الرأي

الرأي | “الارهاب” بين مقتل مغربيين في مالي ونهاية أبو عدنان

بقلم: عبد الله بوصوف

    مقتل السائقين المدنيين المغربيين يوم الاحد 12 شتنبر بمنطقة ” ديديني ” البعيدة عن مدينة باماكو عاصمة دولة مالي بحوالي 300 كيلومتر.. مُحملين بالمواد الغدائية و الأدوية.. هو عمل إرهابي جبان.. لا يمكننا السماح له بالمرور مرور الكرام أو تجاهل حدوثه أو تغييب نتائجه و آثاره.. ليس فقط لأننا كُلِمْنا كمغاربة في مدنيين نحسبهم شهداء عند الله.. و لكن لأن الحادث هو بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة..

فليس خافيا على أحد اليوم، ما تعرفه منطقة دول الساحل الافريقي ( مالي، النيجر، تشاد، بوركينافاسو، وموريتانيا) من احداث عنف و قتل و خطف و تهريب و غيرها من الاحداث الدموية التي تقوم بها تنظيمات إرهابية تعلن في كل مرة عن مسؤوليتها عن هذا الحادث الإرهابي او ذاك.. إما طلبا لفدية بمبالغ مالية بالعملة الصعبة، أو لتركيع الأنظمة المحلية والتي تعرف بعض دولها عدم الاستقرار و إنقلابات متعددة لأنظمتها (موت رئيس تشاد و انقلاب بوركينافاسو و انقلابيْـن في مالي في 24 و 30 ماي 2021..)، أو استعراض قوة هذا التنظيم الإرهابي أو ذاك.. خاصة بين القاعدة و داعش..

كما انه ليس خافيا على أحد وهذا بفضل زخم الإنتاجات الفكرية و التحقيقات الصحفية العديدة حول ظاهرة التنظميات الإرهابية بدول الساحل.. ان المنطقة أصبحت مرادفا لأسماء العديد من التنظيمات الإرهابية وفروعها.. كالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي و”بوكو حرام” و انصار الدين و حركة التوحيد والجهاد في دول غرب افريقيا وانصار الشريعة والمرابطون والملثمين والموقعون بالدم وغيرها من التنظيمات التي تهدد بشكل كبير السلم والامن سواء بافريقيا أو بالعالم..

ان حالة اللاستقرار السياسي و إنعدام الأمن والعنف وعرقلة الطرق التجارية كانت من بين الأسباب التي سهلت من أمر تنظيم عملية “بَرْخان” الفرنسية في غشت 2014 كان الهدف منها هو الحد من تقدم التنظيمات الإرهابية و منع الامدادات عنهم، كما أعلن عن تقليص عدد الجنود و اقفال بعض القواعد العسكرية الفرنسية  بالمنطقة.. نشير فقط ان عملية “برخان” حلت محل عملية “سرفال” والتي انطلقت بطلب من الحكومة المالية في يناير من سنة 2013..

و سيُعلن الرئيس الفرنسي “ماكرون” في يونيو من هذه السنة عن نهاية عملية “برخان” بعد خسائر بشرية سواء داخل البعثة الفرنسية أو المدنيين بدول الساحل.. إضافة الى خسائر مالية فاقت مليار أورو فقط سنة 2020، ليتم تعويضها بعملية  “تاكوبا” والتي انظم اليها عدد مهم من الدول الغربية الى جانب فرنسا.. كما أن عملية “تاكوبا” تهدف الى تدريب جيوش ما يُعرف ب “جي 5 الساحل” و المرافقة و تقديم الدعم اللوجيستيكي و كذا الاستخباراتي..

وبعد أربعة أيام على مقتل السائقين المغربيين (12 شتنبر) و ما رافق ذلك من استنكار واستهجان العديد من المؤسسات القارية و الدولية ومن بينها السلطات في دولة مالي.. سيعلن الرئيس الفرنسي “ايمانويل ماكرون” يوم 16 شتنبر عن مقتل الإرهابي “عدنان أبو وليد الصحراوي” فهو من جهة زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، ومن جهة أخرى فهو عضو في البوليساريو..

ويقف تنظيم الإرهابي “ابوعدنان الصحراوي” وراء العديد من العمليات الدموية الإرهابية،  كقتل عمال الإغاثة الفرنسيين مع سائقيهم النيجيريين سنة 2020 والهجوم على القوات الامريكية في النيجر سنة 2017، و يُضاف الى سِجله الدموي مقتل السائقين المغربيين في شتنبر 2021.. كما يقدم هذا التنظيم الإرهابي خدمات كبيرة لتجار المخدرات والأسلحة وتجار البشر والعصابات الاجرامية والتنظيمات الإرهابية العابرة للقارات..

وهي بالمناسبة نفس الملفات التي سردها خطاب العرش لسنة 2021 الذي عرض على الجزائر العمل سويا من اجل القضاء عليها، و اعتبرها العدو الحقيقي المشترك بين الدولتين الشقيقتين..

بمعنى أوضح ان المغرب قدم تشخيصا قويا وواقعيا للوضع في منطقة الساحل.. لكن جنرالات الجزائر تعرف ان العمل سويا مع المغرب يحمل في طياته إعلانا عن موت الجماعات الإرهابية في المنطقة و تفكيكها، و من ضمنها جماعة “ابو عدنان الصحراوي” و قبله الإرهابي الجزائري  “المختار بلمختار”، وهو ما يعني ان مخيمات تيندوف لا تستقبل فقط شرذمة البوليساريو، بل أيضا مجموعات و تنظيمات إرهابية.. أصبحت مكشوفة للعالم بفضل تقدم التكنولوجيا ووسائل الرصد والبحث  وتبادل المعلومات الاستخباراتية.. وهو ما يعني دق ناقوس الخطر القادم من مخيمات تأوي عصابات إجرامية وتجار البشر والسلاح والمخدرات ومجموعات إرهابية عابرة للقارات..

يعتبر إعلان تبني العمليات الإرهابية من طرف التنظيمات أحد كْلاَسِيكيات عملها.. لكن لوحظ في قضية مقتل السائقين المغربيين.. انه لم تعلن أي جماعة إرهابية عن تبنيها للعملية الجبانة.. كما ان الإرهابيين القتلة لم يلتفتوا الي البضاعات المحملة في الشاحنات (الغنيمة)، أضف ان الإرهابيين كانوا مجهزين بأسلحة متطورة و أجهزة إتصال لاسلكي..

فهل كان الإرهابي ابوعدنان الصحراوي.. يقدم أولى نتائج المقاطعة الديبلوماسية مثلا.. ام كان رسالة ترهيبية لمنع السلع المغربية من الوصول للعمق الإفريقي.. بعد هزيمة معبر الكركرات المغربي في الصحراء المغربية..؟

الأكيد أن إعلان فرنسا عن مقتل الإرهابي ابوعدنان الصحراوي، عضو البوليساريو وزعيم الدولة الاسلامية في الصحراء الكبرى، هو ضربة قاسمة لكيان البوليساريو ولجنرالات الجزائر.. التي تُشهر في العَلَن رغبتها في التعاون مع مؤسسات المنتظم الدولي للقضاء على التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل  الإفريقي، بينما تعمل سرا و تحت خيام تيندوف على اشباع بُطون الإرهابيين وتسليحهم وتزويدهم بمعلومات استخباراتية وأجهزة اتصال لاسلكية.. من أجل زعزعة أنظمة دول الساحل الخمسة بالإضافة الى عرقلة التجارة الدولية و قتل المدنيين الأبرياء.. والعسكريين سواء في العملية الفرنسية “برخان” أو العملية الأوروبية “تاكوبا”.. فأي مستنقع وقع فيه حُكام الجزائر..؟ و رحم الله السائقين المغربيين شهداء الواجب الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى