جهات

حديث العاصمة | الرباط.. عاصمة النضال الإفريقي

بقلم: بوشعيب الإدريسي

 

    كما كانت عبر القرون الماضية، ظلت مدينة الرباط ذلك الإشعاع الروحي المستمد من الضريح الشريف، روضة أحفاد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وتلك الخزانة الثقافية الجامعة المانعة لعصارات الأفكار المشبعة بالهدي الثقافي لنقباء وعلماء وعمداء العلم، فاستحقت التقديس والاحترام من كافة المؤمنين والريادة المعرفية ليس في العالم العربي فحسب، وإنما حتى في إفريقيا، وقد تبنى المغرب في أوج سطوة وقوة وسيطرة المستعمر على إفريقيا، مبادرة تحرير إخواننا في جنوبها وشمالها بعدما أرسى دواليب مرافق الدبلوماسية والدفاع ووزارة للشؤون الإفريقية، وسخرها لخدمة القضية القارية الأولى للمملكة: تخليص الإنسان الإفريقي من طغيان ودكتاتورية المستعمر، الذي مارس كل أنواع المهانة والتعذيب والاستغلال والميز العنصري، فأجلت المملكة استكمال وحدة أراضيها في سبيل جعل الأجزاء المحررة منها قواعد إقامة للزعماء الأفارقة، للاتصال بالعالم للتعريف بمعاناة بلدانهم، فاستقبلت المناضلين باتريس لومومبا، ونيلسون مانديلا، وفرحات حشاد، وغيرهم كثير، وكانت إقامتهم هنا في الرباط بفندق قيد الترميم اليوم بعدما رفض تغيير هندسته وشكله حفاظا على الذاكرة الإفريقية.

تتمة المقال تحت الإعلان

ودائما، وفي الخمسينات، احتضن المغرب أول اجتماع للزعماء الأفارقة وكانوا لا يتجاوزون أصابع اليد، لمساندة ودعم البلدان المستعمرة، وفي ذلك الوقت لم يكونوا يملكون سوى الوطنية الإفريقية ووقوف المملكة مع أخواتها ماديا وسياسيا وميدانيا وتضحية بتأجيل استرجاع باقي أجزائها، وغيظ المستعمر بتأسيس وزارة للشؤون الإفريقية، ومجابهته بتأسيس على أراضيها أول منظمة إقليمية هي “منظمة الوحدة الإفريقية”، وللتاريخ، سميت ساحة وسط الرباط بـ”ساحة الوحدة الإفريقية”، وغير بعيد منها، أطلق اسم مناضل إفريقي على شارع يحمل اسم باتريس لومومبا… إلخ.

وكانت الرباط أرضا للقاءات المناضلين الأفارقة، ومحرابا لأداء شعائرهم الدينية في عشرات المساجد، وفي كنائسها للمسيحيين، وفي البيعات اليهودية داخل حي الملاح وحي حسان.

وإذا ارتضى الأفارقة اليوم تتويج العاصمة الرباط بلقب “العاصمة الثقافية” لهم وهي عاصمة روحية للقارة كلها، فمن الإنصاف والاعتراف بما أسدته للقضية الإفريقية، منحها لقب عاصمة النضال الإفريقي، اعتبارا لما وضحناه أعلاه، لذلك نتمنى من المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، إعداد كتاب في موضوع كفاح المملكة من أجل إفريقيا يقدم للأجيال الإفريقية التي ستحل ببلادنا من أجل متابعة تظاهرة “الكان 2025” بالمغرب.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى