تحت الأضواء | نقابات تكشف رغبة الحكومة في القضاء على التعليم العمومي

الرباط. الأسبوع
لا زالت معركة النقابات التعليمية مع الحكومة مستمرة في الميدان من خلال استمرار التنسيق النقابي في الإضراب العام وتوقف الدراسة في جميع المؤسسات التعليمية العمومية، وعدم تجاوب الكثير من الأساتذة مع دعوات بعض النقابات الموالية للحكومة، مثل نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل من أجل عودة أتباعها إلى أقسام المدارس والعودة للحوار.
ورفضت العديد من التنسيقيات والهيئات النقابية مقترح رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بفتح حوار جديد مع النقابات عبر لجنة وزارية مكونة من شكيب بنموسى وفوزي لقجع ويونس السكوري، لمناقشة الإشكاليات المطروحة، حول النظام الأساسي للتعليم وتفادي الشد والجدب، معتبرة أن تصريحات مسؤولي الأغلبية هروبا إلى الأمام عوض التعجيل بالاستجابة للمطالب الملحة لنساء ورجال التعليم، وهدما لما تبقى من الثقة في مؤسسات الدولة، خاصة بعدما تحدى الوزير عبد اللطيف وهبي الشغيلة التعليمية بتصريحات استفزازية وغير مقبولة زادت فقط من شحن الأجواء.
ويتهم النقابيون وزارة التربية الوطنية بالتملص من اتفاقها ووعودها، بعدما قامت بتهريب مشروع النظام الأساسي من طاولة الحوار وعرضه على المجلس الحكومي للمصادقة عليه في شتنبر الماضي، قبل توصلها بالمقترحات والملاحظات من قبل النقابات المتعلقة بالجانب القانوني والمادي والفئوي، والترقيات ووضعية الشغيلة التعليمية، والحسم في النقاط الخلافية، مما وضع بعض النقابات المقربة من الحكومة في ورطة أمام قواعدها وأتباعها.
في هذا الإطار، قال عبد الله غميمط، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم/ التوجه الديمقراطي، أن خرجات مكونات الأغلبية في شخص رئيس الحكومة ووزير العدل، خرجات غير بريئة، فهي تصريحات استفزازية لنساء ورجال التعليم لأنهم يدعون غير ما يفعلون، ففي الوقت الذي يتحدثون فيه عن الحوار، تقوم الوزارة بتنزيل المراسيم التطبيقية للنظام الأساسي. إذن، عمليا يقومون بالتنفيذ وتزامنا معه يتحدثون عن استعدادهم للحوار، فكيف سيكون الحوار؟ ومع من؟ أسئلة لم تجب عنها الحكومة، التي خرجت في إطار التضامن الحكومي تهاجم شغيلة التعليم وتبخس مطالبهم وتكذب على الشعب في القنوات الرسمية.. يتحدثون عن زيادة 2700 درهم في حين لا توجد أي زيادة في الأجور، بينما عرض الوزارة يتضمن فقط ملف إحداث إطار لخارج السلم لفائدة أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي والملحقين في الإدارة والاقتصاد والتربويين.
وأوضح نفس المصدر، أن هذا الإطار لم تأت به الحكومة الحالية، وإنما كان عليها أن تلتزم بتنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011، الذي هو اتفاق للحكومة مع المركزيات النقابية، والذي لم ينفذ في عهد حكومتي بن كيران والعثماني، والآن مع حكومة أخنوش، ولم يتم الالتزام بتنفيذه، أما بالنسبة للعرض الذي قدمته الوزارة، فيقتصر على إحداث خارج السلم بالنسبة للأطر التعليمية مستوفين شروط الخدمة لأكثر من 24 سنة ابتداء من يناير 2024، مع العلم أن أكثر من 200 ألف موظف وموظفة يوجدون في السلم 10 وأقل منه، يتقاضون 5000 درهم و4500 درهم، والمساعدين الإداريين والتقنيين 3500 درهم، بحيث لا توجد أي زيادة في الأجور، والعرض الذي تتحدث عنه الحكومة هو مرفوض من قبل نساء ورجال التعليم من خلال المسيرة والإضرابات الحالية، والعروض المتعلقة بالملفات المطلبية بالنسبة لـ: المقصيين من خارج السلم، “زنزانة 10″، المستشارين في التوجيه والتخطيط، المبرزين، الدكاترة، الملحقين بالإدارة والاقتصاد، الملحقين التربويين والاجتماعيين، المفتشين، المتصرفين، المحررين، المهندسين، ومربيات التعليم الأولي، الغير مدرجات في النظام الأساسي.
ووصف غميمط تصريحات رئيس الحكومة ووزير العدل وهبي بـ”الاستفزازية وغير المسؤولة التي تنم عن عدم جدية الحكومة، وتؤكد أنه لا يهمها لا تعليم ولا صحة ولا قضايا، يهمها فقط افتراس القطاعات الاجتماعية، ورفع أسعار جميع المواد ومجموعة من القطاعات الاجتماعية تمت خوصصتها، والآن يريدون استهداف التعليم العمومي من خلال تنزيل النظام الأساسي، الذي سيضر بمكتسبات وحقوق شغيلة التعليم، وسيخرج قطاع التعليم من الوظيفة العمومية إلى القطاع الخاص، وهذا ما نرفضه، حيث جاء في الدباجة الأولى نمطان للتوظيف في النظام الأساسي: النمط الأول، “التوظيف في إطار الخدمة الدائمة والوظيفة القارة” خصص له 384 منصبا مفتوحا لموظف قار في قانون المالية 2024، وخصصت 20 ألف منصب للنمط الثاني عبر التوظيف بالعقدة، بمعنى أن النظام الأساسي الآن أخرج الأساتذة من القطاع العام إلى الخاص، حيث أن النظام الأساسي أصبح يتضمن نمطين من التوظيف: نمط الخدمة القارة للموظفين القدامى، ونمط العقدة المخصص للأساتذة الجدد.
وحسب نفس المصدر، فإن هناك مكتسبات يجب الحفاظ عليها عبر إبقاء جميع الموظفين في نظام الخدمة العامة القارة، وإلحاق الأساتذة المفروض عليهم التعاقد بالوظيفة العمومية، وأن يخضعوا لنظام الخدمة الدائمة في إطار الوظيفة، وغير ذلك يعد بمثابة جنازة للتعليم العمومي، حيث أن الصراع في عمقه بين اختيارين، اختيار للحكومة التي تريد إخراج قطاع التعليم من الوظيفة العمومية، واختيار ثاني تمثله المعركة التي يخوضها نساء ورجال التعليم الذين يتمسكون بنظام أساسي ضمن الوظيفة العمومية، تكون جميع المناصب المالية لجميع الموظفين كاملة في الوظيفة العمومية بمناصب مالية مركزية، يتم إدماج حتى أطر التعليم الأولي الذين لا تعترف بهم الوزارة فيه.
إن تصريحات الحكومة تعتبر هروبا للأمام ومحاولة لخلط الأوراق، وتطبيق خطة “أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم”، لأن رجال ونساء التعليم مصممون على الاستمرار في المعركة ولن يعودوا للأقسام إلا إذا تم سحب النظام الأساسي والاعتذار لهم وتوقيف مساطر الاقتطاعات من الأجور، آنذاك يمكن الرجوع إلى الحوار، وتبدأ المفاوضات على قاعدة المطالب المطروحة وليس على أساس اتفاق 14 يناير، الذي أسس لهذا النظام الأساسي، يقول ذات المصدر، رافضا التسويق لأخبار كاذبة في وسائل الإعلام الرسمية حول زيادة 2700 ردهم لفائدة 220 ألف موظف، في حين أن أكثر من 200 ألف من الأطر التعليمية والإدارية يتقاضون أقل من 5 آلاف درهم ويشكلون الثلثين، بينما زيادة 2500 درهم تتعلق بالأساتذة خارج السلم والذين اقتربوا من التقاعد وقضوا 30 سنة من الخدمة، في حين أنها ليست زيادة.