الرأي | كيف يساهم الإعلام في تكريس اللاوعي المجتمعي
بقلم: زهير أهل الحسين
“الجماهير هي اللاعب رقم 12″، “الملعب بدون جماهير يظل بدون توابل”، “عرس كروي كبير بكل ما تحمله الكلمة من معنى”، “شيبا وشبابا حجوا عن بكرة أبيهم من أجل تشجيع فريقهم المفضل غير مبالين بعناء السفر ولا بأحوال الطقس”، “كرة القدم أصبحت نمط حياة بالنسبة للكثيرين”، “يا له من تيفو جميل جسدته إبداعات المشجعين”، “كرة القدم توحد الشعوب، وما تعجز عنه السياسة تقوم به الرياضة”، “حتى الآباء حضروا من أجل تشجيع أبنائهم كدعم معنوي”، و”سارع إلى الاشتراك في مباريات الموسم الجديد لتستمتع بأقوى لحظات الدوري”..
بهذه العبارات الديماغوجية والشعبوية للإعلام الرياضي والتي أصبحت لازمة عند جل المعلقين الرياضيين عندما يقومون بالتعليق على مباراة ما، سواء تعلق الأمر بالبطولة الوطنية أو بمباريات المنتخب الوطني، يتم “تبنيج” ذهنية الجماهير بكونهم بيت القصيد في مباريات كرة القدم، وهذا ما يعرف في الثقافة الشعبية بـ”غرارين عيشة” أو “بياعين لعجل”.. كمن يبيع لك السجائر ويقول لك بأن التدخين يساهم في زيادة التركيز وتهدئة الأعصاب، لكن لن يخبرك بأنك تقوم بإدخال ثاني أوكسيد الكاربون إلى جسمك، وأنه يسبب العديد من الأمراض مثل اصفرار الأسنان وضعف اللياقة البدنية وسرطان الرئة.
وعلى منوال الإعلام الرياضي القطري سار الإعلام الرياضي المغربي في تخصيص قنوات خاصة لمباريات كرة القدم، من خلال النقل المباشر أو إعادتها للمبنجين بحبها، ناهيك عن التحاليل التي لا تنتهي ما قبل وأثناء وبعد المباراة، لكن الإعلام الرياضي ليست له الجرأة الأدبية المنتظمة في الربط بين مباريات كرة القدم وانعكاساتها المجتمعية على بنية المجتمع المغربي، مثل الشغب الرياضي، والوهم الهوياتي، والاصطدامات التي تقع بين المشجعين ورجال السلطة، وملفات الشغب الرياضي التي تثقل كاهل القضاة والمندوبية العامة لإدارة السجون، والحالة المزرية التي يتنقل فيها المشجعون في تريبورتورات وممارسة التسول بشكل مناسباتي “خويا عاون الفريق”، وأحد أسباب الهدر المدرسي، واستهلاك المخدرات، والتعصب الرياضي، والاضطرابات النفسية التي يصاب بها المشجع في حالة فوز أو انتصار فريقه، وغيرها من العاهات المجتمعية بسبب “فيروس” كرة القدم.
حاصل القول: الإعلام /الرياضي هو سيف ذو حدين: قد يعمل على توعية الشعب وانتشاله من الجهل، كما قد يعمل على تزكية اللاوعي المجتمعي كوعي مجتمعي.
حين يستيقظ هؤلاء القاصرون من بنجهم، ويريدون تأسيس أسرة وتحمل أعباء المسؤولية، يكون القطار قد فات.. “ذيك الساعة سير عند فرقتك قول ليها اعطيني باش نعيش، ياك حياتك كلها وانت تابعها”، أو يغني مع محمد عبد الوهاب: “أنا من ضيع في الأوهام عمره”..