الرباط – الأسبوع
بلديات مدن متآخية مع عاصمتنا في حركة مستمرة للبحث عن الجديد والنافع لمواطنيها وحصريا لمواطنيها من اقتصاد، وسياحة، وتعليم ابتدائي وأولي، وشؤون اجتماعية بكل حاجياتها، ودبلوماسية شعبية، وصحة محلية، وتدخلات مختلفة لقضاء حوائج القاطنين، ونقل مريح… إلخ، فمهامها المكتوبة الواجبة عليها والمنظمة بقرارات تضبطها بهيكلة إدارية والاجتهادات، والاقتراحات، والملاحظات، تنظمها لوائح داخلية لمجالسها، فلا مجال لتداخل الاختصاصات بين أعضائها، ولا فوضى في الجلسات المقننة بموجب القانون الداخلي، فلا خروج عن نصوصه ولا عرقلة لسيرها، والمحدد بتوقيت معين وبشرط تقديم مذكرة في الموضوع تتداول إجباريا في أشغال اللجنة المختصة، وتحدد موقفها ويقرر المجلس على ضوئها، وبكل صراحة، فمجالس العاصمة بعيدة كل البعد عن هذا الانضباط، وهي تتناقض حتى مع قوانينها الداخلية ومع الانتماء الحزبي المسيس للأعضاء، وهذه طامة كبرى، تميط اللثام الذي تختبئ فيه وجوه، بينما الواقع شيء آخر، وهو واقع مفروض حزبيا ومرفوض شعبيا ومنبوذ ديمقراطيا.. واقع ثلة من المنتخبين المحميين بانتماءاهم الحزبية، والمتصرفين والمديرين للأملاك والخيرات الجماعية، والمبتدعين لتعويضاتهم وامتيازاتهم ولأسفارهم.. وما خفي أعظم وفي العاصمة “يا حسرة”.
فكيف تسلط “الجفاف” على الخلايا الدماغية لممثلي المواطنين في مجالس الرباط، التي تكاسلت عن إحيائها بتنشيطها لتفعيل هرمونات الإبداع الفكري المنتج للجديد في الأنشطة الجماعية والمقاطعاتية ولو باقتباس هذه الأنشطة من الذين سبقوهم بقرن في الممارسة النيابية، وفي السلطات الشعبية، وفي التسيير المعقلن لشؤون مواطني مدنهم، فأضافوا من اجتهادهم إقامة مهرجانات وكرنفالات وتكريم لأبطال وشخصيات وإحياء تقاليد وعادات محلية، وكل هذه المناسبات لها هدف واحد، هو إسعاد سكانها.
نحن في عاصمة المملكة، وما فئتنا نكرر ذلك، لنا نواب لا ينوبون عنا، بل يفتخرون ويدعون أنهم مستشارون وأعضاء ورؤساء ونواب، ويزكون “بدعتهم” إما بالسيارات الموضوعة رهن إشاراتهم أو بالمكاتب المؤثثة من أجلهم بالزرابي والمزينة بالديكورات ومختلف التجهيزات.. فكيف لهم بالنزول من أبراجهم إلى القواعد الشعبية، وهم مرفوعون بأصوات المواطنين وبسلطاتهم وضرائبهم حتى أنهم انسلخوا عن واجباتهم نحو ناخبيهم، ومنها الدفاع عنهم والابتكار في التقرب منهم بالمشاريع والأنشطة والمبادرات التي يجتهدون في إبداعها، وليس لـ”التسمر” في المكاتب والمجالس لتصريف أشغال روتينية إدارية حتى تحولوا إلى شبه عاملين إداريين.. فهل يحتاجون إلى عملية “تخصيب لأفكارهم” حتى يتشبهوا بزملائهم في بلديات مدن ما وراء البحار ؟