الرباط | هل يتم تأسيس مجلس أعلى للمجتمع المدني ؟
الرباط – الأسبوع
تكلف مقتضيات دستورية المجتمع المدني، بالتأطير والتنظيم والتمثيل للمواطنين، دون تعزيزها بالإمكانيات المادية والبشرية واللوجستيكية المرصودة للأحزاب، وقد أثبت هذا المجتمع فعاليته وكفاءته، ولنا في العاصمة نماذج برهنت على نضالها في الإبداع لخدمة الرباطيين وتلبية حاجياتهم، بل وإسعادهم بحفلات أو رحلات وتسوية ملفات، ولا يمر أسبوع دون إقامة نشاط معين بمختلف الأماكن وبتعميم الدعوة للحضور بالوسائل الحديثة، حتى تفوق المجتمع المدني بأنشطته المتعددة والمتنوعة على ما تقدمه مؤسسات هي الأخرى دستورية – شعبية – لكنها تتقمص هيبة الإدارة لتتقوى بها على المواطنين، وما كانت لتفعل ذلك لولا الإمكانيات الضخمة الموضوعة رهن إشارتها والقوانين التي تخدمها.
إن تطور المجتمع الرباطي يفرض اليوم تسوية الوضعية القانونية للمنتظم المدني المعترف له بالمصلحة العامة، بنفس الحقوق الممنوحة للمجالس المنتخبة، من موارد مالية وغيرها، مع واجب تتبع السير العادي لهذه المجالس، وكلما لاحظت إهمالا أو خروجا عن الهدف التمثيلي، نبهتها كتابيا، ثم رفعت ملاحظاتها إلى السلطات المعنية إذا لم تلتزم بتصحيح اعوجاجاتها.
والكل يعرف الشروط المفروضة للاعتراف الرسمي بالمجتمع المدني والإقرار بالمصلحة العامة، إذ لا يمكن ممارسة مهامه إلا بعد نشر هذا الاعتراف في الجريدة الرسمية، وإخضاع مسيرته إلى إجراءات جد دقيقة.. فلماذا يبقى متفرجا على هذه الفوضى الضاربة أطنابها في منتديات منتخبة وملزمة دستوريا بخدمة الرباطيين؟ لماذا لا تسند إلى المجتمع المدني، المعترف له بالمصلحة العامة والموجود في وضعية قانونية، مهام الملاحظ، على ضمان تمثيلية الرباطيين، وعلى حسن تدبير شؤون مدينتهم من قبل منتخبيهم، وبما أنه لا يوجد نص تشريعي يسمح بذلك، فيكفي تأسيس “مجلس أعلى مؤقت للمجتمع المدني” من الممارسين الحاليين، يقوم بدور الملاحظ بصفة مؤقتة ريثما يصدر قانون في الموضوع، فربما هذا هو الحل لتقويم اعواجاجات بعض المجالس التي فقدت مصداقيتها لدى الرباطيين.
وعندنا في العاصمة نموذج من هذا المجتمع المدني، الذي برهن على كفاءة عالية ونضال مرير ومكلِّف للارتقاء بالرباط إلى منصة عاصمة الثقافة الإفريقية وبوسائل جد بسيطة، عظمتها الإرادة الفولاذية للمناضلين الحقيقيين الذين لا يستفيدون من أي امتياز، ولا سلطة ولا جاه، ولهذا المجتمع الرباطي انتشار في كل الجهة بهيكلة محلية مختارة بشكل جيد.
فلعل سنة 2024 تحمل معها الجديد لحماية الناخبين من تجاوزات المنتخبين، وتقديم بديل يساير عصرنا الحالي، ويلبي طموحات الرباطيين، ويعيد الاعتبار للنضال كفعل وليس كطعم لاصطياد المغفلين.