في جولة بمدينة فاس العتيقة رفقة المدير العام للمنظمة الدولية “دي في في” (تعليم الكبار) السيد أنطوني مارميلر وزوجته، صادفنا محلا مختصا في بيع وكراء تجهيزات الأعراس، من بينها “العماريات”، سألني السيد أنطوني عنها فشرحت له أنها تخصص لرفع العروس ليلة زفافها.. حينها ضحك عاليا كما ضحكت زوجته وقال: “أنتم ترفعون المرأة ليلة واحدة وتضعونها تحت أرجلكم باقي الحياة”!! استمرا في الضحك، في حين أحسست وكأني سقيت ثلجا فلزمت الصمت!!
وجدتني أستحضر مشهد الاتحاديات في مؤتمرهن مطالبات بما لم يطالب به الشيطان نفسه، ومشهد نسوة تتظاهرن بالرباط مطالبات بتقنين الدعارة، ومشهد برلمانية عن الحزب الفلاني تمد فخذيها العاريين تحت قبة البرلمان وكأنه في الحمام البلدي.. استحضرت مشاهد حضارية و”حداثية” كثيرة لم يستحضرها أنطوني ولا زوجته، ولا غيرهم من الغربيين. فقد وشموا فوق ذاكرتهم صورة تلك المرأة المعذبة التي تحمل فوق ظهرها أثقالا من الحطب لا يقدر البغل على حملها، وشموا فوق ذاكرتهم أيضا صورا لأمهات كثيرات تلدن بالشوارع المقابلة للمستشفيات بدل المستشفيات!!
هذه النظرة الغربية الكلاسيكية للمرأة المغربية، ليست نظرة دونية وليست نظرة تعال واحتقار.. وإنما هي نظرة نابعة من دراسة عميقة للمجتمع المغربي وتحليل عميق أيضا للبنية المجتمعية باختلاف تجلياتها، إنها النظرة البعيدة عن وهم الصورة التي يحاول المغرب الرسمي والمغرب المدني تسويقها من خلال الإعلام المتواطئ الذي بدوره عرى هذه المرأة تحت مسميات: الحداثة، التقدمية، المساواة.. وغيرها من المفاهيم التي توظف بطريقة عشوائية!!
إن الرؤية الغربية الكلاسيكية للمرأة المغربية هي المرآة العاكسة للحقيقة، فبعض عشرات النساء الحداثيات التقدميات والحقوقيات لسن هن الحقيقة، بل الحقيقة هي مي يْطّو وخالتي الشعيبية.. وغيرهن من المهمشات بجبال الأطلس وهوامش كتامة! إنهن من يشكلن الأغلبية العظمى من نساء المغرب أما التقدميات والبرلمانيات فهن مجرد أقلية لا تتجاوز 7%.
المجتمع الغربي لا يؤمن بوهم الصورة لذلك يجب أن نصلح العمق حتى لا نسمح مرة أخرى لأنطوني وزوجته بأن يسخروا منا..