حبوب الهلوسة والقنب الهندي عنوان أزمة جديدة بين المغرب والجزائر

أعادت أزمة مكافحة المخدرات، التي يرمي كل من المغرب والجزائر بتصاعدها على الطرف الآخر، العلاقات بين الجارتين إلى ذروة التأزم، مع ربط مزدوج لأزمة المخدرات بتمويل الإرهاب.
الحدود البرية بين الجارتين طويلة وتبلغ 1559 كم، أو 1601 كم لو أضفنا إليها 42 كم من حدود الجزائر مع الصحراء الغربية التي يعتبرها المغرب أرضا مغربية. هذه الحدود تقول كل جهة إنها مصدر لتهريب المخدرات إلى البلد الآخر، وهو ما يستخدم في تمويل “العمليات الإرهابية”، كما يقول الطرفان.
تعاون أم مزايدة؟
والتطور الأحدث في هذا السياق، هو دعوة الرباط للسلطات الجزائرية الأربعاء إلى الانخراط في محاربة الجرائم العابرة للحدود، لا سيما الاتجار في المخدرات “دون أي مزايدة عقيمة”، في رد مباشر على الاتهامات الجزائرية المتوالية للمغرب بإغراقها بالمخدرات.
ودعا بيان صادر عن الداخلية المغربية خلال ندوة صحافية، السلطات الجزائرية إلى الانخراط في نهج بناء يهدف إلى محاربة تلك الجرائم، معتبرا أن الجزائر تشكل عائقا للمغرب الذي يكرس جهوده للقضاء على هذه الجريمة.
واعتبرت الرباط أنها حققت تقدما كبيرا من جانبها في هذا الصدد، إذ استطاعت بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تقليص المساحات المزروعة من 134 ألف هكتار إلى حوالي 47 ألف هكتار (ناقص 65 في المئة)، على أساس أن يتم تقليص هذا المساحة إلى أقل من 30 ألف هكتار.
وخلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية، أكدت السلطات المغربية أنها حجزت أزيد من 100 طن من الشيرا (القنب الهندي المعالج)، وفككت 98 شبكة للاتجار بالمخدرات، مشددة على أن هذه الجهود يتم الإشادة بها من قبل أوروبا التي انخرطت فيها عبر مجموعة الأربعة (المغرب، إسبانيا، فرنسا والبرتغال).
وحسب السلطات المغربية، فإن الجزائر “لم تتخذ أية مبادرة واختارت بدلا من ذلك نهج سلوك لا يسعى سوى إلى التنقيص من جهود المغرب” وذلك “بدلا من السعي إلى الدعوة لاجتماع اللجنة الفرعية المكلفة بمكافحة المخدرات التابعة لاتحاد المغرب العربي التي تترأسها”.
مصدر لتمويل الإرهاب
وربط المغرب هذه الظاهرة بتمويل الإرهاب، إذ يعتبر أن تهريب السجائر انطلاقا من الجزائر يبقى هو مصدر التمويل الأساسي “للشبكات الإجرامية” بما فيها الشبكات الإرهابية التي تنشط بمنطقة الساحل، موضحا أن الجزائر هي المصدر الأكبر للأقراص المهلوسة القادمة للمغرب.
وسبق للسلطات الأمنية المغربية أن أعلنت منذ بداية 2014 عن حجز أكثر من 143 ألف وحدة من الأقراص المهلوسة، فيما بلغ العدد سنة 2013 أكثر من 450 ألفا من أقراص الهلوسة.
“شدوا مخدراتكم علينا”
هذه الاتهامات، جاءت على خلفية تصريحات لمسؤولين جزائريين تتهم المغرب بالتقصير، وتؤكد في المقابل، أن المغرب هو المصدر الرئيسي للقنب الهندي والمخدرات، التي باتت تستعمل في تمويل الجماعات الإرهابية.
ففي تصريحات للديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان الجزائري، فإن قرابة مائة طن من القنب الهندي جرى حجزها من طرف مصالح الأمن والجمارك الجزائرية خلال النصف الأول من العام الحالي.
وأوضح الديوان أنه تم “حجز 95592 كلغ من القنب الهندي خلال الشهور الستة الأولى من هذه السنة، مقابل 70202 كلغ خلال نفس الفترة من العام الماضي 2013″.
وحسب المدير العام للديوان بالنيابة، محمد بن حالة، فإن كمية المخدرات المهربة من المغرب باتجاه الجزائر أو بصدد تمريرها باتجاه مناطق الشرق الأوسط وأوروبا، ارتفعت بنسبة 36 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي”.
وووجه رئيس الوزراء الجزائري عبد الملك سلال انتقادات للمغرب على خلفية ما وصفه بـ”تدفق مئات الأطنان من المخدرات الآتية من أراضيه إلى الجزائر على اعتبار أن المغرب يعد أول منتج عالمي لمخدر القنب الهندي”.
ونقلت صحيفة الشروق الجزائرية عن سلال قوله للمغرب “أمسكوا مخدراتكم علينا يهديكم الله” وذلك خلال زيارة قام بها إلى محافظة تلمسان (600 كم شمال غرب العاصمة الجزائر).
وأضاف “لدينا معلومات مؤكدة تفيد بأن أموال المخدرات أصبحت تشكل خطرا على أمن واستقرار المنطقة، لأنها تمول المجموعات الإرهابية”، متهما صراحة “بارونات المخدرات بالمغرب بتمويل الجماعات الإرهابية في المنطقة، خاصة منها تلك المرابطة بجبال الشعانبي بتونس”.
وأوضح سلال أن “الجزائر أصبحت منطقة عبور للمخدرات المغربية، ورغم الكميات الكبيرة المحجوزة، إلا أنها لا تشكل سوى نصف الكميات التي تعبر، والتي يستهلك نصفها بالجزائر وتحول كميات أخرى إلى الخارج”.
ويبقى المغرب رغم انخفاض المساحات المزروعة أول المنتجين العالميين للقنب الهندي حسب تقارير دولية، حيث يبلغ الإنتاج السنوي استادا إلى تقديرات التقرير السنوي للمكتب الأميركي الخاص بتتبع مكافحة المخدرات في العالم، 2000 طن سنويا، منها 1500 طن توجه إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وتعيش الجزائر أزمة مع المغرب منذ عقود على خلفية قضايا عدة أبرزها قضية الصحراء، إذ تتهم الرباط الجزائر بدعم الإنفصاليين في مخيمات تندوف.
المصدر: موقع راديو سوا