الرأي

الرأي | قضايا وآفاق وتحولات اجتماعية

بقلم: المختار العلوي

    في ظل الثوابت والمتغيرات والتحولات الاجتماعية التي عرفها المجتمع المغربي ومظاهر التمدن في المدار الحضري وانتشار وكثافة البناء الإسمنتي العشوائي الغير منتظم، واقتصاد الريع وتدخل الوسطاء والسعي إلى الربح السريع بالغش، وعدم تجويد الخدمات وغيرها، ينضاف إلى هذا، التوجه الغير معقلن والمتسرع والمناسباتي، مما أثر على هندسة وتركيبة المشهد الحضري الذي أصبح يفتقد لخصوصية وأصالة الحارة والحي والتجمعات السكنية، بعد هيمنة المتاجر والمطاعم وغياب أو اختفاء دور الثقافة والسينما ودور الشباب والمرافق الرياضية.

ففي الوقت الذي كثر فيه الحديث وبإسهاب عن مدونة الأسرة، وتناسلت وتضاربت الأقاويل والآراء والتحاليل والتعاليق، حيث أصبحت المدونة مادة دسمة خلقت جدلا واسعا استهلاكيا مفتوحا في المجتمع المغربي بين الرجل والمرأة والأولاد في ظل القانون والشرع والفقه والأحكام والشريعة الإسلامية السمحة المعتدلة، ورعيا للعادات والتقاليد، فإن جوهر هذه المسألة الاجتماعية يتطلب منا تسليط الضوء على الخيط الرفيع لهذه المعادلة وهو تجسيد وتفعيل ثقافة الاعتراف بدور الأسرة ككل بعد تقدير وتوقير الأجداد والآباء والأمهات في ظل كينونة وصيرورة المجتمع المغربي، مع التركيز على دور المرأة الصالحة في المجتمع، والتي تكلم عنها الرسول الكريم، فكثيرا ما أثبتت الدراسات والتجارب أنها كانت دائما حاضرة وفاعلة في عمق العمل الاجتماعي لدرجة أنها كانت في أغلب الأحيان والمواقف والحالات الحرجة، مضحية حتى بسكنها وصحتها ومالها ووقتها وتدخلاتها المفيدة النافعة، وحرصها الكبير على راحة وسعادة زوجها وتدبير شؤونه انطلاقا من تحويل بيت الزوجية إلى ملاذ ومزار يسطع بالهدوء والسكينة، ويغمره التفاؤل بالمستقبل المشرق رغم الإكراهات والمعيقات المتمثلة في إشعال الفتنة والحسد والكراهية وإذكاء عوامل الهدم وتخريب العلاقة الزوجية من افتعال مشاكل وعراقيل تمس حياة الزوجين، بل تتعداها إلى استغلال حق الميراث وعصيان ما أوصى به الله ورسوله والوالدين بعد غيابهما، والمحاولة في الترامي عليه وعدم احترام الآخر ونسج وتلوين حملات تضليلية تنهل من القيل والقال والتدخل في الشؤون الداخلية للزوجين ومحاولة التفرقة بينهما والنيل منهما وهم غير مكترثين بأن هناك رزاق وحافظ واحد هو الذي يمهل ولا يهمل.

تتمة المقال تحت الإعلان

كل ذلك مفاده هو محاولة الانفراد والتفرد بالتمتع بما تركه الوالدان، علما بأن الله جلت قدرته في ظل هذا التوجه والانسياق اللاإنساني واللاأخلاقي، عوض سبحانه وتعالى بفضله وفضل هذه المرأة الصالحة المتميزة الطيبة، هذا الرجل، بعائلة نموذجية أبا عن جد، فكانت حاضنة راعية له بالاحترام والتقدير والعطاء، حيث رق قلبه لأم ثانية حنون وصهر أخ كريم بمعية مودة واحترام أخته المثالية ومواقفها ومبادراتها الطيبة.

إن المتأمل والملاحظ الذي يفتح أعينه على تداعيات ومسببات المشاكل الاجتماعية التي تنخر جسد المجتمع المغربي تتعلق بالمسألة التربوية المرتبطة بالتعليم والتكوين والوعي بأهمية المدرس ومربية الأطفال التي تعتبر بمثابة الأم الثانية التي تزكي الحياة الأسرية، فكثيرا ما حرمت من استحقاقاتها المادية وحقوقها وواجباتها الأساسية والضرورية في متابعة عملها، كالضمان الاجتماعي وظروف العمل المواتية والملائمة، وهنا نسجل دعمنا ومباركتنا للمجهودات وجلائل الأعمال التي تقوم بها أغلب المؤسسات التعليمية والتربوية بالمغرب والخارج.

عود على بدء، هناك آفاق كبرى منتظرة تتبع إخراج مدونة الأسرة إلى حيز التنفيذ، في ظل هذه الصحوة التي يعرفها المجتمع المغربي على جميع الأصعدة رغم التحولات الطارئة عليه داخليا وخارجيا، يبقى الأمل المنشود ولتنال رضى الله ورضى أمير المؤمنين الملك محمد السادس، ورضى الأجداد والآباء والأمهات، حتى تؤسس، ونسعى في توطيد التراضي والرضى بين الزوجين لينعكس ذلك على مجتمعنا المغربي الأصيل المتفتح، ونتمنى له كل خير فهو يستحق كل خير مادام الله حافظا وهو أرحم الراحمين الذي هو فوق كل اعتبار قبل رد الاعتبار منا ومني ومن الآخر ليكون رد الاعتبار مشتركا لنا جميعا.   

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى