كواليس الأخبار

تحت الأضواء | لأول مرة.. مجلس بوعياش يهاجم وهبي والتامك

الرباط. الأسبوع

    كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقرير يتضمن رأيه حول مشروع القانون 10.23، المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، عن وجود اختلالات وثغرات وإشكالات متعددة، تتنافى مع المعايير الدولية لمعاملة السجناء.

وحسب تقرير المجلس، فإن مشروع القانون يثير مجموعة من الملاحظات التي رغم طابعها الشكلي، فإنها لا تخلو من تأثير على مضمون المشروع ووضوح مقتضياته، مسجلا غياب ديباجة لنص مشروع القانون، علما أن الديباجة تضطلع بدور مهم في فهم أهداف القانون التي دفعت المشرع إلى سنها، ورغم وجود مذكرة تقديمية مرفقة بالمشروع، إلا أنها لا يمكن أن تحل محل الديباجة وتظل غير ملزمة من الناحية القانونية، مبرزا غياب تعاريف لبعض المفاهيم الأساسية ويتعلق الأمر بـ”المؤسسات السجنية”، و”مراكز التأهيل والإصلاح والتهذيب”، حيث تم الاقتصار على تحديد وظائفها، كما تتضمن مقتضيات مشروع القانون عبارات ومصطلحات غير دقيقة تحتمل تفسيرات متعددة، مما يؤدي إلى التباس وغموض معناها وتضارب في تأويلها، خاصة فيما يتعلق بإضفاء نوع من الضبابية على علاقة نزلاء المؤسسات السجنية بالإدارة.

تتمة المقال تحت الإعلان

وسجل المجلس ملاحظات حول المخاطر التي ينطوي عليها استعمال بعض العبارات، من قبيل “يجوز”، “إلا عند الضرورة”، “حسب الإمكانيات المتاحة”، “في حدود الإمكان”، “حسب الإمكان”، “قدر الإمكان”، و”النظام والأمن”، معتبرا أنها تمنح للإدارة سلطة تقديرية واسعة قد يساء استخدامها، كما أنها تنزع الطابع الإلزامي عن بعض الحقوق الأساسية للسجناء، ويحول التزام الدولة لحماية حقوق السجناء من التزام بالنتائج إلى مجرد التزام بالوسائل، مضيفا أن المادة 156 من مشروع القانون تثير إشكالية غموض مفهوم “النظام والأمن”، فالنص يمنح مدير المؤسسة السجنية صلاحية منع أي سجين من الحصص الرياضية بقرار معلل، لأسباب تتعلق بالنظام والأمن، ولكن لا يوضح دلالة هذين المصطلحين، ومن شأن هذا الغموض أن يمس بحق تمتع السجين بحصص التربية البدنية والرياضة التي تعد جزء مهما من النظام الصحي والنفسي.

وانتقد التقرير وجود كثرة الإحالات على نصوص تنظيمية مكملة للقانون، يرتبط معظمها بتفعيل الحقوق الأساسية للسجين، وتطرح هذه الإحالات إشكاليات عديدة مرتبطة بآجال إخراج هذه النصوص إلى حيز الوجود، وضمان انسجامها مع المعايير الدولية ذات الصلة بحماية حقوق السجناء، ولمعالجة هذه الثغرات الشكلية، يوصي المجلس بتدقيق لغة المشروع من خلال تضمن مشروع القانون ديباجة تقدم التأطير الشامل لجميع التحديات التي تشهدها السجون المغربية، وتحديد أهداف المشروع بشكل دقيق وبارتباط وثيق مع حماية الحقوق الأساسية للسجناء، ووضع تعريفات دقيقة لعبارات “المؤسسات السجنية”، “النظام والأمن”، “مراكز الإصلاح والتأهيل”، و”المؤسسات السجنية ذات نظام شبه مفتوح”، واستبدال كلمة “لا يجوز” بمصطلح “يمنع”، في جميع مواد مشروع القانون.

واقترح مجلس بوعياش وضع معايير موضوعية قابلة للقياس بخصوص مضامين المصطلحات “شديد الخطورة”، “درجة الخطورة”، “شخصية المعتقل”، “السلوك القويم”، “حسن السلوك”، في جميع مقتضيات مشروع القانون، وذلك لتفادي التأويلات الذاتية وأحكام القيمة، وضمان تطبيق المعايير على أساس موضوعي يحقق العدالة والتوازن في تقييم حالة المعتقلين والسجناء، بالإضافة إلى حذف عبارات “وجود الإمكانيات”، “قدر الإمكان”، “عند الاقتضاء” من نص المشروع، للتأكيد على أن الدولة ملزمة بمقتضى الدستور والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بإعمال الحقوق الأساسية للمعتقلين بلا قيد أو شرط بشكل كاف.

تتمة المقال تحت الإعلان

وأوصى المجلس بحذف عبارة “في حدود الإمكان” من المادة 64 من القانون، لكونها تحرم المعتقل من الاستفادة من المساعدة والمواكبة الطبية والنفسية إلا في حدود توفر هذه الإمكانية، الأمر الذي يتنافى مع الحق في الصحة، كما اقترح أيضا تعديل المادة 100 عبر إلزامية التعاقد مع الأطباء، وذلك على النحو التالي: “يجب على المؤسسة السجنية التعاقد مع أطباء عامين أو متخصصين أو أطباء أسنان أو ممرضين، مع ضمان توفر الإمكانيات اللازمة لتنفيذ هذا التعاقد”، مبرزا أن المادة 103 من مشروع القانون لا توفر حماية كاملة للمعتقلين المصابين بأمراض عقلية بشأن إجراءات الرعاية اللازمة لهم في الفترة المؤقتة عند تواجدهم بالمؤسسة السجنية، ويصبح هذا الإشكال أكثر تعقيدا إذا ما تم إبقاء هؤلاء النزلاء في المؤسسات السجنية لفترات طويلة، قبل نقلهم إلى المؤسسات الاستشفائية.

وأكد التقرير على ضرورة توفير أطباء نفسيين في المادة 104، لتتبع حالات السجناء المصابين بأمراض عقلية بمن فيهم المرضى من الأشخاص في وضعية إعاقة، مقترحا تعديل الفقرة الخاصة بتقديم الدعم النفسي للمعتقلين الأحداث والمدمنين، وللمعتقلين الذين يحتاجون ذلك، لتصبح “تقديم الدعم النفسي للمعتقلين في وضعية هشاشة والأحداث والأجانب، والمدمنين، ولكافة المعتقلين الذين يطلبون أو يحتاجون ذلك”، كما يشدد على ضرورة توفير الأدوية اللازمة والضرورية وتعديل عبارة “حسب الإمكانيات المتاحة” للمؤسسة السجنية في المادة 105، لكون ذلك يحرم المعتقلين من الحق في العلاج الضروري، وقد يشكل تهديدا لحقهم في الحياة، إلى جانب توفير الرعاية الصحية والدعم اللازم للمدمنين، لتجنب الإهمال الطبي وضمان تحسين فرص إعادة إدماجهم في المجتمع بعد انتهاء فترة الاعتقال، لكون نص المشروع يتعامل معهم كجزء عادي من المجتمع السجني.

ولاحظ المجلس أن مشروع القانون لا يوفر ضمانات واضحة لحماية الحقوق الأساسية للمعتقلين المسنين، خاصة فيما يتعلق بما تحتاجه هذه الفئة من رعاية اجتماعية وصحية ضرورية، حيث يوصي بإدراج مقتضيات خاصة لحماية حقوق المسنين وإقرار ضمانات واضحة لتوفير الرعاية الاجتماعية الضرورية واللازمة لهذه الفئة من السجناء، بما فيها الرعاية الصحية والنفسية وتوفير الاحتياجات الأساسية، مطالبا – في تقريره – بتوفير المساعدة القانونية لجميع المعتقلين، وحذف عبارة “قدر الإمكان” من المادة 66 من القانون، والتي تقول: “تقدم لجميع المعتقلين قدر الإمكان تسهيلات للحصول على المساعدة والاستشارة القانونية وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي”، معتبرا أن محدودية الإمكانيات أو غيابها لا يمكن اعتباره مسوغا كافيا لحرمان المعتقل من حقه في المساعدة القانونية والاستشارة، لكونها الضمان الأمثل للوصول إلى نظام العدالة وحق الدفاع، كما أوصى المجلس بحرية الفكر وتطوير مهارات السجناء وتكوينهم، من خلال إعادة صياغة المقتضى الأول من المادة 68 لتمكين المعتقل من الصحف والمجلات والكتب على نفقته أو المودعة لدى إدارة المؤسسة لفائدته.

تتمة المقال تحت الإعلان

واقترح التقرير تعديلا على المادة 69 المتعلقة بحق المعتقلين في الانفتاح على محيطهم الخارجي والاستفادة من الزيارات غير العائلية، عبر حذف عبارة “كلما كان ذلك مفيدا لتأهيله”، حيث يرى أن استعمال هذه العبارة فيه تقييد غير ضروري لحق المعتقلين في الاستفادة من الزيارة غير العائلية، كما طالب بإضافة مادة جديدة إلى مشروع القانون تتضمن تحديد فترات “الخلوة الشرعية”، وتحديد الآلية المطلوبة لتأمين ذلك بما يتناسب مع الأحكام الشرعية، مع إمكانية تحديد المسؤوليات المشتركة بين المؤسسة السجنية والزوجة أو الزوج في إطار تأمين حق استمرارية الأسرة.

وشدد المجلس على ضرورة إعادة صياغة المادة 76 التي تخص “علاقة المحامي مع موكله المعتقل”، حيث أوصى بعدم تقييد حرية المحامي في الحصول على المعلومات الضرورية من موكله، لتفادي تأثير ذلك على حقوق الدفاع، عبر إضافة جملة “بتسليم أو تسلم أي شيء من المعتقل” مع إضافة فقرة تلزم المحامين باحترام القواعد الداخلية للمؤسسات السجنية المعمول بها في الزيارات القانونية: “كما يجب اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سرية التخابر بين المحامي والمعتقل”. وقد أغفل مشروع القانون في المادة 122 التنصيص على ضرورة إخبار محامي المعتقل، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في حالة إضراب المعتقل عن الطعام، حيث يوصي بتعديل الفقرتين الثالثة والرابعة من هذه المادة على النحو التالي: “تقوم إدارة المؤسسة السجنية بالمساعي اللازمة لاحترام حق المعتقل في اللجوء إلى الإضراب عن الطعام، وفتح حوار حول دواعي الإضراب عن الطعام”، وفي الفقرة الرابعة: “تعد التغذية القسرية للمضرب عن الطعام ممنوعة ومجرمة، ويخبر مدير المؤسسة فورا الإدارة المكلفة بالسجون والسلطة القضائية المختصة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وعائلة المعتقل المعني بإضرابه عن الطعام”.

ودعا المجلس إلى مراجعة المواد 189، 191، 193 و196 المتعلقة بفرع التأديب، لكونها تطرح إشكالا أساسيا يتمثل في تطبيقها على جميع المعتقلين بصرف النظر عن اختلاف فئاتهم العمرية حتى الأحداث، وأوصى بمراجعة تصنيف المؤسسات السجنية، ووضع تعريف لمفهوم “مراكز الإصلاح والتهذيب”، ووضع إجراءات تهدف إلى تحقيق توافق بين التدابير التأديبية وتأهيل المعتقلين الأحداث الذين يرتكبون مخالفات للقانون داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، وضمان أن تكون تلك التدابير تساعدهم على التعلم من أخطائهم وتطوير مهاراتهم والتأقلم مع الحياة بشكل فعال بعد الإفراج عنهم.

تتمة المقال تحت الإعلان

وتطرق التقرير إلى وضعية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث لاحظ أن مشروع القانون 10.23 لا يتضمن أي مقتضيات تضمن ولوج المعتقلين في وضعية إعاقة إلى حقوقهم الأساسية، خاصة فيما يتعلق بالحق في الاستفادة من الخدمات الصحية والعلاجات الضرورية، والحق في الولوج لبرامج التعليم والتدريب والتأهيل، وتوضيح طريقة الوصول إلى المعلومات والوثائق والخدمات وكيفية استعمالها، مؤكدا على ضرورة أن يتضمن مشروع القانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة دون تمييز، مع توفير الولوجيات اللازمة لهم، بما يضمن تمكينهم من الوصول إلى الخدمات والمرافق الضرورية داخل المؤسسة السجنية، وتمكينهم من الحصول على الرعاية الصحية والنفسية، والإدماج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى