قضية ملعب الرباط… الجنازة كبيرة، والميت فأر ..
بقلم المهندس خليفي حميد
واجب التحفظ جعلني أراقب عن بعد ردود أفعال غير طبيعية في النقاش العمومي على وضعية أرضية المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، إشكالية خلفت شعارات مختلفة و متضاربة في حق الوزارة الوصية على القطاع، لكن ترويج بعض المغالطات التي لا تقدم ولا تؤخر بل و تساهم بطريقة غير مباشرة في تضليل و إلهاء المجتمع عن واقعه الحقيقي و إحداث جدل عميق وكبير مقابل تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل المهمة و ترك القضايا الأساسية للبلاد، كل هذا و ذاك، أثار انتباهي و جعلني أتدخل و أتطرق لهذا الموضوع.
أولا و بكل صراحة استغربت من الهالة الإعلامية الإلكترونية التي رافقت مشكل أرضية هذا الملعب وزاد استغرابي بعض المواقف ووجهات النظر الغبية و العبيطة حين أرى أشخاص يتحدثون بكل وقاحة عن ما أسموه بالعار و الشوهة و الفضيحة إلخ …التي حلت بالمغرب !!!
إلى كل هؤلاء أقول : بالله عليكم، ألا تحسون بالعار عندما نجد الإقدام على الحمل في المغرب العميق رعب و مخاطرة غير محسوبة العواقب ولحظة المخاض والولادة إشراف على الموت و مجازفة قد يكون ثمنها الحياة ؟؟
أليست من السخرية وجود حالات عديدة للزواج المبكر دون السن القانونية والذي يتم إبرامه بطريقة بدائية عن طريق” الفاتحة” و الذي يتسبب في إنتاج جيل من الأطفال بدون هوية محرومين من حقوقهم الوطنية والدستورية بسبب غياب عقد يشرع العلاقة بين الزوج والزوجة ؟؟
ألا يستفزكم أن يحصل المغرب على مراتب ضعيفة دوليا في نسبة الأمية التي تناهز 30% و تتجاوز 55% في المناطق القروية الشيء الذي يكلفنا 1.3 من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل 10.3 مليار درهم ؟؟
أليست من الفضائح الثقيلة أن تكون حصيلة الفيضانات تقارب 50 قتيلا وآلاف المشردين بالإضافة إلى انهيار مئات المنازل وانقطاع الطرق وتضرر شبكة الكهرباء فباتت 250 قرية على الأقل “معزولة” و أعلنت بعض المدن “مناطق منكوبة” كما أن السيول والأمطار أدت إلى انهيار قناطر من بينها ما شيد حديثا ناهيك عن التعليق المؤقت للدراسة في عدة مناطق جنوب المغرب بسبب سوء أحوال الطقس ؟؟
كفى كفى فييييق أبنادم باراكا من العبث، الاتحاد و التضامن خاصو يكون على المعقول ماشي على التخربييييق و الخوا الخاويييي !!!
أما إن أردتم أن نجمع التوقيعات لإعفاء الوزراء الذين سُجلت أخطاء في القطاعات التي يسهرون عليها فأظن أن اللائحة ستكون طويلة و ستعصف بمعظم أعضاء الحكومة :
وزير الصحة :
- مشاكل كبيرة و متواصلة يعاني منها المغاربة في قطاع الصحة، خصوصا في العالم القروي و المناطق النائية، فمنهن من تلد مولودها في ممرات المستشفيات في غياب تام لمن يهتم بها، هذا إن ساعفها الحظ لكي تصل إلى المستشفى.
- نقل جثامين ضحايا فيضانات الجنوب على متن شاحنات لنقل الازبال.
- مستشفيات تفتقر إلى أدنى المقومات والمواصفات لا من حيث الطاقم الطبي العامل و لا جودة المعدات الطبية المستخدمة فيها.
وزير التجهيز و النقل :
- وفاة مواطنين في الفيضانات، انقطاع الطرق وانهيار قناطر بنيت منذ مدة قصيرة.
- ميسورون يستفيدون من رخص النقل الطرقي و رخص استغلال المقالع.
- رداءة البنيات التحتية للطرق خصوصا عند حلول فصل الشتاء.
وزير السكنى و سياسة المدينة :
- السقوط المتواصل للدور الآيلة للسقوط وما نتج عن ذلك من وفايات و خسائر مادية جسيمة.
- قتلى وجرحى في انهيار منزلين بالدار البيضاء و منزل بآسفي.
رئيس الحكومة :
- الصلاحيات التي أعطاها لنفسه في العفو عن ناهبي المال العام الذين تسببوا في إفلاس العديد من المؤسسات العمومية، ونهبوا ميزانيات العديد من المشاريع، واستولوا على آلاف الهكتارات من الأراضي، وساهموا في تخلف البلاد وتوسيع دائرة الأمية و الجهل والفقر والأمراض.
- زلات وأخطاء وخرجات غير محسوبة، ورط من خلالها الدولة المغربية أمام المنتظم الدولي، منها تلك المتعلقة بالبروتوكول، وأخرى كالأزمة الدبلوماسية بين الحكومتين المغربية والبلجيكية، خلال استقباله لوزير الخارجية البلجيكي، الذي كان مرفوقا بوزيرة العدل السنة الماضية، عندما خاطبه قائلا: “لست بحاجة إلى اصطحاب مترجمة، لأنني أتقن الفرنسية جيدا”، في إشارة منه إلى وزيرة العدل.
وزير التعليم العالي :
- مصرع طالب داخل حرم و أسوار الجامعة، إذ يعد هذا حدث استثنائي وخطير في الجامعة المغربية.
- تسجيل تناقض و اختلاف شاسع بين ردّة فعل الوزير لدى علمه بمقتل طالب يساري، وبين طريقة تعامله مع حادثة مقتل طالب إسلامي بسبب الانتماء الأيديولوجي.
وزير التربية الوطنية :
- الوضعية الكارثية التي تعيشها المدارس و المؤسسات التعليمية في العالم القروي.
وزير العدل :
- توظيف مقربة كرئيسة مصلحة، علما بأن الوزارة لم تعلن عن إجراء مباراة للتوظيف في المنصب المذكور بعيدا عن كل معايير الشفافية والنزاهة.
- الاقتطاع من أجور المضربين بوزارة العدل أيام عيد الأضحى.
- تملص وزارة العدل من فتح تحقيق في ملف معطل أضرم النار في جسده لمعرفة حقيقة ما جرى.
- إيقاف امرأة احتجت أمام وزارة العدل .. ابنتها قالت أن الوزير رد عليها بان الاعتقال جزاء كل من يحتج..
وزير الاتصال :
- ورط المغرب عبر تصريحات لامسؤولة أمام إحدى شركات التأمين العالمية و تسبب للمغرب في خسارة مليون دولار أمريكي في ظل الظروف الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة التي يمر منها المغرب.
و بغض النظر عن الوزير الذي أنفق من المال العام و سدد 900 أورو مقابل زجاجتي شمبانيا و آخر حجز فندق بأكمله لإبنه إلخ… و غيرها من الأخطاء اللائحة طويلة و طويلة…
شتان بين هؤلاء و وزير الشباب و الرياضة، فعندما يتم البث في جملة الأخطاء الخطيرة السالفة الذكر يمكننا آنداك أن نتحدث عن السيد أوزين و المشكل التقني لوضعية العشب بالملعب الرياضي بالرباط.
يمكننا آنداك أن نبرز التجاوب السريع الذي قام به السيد أوزين بفتح تحقيق داخل وزارته لتحديد المسؤوليات
يمكننا آنداك أن نتحدث عن الانجازات و البرامج الاستراتيجية التي ينهجها السيد الوزير في تدبيره لقطاع الشباب و الرياضة نذكر منها :
- أولا إقناع الفيفا بإسناد احتضان المندياليتو للمغرب
- إخضاع الجامعات الملكية المغربية للالتزام ببنود دفتر تحملات دقيق
- تطهير الوزارة من المفسدين وجوانب القصور و الاختلالات التي كانت تعيشها
- الانفتاح و التواصل الالكتروني الذي يعتمده عبر المواقع الاجتماعية للتواصل مع الشباب و كذا التواصل المباشر الذي اعتمدته الوزارة لأول مرة على الصعيد الوطني عبر برنامج لقاءات شبابنا
- رغم ضآلة ميزانية الوزارة لكنها تظل حاضرة دائما و بقوة في كافة التدشينات
- إلخ…
و في الختام أذكر بأنه يجب تقدير الأمور بقدرها و عدم المبالغة و إعطاء الأشياء التافهة أكبر من حجمها، فمن الضروري على الرأي العام عدم الانشغال بالهامشيات و الأمور الجانبية، فإن التركيز على المسائل السطحية البسيطة يمنع الاهتمام بالإصلاح الأساسي، لأن المجتمعات البسيطة تتسم بالاهتمام بالتوافه المخجلة بدل الاشتغال على عظائم الأمور.
مقال ولا أروع وأقوال في محلها تتستحق القراءة والإشادة شكرا لك كاتب المقال على رأيك الواضح الفصيح وصراحتك ونظرتك لهدا المجتمع