جهات

عيد الاستقلال في عاصمة المملكة

الرباط. الأسبوع

    لم يعد في ظروف تبدلت فيها سياسة العالم استمرار العاصمة في استقبال عيد الاستقلال بالكيفية الفارغة من المغازي الحاملة لرسائل سياسية والمعبرة عن أفكار الساكنة ومواقفهم، بدلا من إقامة حفلات هنا وهناك تصدح فيها الموسيقى والأغاني وبرامج استعراضية لمختلف المنتجات، ومناسبة لتوزيع جوائز على المتبارين والمتسابقين في مباريات رياضية أو ثقافية، فيمكن أن تكون هذه البرامج صالحة للتربية الوطنية لأجيالنا وقد دأبنا عليها عقودا حتى أصبحت هذه الأجيال في مواقع المسؤولية لهذه التربية الوطنية، وانتقل الحاقدون إلى السرعة القصوى في بث سموم هادفة للتشويش على نهضتنا ووحدتنا وتلاحمنا، بما يخترعونه من أحداث وهمية ومعارك خيالية وتصدعات واشتباكات صورية، لعلهم يغطون على هزائمهم الدبلوماسية والسياسية والتحريضية، فتغيرت موازين تخليد عيد الاستقلال بتغير مكاييل هذه الموازين التي انقرضت من التعامل كوحدات بمعايير ومقاسات موزونة من حديد، إلى أخرى تضبطها مجرد إبرة على آلة أوتوماتيكية تزن بالقسطاس.

فالتحولات الجارية في كل بقاع الدنيا تلزمنا نحن في العاصمة السياسية والقلب النابض للدبلوماسية، أن نكون من خلال مجالسنا المنتخبة، حملة مهام جسيمة منبعثة من إيماننا بقضايانا التي جاهد لتحقيقها الملك والشعب، من أجل استقلال البلاد، وبعد أيام ستحل الذكرى التي كانت بداية لتحرير أراضي المملكة، ذكرى 18 نونبر، مما أبهر المعمور الذي وقف تبجيلا لكفاح ملك وشعب تواعدا على التفاني في تحرير البلاد من كل استعمار، فتحقق الاستقلال وتحررت أقاليم كانت عبارة عن أراضي جرداء هيمن عليها محتل اضطر للانسحاب منها أمام مقاومة سلمية للشعب واسترجعها إلى أحضان الوطن الأم بعد مفاوضات عسيرة مع المحتل توجت باتفاقيات منها اتفاقية تحرير تلك الصحراء من سيطرته وحكمه، واعتراف بإعادتها إلى المملكة المغربية، وزكت ذلك الاعتراف المحكمة الدولية بحكم لا لبس فيه، واقتنعت به معظم الدول، التي باركت هذا التحرير الذي هو استكمال لعودة أقاليم طرفاية وما جاورها، استقلال وتحرير وثورة بناء ونهضة كل الجهات حتى غدت مطمعا للاسترزاق من طرف بعض الجيران، الذين ضدا على الأعراف الدولية كونوا عصابة وسلحوها ومولوها ودربوها على الأعمال الإجرامية وحشروها في أرض تابعة لدولتهم ويضغطون بها ويهددون بإثارة الفوضى، وهذا في القانون الدولي، تهمة الاعتداء والتحريض على أمن وسلامة دولة مجاورة.

تتمة المقال تحت الإعلان

هكذا تستقبل العاصمة يوم 18 نونبر عيد الاستقلال، وهو يوم عطلة أراد المشرع أن تتجند فيه مجالسنا المنتخبة لإبرازه كمرجع يذكر العالم بمعاناة المملكة مع استعمارين وليس استعمارا واحدا، ومع جار يأوي ويحرض عصابة مكونة من مرتزقة، أما أبناء الأقاليم المسترجعة، ففي مدنهم هم المسيرون والحاكمون.

هذا هو واجب المجالس لتترجم في احتفالاتها الجانب النضالي للملك والشعب في الاستقلال والتحرير، وكنا نحلم بأن تكون هذه الترجمة واضحة بتنظيم رحلات إلى الأقاليم المحررة منذ السبعينات للدعم والمساندة والمؤازرة، وتكتفي في عيد الاستقلال بزيارة قبور المقاومين هنا في الرباط، وتكريم عائلاتهم في مراسيم احتفالية مهيبة، أما أن يعلقوا لافتات ثم يسافرون، فالعاصمة لم تعد ولن تعود إلى حقبة النسيان مادامت نبراسا للثقافة الإفريقية.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى