الرأي

الرأي | الشعب بين الشباب والاغتصاب

بقلم: الحسين الدراجي

    المغرب بلدي الجميل، أجمل ما فيه أن الله اختار له موقعا جغرافيا متميزا، حيث يطل على بحرين هامين، المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، كما أنه حباه بكل ما تجود به الطبيعة الخلابة من جبال وغابات وصحراء، الأمر الذي يشكل شروطا أساسية لجلب السياح، أما فواكهه وخضره وثماره فلا تعد ولا تحصى، مصداقا لقوله تعالى: ((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها…))، كما أن بلادي تتميز بثروات معدنية ظاهرية وباطنية. كل هذه الظروف يعيشها شبابنا بشيء من القناعة والافتخار، فالشباب في المغرب، والحمد لله، يتمتع بصحة جيدة، ولكن هناك عوامل تجعله يعيش غبنا وحقدا، بسبب البطالة التي زادها بلاء “كورونا” ضغطا على نفسية الشباب، ولقد علمنا أن شبابنا يقضي ليله في المقاهي أو متكئا على الجدران يحملق فيها، وينتظر الفرج، حيث سبق أن سقنا في هذا الصدد، المأساة التي عاشها ثلاثة شبان ينتمون إلى نفس العائلة ولهم شهادات جامعية بحثوا عن الشغل حتى تورمت أرجلهم، وشاركوا في عدة مباريات دون جدوى، ولما لاحظوا أن أبناء أحد جيرانهم تمكن من التوظيف عن طريق الوساطة، أقدم أحد الإخوة الثلاثة على الانتحار.

كان الله في عون شباب كرسوا سنين طويلة لدراستهم، ليرتموا في آخر المطاف في أحضان البطالة.

ومن المعلوم، أن لكل شاب طموح في الزواج وتكوين أسرة وعيش حياة كريمة، هنا يطيب لي أن أذكر لكم القرار الجريء الذي اتخذته السلطات المصرية والأردنية، بتنظيمها لحفلة زفاف مشتركة حظي فيها المنعم عليهم بكل لوازم الفرح، إطعاما وشربا، ولباسا، وصداقا رمزيا، وبما أن هذين البلدين يعانيان من أزمة السكن، فقد اتفق الأزواج على أن يبيتا يوما عند عائلة الزوج واليوم الثاني عند عائلة الزوجة، وأطلق على هذا النوع من القران اسم “بوي فراند”

(boy friend)، وهكذا أصبحت كل عائلة تتحمل مصاريف العريسين، في انتظار البحث عن عمل.

لا ننسى أن الشباب له أحاسيس ومشاعر غريزية يجب عليه أن يلبيها ويستجيب لها، لأن الحق سبحانه وتعالى خلق الزوجين من آدم وحواء ليعمروا الأرض ويضمنوا استمرار البشرية عن طريق الإنجاب، فكل شاب يحمل في داخله رغبة عاطفية لا يمكن كتمانها، لذلك نجد شبابنا الطائش يبحث عن “المتعة” بكل الوسائل، ومن بين هذا النوع من الذين ينتابهم شعور مزيج بين الانحلال الأخلاقي والكراهية، هؤلاء الذين يختارون أسهل الطرق عن طريق اختطاف الضحايا والاعتداء عليهم، وأسوق لكم نموذجا من هذا الشعور العدواني، من شاطئ السعيدية في الستينات، ذلك أن سائحة أجنبية فاتنة الجمال كانت تأتي يوميا إلى الشاطئ للاستفادة من منافع الشمس، وكان أحد العمال يراقب حركاتها وهو في انبهار، حيث اختار ذات يوم ساعة القيلولة، ليهجم على الفتاة ويعتدي عليها(…)، وقد شغلت هذه الحادثة الرأي العام مدة طويلة، وغابت عن الشاطئ الفتيات والنساء، خوفا من أن يلقين نفس المصير.

فلماذا لا نطبق الطريقة التي اختارها إخواننا المصريون والأردنيون، وننظم أعراسا جماعية لنسعف الأزواج الفقراء على الاستقرار وتكوين أسر، بعد أن نقوم ببحث حول حالتهم الاجتماعية؟ وفي هذا الصدد، أذكر أن بلدية فاس قامت بنفس التجربة في وقت سابق، ونالت رضى الناس وتشجيعهم، وأظن أن معظم البلديات بالمغرب، رغم ضعف ميزانياتها، يمكنها أن تقوم باكتتاب لدى أغنياء المدينة وتشركهم في هذا العمل الخيري العظيم، ولهم في ذلك ثواب وامتنان يجعل من المجالس البلدية مسرحا للتنافس، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

وقد يتساءل المرء لماذا يختار المغتصبون الأطفال الصغار؟ أولا لأن الأطفال لا حول لهم ولا قوة تمكنهم من صد المعتدي، حيث أن هؤلاء المجرمين لا يجرؤون على محاولة اغتصاب الكبار، أما عدد حالات الاغتصاب فلا يعلمها إلا الله، لأن معظم العائلات تفضل الاحتفاظ بالسر بدلا من الفضيحة، وكم من ضحية لازالت تعاني من تبعات الاعتداء عليها، خشية العار، وكم من مغتصب يعيش اليوم بين الناس وهو يبدو في حلة الرجل المتقي لله المؤدب والمهذب يتمتع بسمعة طيبة في الحي وقد انطبق عليهم البيت الشعري:

إن الأفاعي وإن لانت ملامسها            عند التقلب في أنيابها العطب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى