الـــــــــــرأي

الرأي | بين الشباب والمشيب (1)

بقلم: نور الدين الرياحي

    وأنا أتصفح “الفايسبوك”، اطلعت على تغريدة قصيرة ولكنها عميقة لزميلة عزيزة في موضوع يشغل الإنسان منذ زمن طويل، بل تعرضت له الكتب السماوية وأشعار الشعراء وكتابات الأدباء ولوحات الفنانين، والثقافات الشعبية والعلوم الطبية والنفسية والدراسات السيكولوجية، وغناه المطربون، والأمر في غاية البساطة، ذلك أن الموضوع يرتبط بجسم الإنسان وكيانه الداخلي وانعكاس ذلك على النفسية الإنسانية عموما، والحقيقة أننا جميعا انصب اهتمامنا به، لأنه ضيف مقلق يحل بنا إما في أوج شبابنا فيزيد من قلقنا، وهو توقيت لا يليق بقوة الشباب وعنفوانه وإن زاده جمالا ووقارا أحيانا، وإما يحل في وقته العادي وهو الشيخوخة، وفي هذا الوقت لا يلام لأنه أتى معلنا عن ذهاب وفقدان الشباب الذي نتحسر عليه إيذانا بالدخول إلى عالم قريب من الآخرة.. إنه بكل اختصار الشيب الذي يخلق عند صاحبته أو صاحبه عند حلوله بغتة، حالة نفسية مختلفة، وهي بالنسبة للمرأة أكثر من الرجل، لا لشيء إلا لأن من سمات جمالها لون شعرها وعدم التفكير في أمور الدنيا التي تثقل كاهلها والتي هي عادة متروكة للرجل الذي كتب الله له القوامة والبحث عن مصادر العيش بالجهد والتفكير والنفقة على شؤون الأسرة.

وقد وصف الشعر الجاهلي المرأة الجميلة المدللة، وتعددت أشعار الشعراء في كل ما يخص المرأة دون أن ينسى وصف شعرها الفاحم وهو الشديد السواد الكثير كقنوان النخل بغدائرها المدفوعات والمرتفعات، ولو عاش امرؤ القيس الذي وصف المرأة بهذا الوصف ووجد بأن الجميلات وغير الجميلات على حد سواء في عصرنا وقد أصبحن مثل الرجل، يستفقن في الفجر ولا يلبسن تلك الثياب المهفهفة ويقصدن العمل ويفكرن في البيت والزوج والمطبخ وسط زحام وسائل النقل وإزعاج الهواتف والحواسيب والتحرير والجري وراء لقمة العيش تحت بذل العمل، والمعاناة مع الرجال أزواجا أو زملاء أو أصدقاء إلا من رحم ربك، ويفكرن في المستقبل حتى إذا هجمت على رؤوسهن شيبة بيضاء ذكرتهن بقرب رحيل الشباب الذي ينبغي أن يكون لهن دائما، فالمرأة هي ذلك المخلوق الذي يتجدد جماله في كل سن وحقبة من حقب العمر المتسارع، لذلك يجثم الشيب بمثابة ثقل كبير على المرأة ليس فقط في شبابها، ولكن كذلك حتى في متأخر عمرها، لأنه لا يليق لنا أن ننعتها بالشيخوخة، فهي مثل الخمر – كما يقول الشعراء – كلما ازدادت عمرا ازدادت لذة وجمالا وحسبها كذلك.

لكن كيف فسر العلماء ظاهرة الشيب، هل هي أصبحت مقرونة بالضغط الذي يعاني منه الإنسان رجلا أو امرأة يوميا، والذي هو سمة عصرنا وإن كان الجانب الجيني يحكم ذلك ولكن نادرا وفي حالات معينة، أم نتيجة الكد والسعي في طلب العيش وتحسينه، أم في طول سنوات الدراسة والتخصص، أم في الابتعاد عن الطبيعة واختلاط المأكل والمشرب بعدد من المؤثرات التي تفقد الجسم البشري مناعته وقوته واستعمال الأدوية خلال فترات الحمل التي من شأنها التأثير على الجنين وهو لا زال في بطن أمه، إلى غير ذلك من أسباب ظهور الشيب الذي لا زالت الأقوال والآراء فيه متضاربة ؟

تتمة المقال بعد الإعلان

ففي موضوع مشيب المرأة، قال الشاعر علقمة الفحل، الذي يظن نفسه خبيرا بأدواء النساء طبيب وإن أخطأ طبه:

فإن تسألوني عن النساء فإنني                 بصير بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قل ماله                   فليس له في ودهن نصيب

تتمة المقال بعد الإعلان

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى