غير طبيعية، وإلى افتقاد ثقافة الدولة، وإلى الإفراط في التمسك بالسلطة، ولو على حساب مرجعيتها، وتساءل: ما هو مصير الإسلام السياسي، أو الأحزاب الإسلامية ذات المرجعية الإسلامية بعد “طوفان الأقصى”؟ هل تستعيد عنفوانها، وتجدد حياتها، وتستقطب حالة الغضب المستشرية في الشارع ؟
هناك مؤشرات تُظهر عودة الاتجاهات الإسلامية، بنسب متفاوتة، بشكل علني في الأردن، وبشكل واضح في المغرب، وضامر في مصر وتونس، بالنظر إلى طبيعة النظامين، يقول حسن أوريد، معتبرا أن “طوفان الأقصى” شكل نقطة تحول جديدة في المشهد السياسي في العالم العربي، نلمس تأثيره في الحضور القوي للاتجاهات الإسلامية في الشارع، في الأردن والمغرب، وفي السجال حول قضايا آنية، كما في إصلاح مدونة الأسرة في المغرب، أو العودة بعد كمون، وجماعة “العدل والإحسان” المغربية التي قدمت ما أسمته بـ”الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان”.. فهل سيُسعف الوضع الجديد في انبعاث الإسلام السياسي بعد الكبوة التي اعترته؟”.
وأبرز أوريد أن هناك عناصر موضوعية، أو قارة، شكلت قوة دفع للإسلام السياسي، منها الغطرسة الغربية، وارتهان حكومات في العالم العربي للغرب، من خلال خيارات سياسية واقتصادية وثقافية معينة، وهيمنة نخب متغربة، حيث كان الإسلام السياسي في جزء كبير منه ردا على الغطرسة الغربية، والنخب المتغربة، والارتهان للغرب، والعنصر الثاني، هو أن بؤرة الإسلام السياسي كانت دوما المشرق العربي وما يعتمل فيه من أحداث، منها هزيمة 1967، وحرب الخليج الثانية (1991)، والحرب على العراق (2003)، إذ أفرز كل سياق زمني مرجعية نظرية ومنظرا وغلبة حركة تنظيمية معينة”.. فهل تستطيع الاتجاهات “المعتدلة”، أو “البراغماتية” التي طبعت المرحلة السابقة، أن تستعيد عنفوانها، أم أنها تحمل لعنة التواطؤات، وخيارات غير موفقة، وأن الزمن زمن اتجاهات لا ترى في الاعتدال خيارا، ولا البراغماتية سبيلا ؟
وختم حسن أوريد حديثه عن الإسلام السياسي بالقول أن هناك موجة جديدة في الأفق لجيل جديد من الإسلام السياسي، مع فاعلين جدد، وخطاب جديد، وتنظير جديد، أما من يركبون الموجة، فهم يمهدون السبيل لجيل جديد من الإسلام الحركي لا غير.