حديث العاصمة | ميزانيات ومخصصات العاصمة لأزمنة قبل عصر النهضة الرباطية !
أخطاء جسيمة ترتكبها مجالس العاصمة دون استدراك لفظاعتها.. أخطاء بمثابة مرآة تعكس صورة الفائزين بثقة الناخبين القائمين المكلفين بقيادة عاصمة المملكة المتبحرة في الثقافة، والذين تشهد على مستواهم السياسي والإداري والثقافي وثائق رسمية مدبلجة، يصعب استيعابها أو تصديق تنزيلها من أجهزة النخبة المنتخبة لتمثيل وتسيير وحماية عاصمة الثقافة من الخدش والمس بها، ومع ذلك تثبت تلك الوثائق بمثابة قانون مالي سنوي، في شكل ميزانيات تتمتع بها الجماعة ومجلس العمالة والجهة، ومخصصات منها لتدبير المقاطعات، بغض النظر عن اللغتين الركيكتين والمتنافرتين مع بعضهما، هناك المضمون النقدي المبعثر في تبويب لا علاقة له شكلا ومضمونا بمدينة رائدة في العرفان ومبدعة المصطلحات الإدارية، والمصنفة مؤخرا عاصمة ذكية ووجهة عالمية للسياحة، وهذا يعزل نوابها في خانة بعيدة كل البعد عن تطلعات الرباط الجديدة التي انطلقت كالصاروخ نحو العواصم الذكية، بينما بعض ممثليها تشبثوا بمقاعدهم حتى “لا تطير” معها، واستمروا في لغوهم الدائر حول المحجوب علينا، وإذا ما اكتشفه الثائر: الذكاء الاصطناعي، فسيحلله ويفضح مغزاه دون حاجة إلى تدخل بشري.
ونعود إلى الأخطاء وما أكثرها، ولن يجنب العاصمة منها إلا قانون خاص للمدينة التي كبرت على ممثليها بفضل عصر النهضة الرباطية وقد أسسه المشروع الملكي، فمنذ حوالي 10 سنوات والحارس على تنفيذ هذا المشروع يؤسس لأوراش لم يكن للرباطيين أدنى تصور على ماهيتها منذ تشييد الأنفاق والقناطر والنقل الحضري والفضاءات الخضراء وورش “الريفيرا” الأول في القارة الإفريقية.. أخطاء عانت منها العاصمة ولا تزال، لأنها مثبتة بالقانون المالي، ومحمية من قرارات المجالس التي تشهد بمطابقتها واحترامها للمساطر الجاري بها العمل، من مداولات ومناقشات وتبويب لحاجيات تسيير عاصمة المملكة انسجاما مع النص الذي يفرض تحضير “ميزانية التسيير” بدلا من “ميزانية التنظيم للمرافق”، فانكب المنتخبون على هذا التسيير” غير المشروط بالتطور والإبداع واللمسات الجديدة” وكأنهم مجرد منفذين لتنزيل ما هو مسطر على الوثيقة المالية التي تعود بفقراتها وأبوابها ورموزها إلى عصر انمحى بالقضاء على تخلف العاصمة من دواوير قصديرية و”جوطيات”، وظلت تلك الوثيقة على ما هي عليه من بؤس “البريكولاج” المرافقي، وتضخيم نفقات الريع، من تعويضات وأجور وتأمينات وإتاوات وأتعاب ومنح وغرامات على أخطاء لا يعاقب من تسبب فيها، ولكن يؤدب الرباطيون بأداء تلك الغرامات من ضرائبهم، مما شجع التمادي في ارتكاب، بقصد أو بدونه، ما تحكم عليه المحاكم بالملايير الثقيلة تقتطع من الميزانية لتعويض المتضررين، وباختصار، فالميزانيات والمخططات يجب أن تتكلف بالدرجة الأولى بدعم الإنجازات بإضافة المزيد وليس الاكتفاء بالتسيير والصيانة والترميم في كل سنة، فالعارفون بأسرارها يفهمون الفرق بين “ميزانية التسيير الحالية” و”ميزانية التطوير المرافقي” في عصر النهضة الرباطية التي نقترحها.