الرباط | أين شعار “الإدارة في خدمة المواطنين” ؟
الرباط – الأسبوع
اعتدنا على التكيف مجبرين لا مقتنعين ولا مؤمنين باللافتات المعلقة عند أبواب دخول بعض الإدارات، وقد ثبتت بعناية في أماكن استراتيجية تخبر الوافدين عليها: “الإدارة في خدمة المواطنين” وكأن هذه الإدارة لها مهام أخرى من غير “خدمة المواطنين”.. هذا من حيث التنظير، أما في الواقع المعاش، فالإدارة أداة لتقديم ما هي مكلفة بتنفيذه، من تسوية وثائق يحتاجها الرباطيون في أغراضهم وجلها تفرض عليها رسوما، لكن المشكلة ليست في الإدارة حتى نطالبها بخدمة المواطنين، فهذه الخدمة حق دستوري واجب عليها مقابل الضرائب التي تتقاضاها من المرتفقين، فأم المشاكل هم المنقذون الموظفون وأغلبهم وجدوا أنفسهم منقذين لأشغال تكلفوا بها دون تكوين أو دراية أو حتى معرفة بأغوارها وخفاياها، والأفظع من هذا كله، أن تتقمص المجالس المنتخبة، وهي – كما هو معلوم وموثق – مؤسسات مواطنة تستمد كل صلاحياتها مباشرة من الرباطيين، وهي بذلك برهان ساطع لتفعيل الديمقراطية بممارسة الحكم من وإلى الشعب، إنما هذه المجالس أخطأت عندما سمت منقذي اختصاصاتها بـ”الموظفين”، وما هم بموظفين ولا تابعين لنظام الوظيفة العمومية الذي بدأ في التراجع والاندثار بدليل حذف وزارة الوظيفة العمومية منذ حوالي عقد والاكتفاء بمديرية تابعة لجهاز عمومي، ريثما في المستقبل القريب يشهد تراجعا كبيرا في الوظيفة العمومية.
ونعود إلى المجالس المواطنة وخدامها الذين هم في الحقيقة خدام الرباطيين، من أجلهم موجودين لقضاء أغراضهم ومن جيوبهم يتقاضون أجورهم وتعويضاتهم وامتيازاتهم، ولا علاقة لهم بالصنف الوظيفي العمومي، وهم عندنا في الرباط جماعيون، وحسب الشعارات هم “في خدمة الرباطيين”، فما معنى في “خدمة”؟ معناها: مجندة ومعبأة لتسهيل الحصول على ما يطلبونه في احترام تام للقانون، وفي حالة تعذر لأسباب مسطرية، تكون النصيحة والتوجيه والمساعدة التقنية للإرشاد إلى الوجهة المكلفة، وهذا ما يتطلب تكوينا واستعدادا نفسيا مهيئا سلفا لخدام الجماعة المرؤوسين من رئيسة مجلسها والمستمدة سلطاتها من الرباطيين أصحاب هذه السلطات، وبالتالي، على هؤلاء الخدام اعتبار هذا الامتياز الدستوري في تعاملهم مع المواطنين، الممولين الحقيقيين لرواتبهم وكل امتيازاتهم.
فهل وصلت الرسالة الدستورية إلى من يعنيهم أمر احترام وتطبيق شعار الإدارة في خدمة المواطنين؟ ثم من المكلف بحماية هذه الخدمة للرباطيين؟ وجولة في دواليب مرافق المجالس، لا شيء يوحي بتاتا لا بحسن الخدمة ولا بجدية التعامل، خصوصا في المصالح الساهرة “يا حسرة” على تنفيذ خدمات القرب، وجل المجالس أبعدت هذا القرب.
إنه انفلات عن الأهداف المتوخاة من تسخير الانتخابات لاختيار مجالس من أعضاء متضلعين في السياسة محنكين في الإدارة، متفهمين في الشؤون الاجتماعية، متبحرين في العلاقات الثقافية.. لقد ولى زمن المجالس بدون تخصصات مكتفية فقط بالتزكيات الحزبية.