الرباط | شرود الجماعة من ضعف مقاطعاتها

الرباط. الأسبوع
المادة 245 من القانون الجماعي تؤكد في فقرتها الثالثة، أن المقاطعات مكلفة بتدبير “قضايا القرب” وحددها في “إنعاش الرياضة والثقافة والبرامج الاجتماعية الموجهة للطفولة والمرأة والمعاقين أو للأشخاص الذين يوجدون في وضعية صعبة”، وكذا “التعبئة الاجتماعية وتشجيع الحركة الجمعوية قصد إنجاز مشاريع التنمية المشتركة”.
ولإنجاح هذه الصلاحيات الموكولة إليها، قنن لها هذا القانون من ميزانية الجماعة، مخصصا إجماليا ينشطر إلى حصتين: الأولى تتعلق بالتنشيط المحلي، والثانية تتكلف بالتدبير المحلي، وقيدهما بـ”اقتراح من رئيس الجماعة”، وبالتالي، فالرئيسة هي المحرك لإلهام مقاطعات العاصمة بالخطوات المقترحة للنهوض بها وتسييرها وانسجامها، لوضع برامج تكمل بعضها البعض حتى يكون هناك تناسق فيما بينها، تفاديا للتكرار، وسعيا للتكامل، وضربا للميوعة(..).
فغير خاف ولا مسكوت عنه انقطاع تيار التواصل بين جماعة الرباط ومقاطعاتها، وهذا يفضح شرود الأولى وضعف الثانية بالرغم من الكفاءات “المحترفة” للعمل الجماعي التي تزخر بها دواليبها، وانتمائها إلى قطب الحاكمين وطنيا وجهويا ومحليا، وهنا حارت العقول.. اللهم إلا إذا تم تشخيص الأسباب والمسببات، فحينئذ ستتضح، وبعبارة أخرى، ستحل عقدة ألسنة الكثيرين التي تحاول التستر على الحقائق لإخفاء المضمور والذي لن يعالج إلا بدواء ناجع وناجح في جل العواصم العالمية، اسمه: “قانون خاص بجماعة ومقاطعات العاصمة”، وقد سبق أن مارسته العاصمة ابتداء من ستينات القرن الماضي إلى سنوات الثمانينات والتسعينات، وهي فترة ازدهار المشاريع العملاقة التي لم تتكرر إلى اليوم من ميزانيات الجماعة، ومنها كل الملاعب الرياضية وقاعاتها بما فيها الثقافية، وبناء العمارات السكنية وشراء المقرات الإدارية وتشييد المركبات بما في ذلك المركب الجماعي، والملعب والمسبح بحي اليوسفية، والأحياء الصناعية ومدينة العرفان والقناطر والأبواب… إلخ، وانتهى العمل بذلك القانون المنقذ وأسندت مواده إلى المنتخبين، فتوقفت تلك الحركية، وظهرت محلها أساطيل السيارات وجيوش الموظفين وامتيازات لا تحصى في التعويضات التي ارتفعت ارتفاعا صاروخيا مع حقهم في توظيف أعضاء في دواوينهم.. وما خفي أعظم..
نتمنى أن نكون قربنا التشخيص الحقيقي لـ”أمراض” تنخر مجالسنا للوصول بأي طريقة إلى الامتيازات ولو بتغيير اللون الحزبي كل سنة طمعا في “الرضاعة” المستمرة من ثروة الرباطيين.
وعودة إلى المادة 245 من القانون الجماعي، وقد اهتمت بقضايا القرب وحددت ماهيتها، نجد في كل وثائق المخصصات الإجمالية للنفقات الخاصة بالمقاطعات، سيلانا من الاعتمادات المالية لكراء السيارات، وعتاد التزيين، وشراء التحف، ومصاريف الإقامة والإطعام والاستقبال، والإيواء، والأتعاب، والمواصلات اللاسلكية، وهبات، ومعونات.. فهل من لقاح لهذه “الأنفلوانزا” التي تصيب مالية الرباطيين حتى تنسجم مع دورية وزارة الداخلية ؟