للنقاش

للنقاش | ماذا لو سقطت قذائف أحداث السمارة فوق مقر بعثة “المينورسو” ؟

ملف الصحراء المغربية يسير نحو الحل النهائي

من المعلوم أن مقر بعثة “المينورسو” يتواجد بمدينة السمارة بقلب المغرب، ولا يمكن لأعضائها القيام بمهامهم خارج تراب المغرب، فالبعثة الأممية ممنوعة من المراقبة الدائمة داخل مخيمات تندوف، وكذا خارج الجدار الأمني المغربي، لأن كل تحرك خارج الجدار الأمني سيعرض أعضاء البعثة لخطر القتل أو الاختطاف من طرف عصابة البوليساريو، وهي حقائق يؤكدها كل الذين تناوبوا على العمل داخل البعثة، ولا نجده في تقارير البعثة.

بقلم: بوشعيب حمراوي

    إن ما يجب مناقشته، على ضوء العملية الإرهابية التي نفذتها البوليساريو في مدينة السمارة، العاصمة الروحية للأقاليم الجنوبية للمملكة، هو الحرب المعلنة من طرف النظام الجزائري عن طريق البوليساريو منذ تنقية وتسريح معبر “الكركرات”، والتي تدار أمام أعين هذه البعثة، تراقبها عن بعد من داخل المغرب، حرب العصابات التي كبدتهم خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد واستنزفت كل طاقاتهم، وجعلتهم يبادرون إلى القيام بعمليات إرهابية، بإرسال قذائف نحو المدنيين بمدينة السمارة دون الإدراك بخطورة تلك الجرائم التي لا شك ستكون بمثابة الإعلان عن نهاية الكيان الوهمي وإحباط صنيعته الجزائر.

فالأعمال الإرهابية التي عرفتها مدينة السمارة في مناسبتين، تفرض التدخل السريع لهيئة الأمم المتحدة وكل القوى الحية في العالم، حيث تعرض السكان المدنيون بقلب المدينة لأربع تفجيرات همت ثلاثة أماكن، وتوفي إثرها الشاب حمزة (مهاجر مغربي بفرنسا)، كان رفقة أمه ضيفان عند خالته، وأصيبت أمه في كتفها، كما سقطت قذيفتان ما بين المطار ومقر “المينورسو” دون أن تخلف ضحايا بشرية.

تتمة المقال بعد الإعلان

ألا يدرك الكيان الوهمي الذي يدعي بأنه نظام دولة، أن الحرب لا تستهدف المدنيين، وأن ما ارتكبه جريمة شنعاء توجب تدخل مجلس الأمن؟ ألا يدرك هذا الكيان الغبي أن باستهدافه الصحراويين قد أثبت أن قادة البوليساريو لا يمتون بصلة لأبناء الصحراء، وأنهم مجرد عصابة تحتجز إخوانهم وأخواتهم داخل مخيمات تندوف؟ ألا يدركون أن الصحراويين المحتجزين داخل مخيمات العار بتندوف تربطهم روابط الأخوة مع إخوانهم بالأقاليم المغربية الجنوبية، وأنهم بصموا بحرب العصابات على أنهم لقطاء ومأجورين ولا يحق لهم تحمل أي مسؤولية حتى بعد تنفيذ مقترح الحكم الذاتي؟

لنتساءل إذن، ماذا لو تعرض مقر بعثة “المينورسو” للقصف الذي استهدف مدينة السمارة وسكانها؟ بماذا كانت سترد هيئة الأمم المتحدة ومجلس أمنها؟  أليس كافيا أن تقف على جرائم استهداف المدنيين؟ أليس كافيا أن قذيفتين انفجرتا بالقرب من مقر “المينورسو” دون احترام لهذه البعثة الأممية ولا للهيئة التي أحدثتها وكلفتها بمهمة حفظ السلام؟

يجب الإقرار بعدم فاعلية بعثة “المينورسو” في حفظ السلام وعدم فاعليتها في إنجاز التقارير الصحيحة، وخصوصا بالجانب الآخر حيث الكيان الوهمي يناور ويحارب بشتى الإمكانيات المتاحة له.. تلك المناورات التي بلغت إلى حد قتل المدنيين وتخريب ممتلكاتهم.

تتمة المقال بعد الإعلان

بالأمس القريب، كان هناك من يسعى إلى توسيع مهمة البعثة إلى مراقبة وتتبع مجال حقوق الإنسان، في محاولات لاستفزاز المغرب ومحاولة ابتزازه، كانوا يريدون من بعثة يخاف أعضائها على أرواحهم من التجوال خارج الجدار الأمني وداخل مخيمات تندوف، أن تقوم بهمام تقييم الأوضاع الحقوقية، بمعنى أن هؤلاء كانوا يريدون أن تنحصر تلك المراقبة داخل الأقاليم الصحراوية المغربية، وبمعنى أصح، فإنهم كانوا يريدون أن يجدوا طرقا بديلة لتحرير تقارير خاصة تستعمل كوسائل ضغط على المغرب، علما أن تلك البعثة تعيش وتنعم وسط المغاربة، وتتابع عن كثب حقيقة وواقع ما يجري ويدور داخل الصحراء المغربية ولديهم ما يكفي من معطيات يمكن نقلها للهيئة الأممية.

سوريا تحتل منصب مقرر اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار

    مجرد الوقوف على ملف قضية الصحراء المغربية الذي عمر طويلا بهيئة الأمم المتحدة، يفرض طرح الأسئلة ومحاولة البحث عما إذا كانت هناك أياد خفية وراء تعطيل الحسم والإنصاف.. 48 سنة مرت على ملحمة المسيرة الخضراء التي أبدعها الملك الراحل الحسن الثاني وأنجزها 420 ألف مشارك، ضمنهم 350 ألف متطوع ومتطوعة و70 ألف مدني وعسكري صاحبهم لمدة شهر كامل. هنا وجب التحقيق والتدقيق في هوية وماهية أعضاء اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار (لجنة الأربعة والعشرين) المشكلة الآن من 29 عضوا، والتي أحدثت بتاريخ 27 نونبر 1961.

ففي سنة 1964، طلب المغرب رسميا من إسبانيا حل مشكل الصحراء أمام الهيئة الدولية، وتمت إحالة ملف طلب تصفية الاستعمار المقدم من المغرب إلى هذه اللجنة، وقال حينها الملك الراحل الحسن الثاني إنه لجأ إلى الأمم المتحدة لإجبار إسبانيا على فتح ملف كانت تعتبره دائما شأنا داخليا، بمعنى أن المغرب هو صاحب ملف طلب تصفية الاستعمار وليس أي طرف آخر، وقد تم إنهاء استعمار الصحراء المغربية بشكل نهائي منذ سنة 1975، بعد تنظيم المسيرة الخضراء وبموجب “اتفاق مدريد”.

لكن ما يثير الاستغراب داخل اللجنة الأممية، أن منصب أو مهمة المقرر محتلة منذ عقود من طرف سوريا.. هذه اللجنة التي ترأسها حاليا مينيسا رامبالي من دولة جزيرة اسمها سانت لوسيا، والتي لها ثلاثة نواب من سيراليون وكوبا وأندونيسيا، يشغل مهمة المقرر داخلها منذ سنتين سوري اسمه بسام الصباغ وقبله كان سوري آخر، شغل المهمة منذ 14 سنة، بل إن سوريا ظلت تحتكر مهمة المقرر منذ سنة 1976، أي بعد سنة من استرجاع أراضينا الجنوبية.

فإذا كانت هيكلة اللجنة تتغير، ويؤثثها شخصيات من أجناس ولغات مختلفة، فإن ما تقوم بها تلك الشخصيات في مختلف مواقعها داخل اللجنة، يدون من طرف مقرر اللجنة السوري، ويرفع بعدها إلى الأمين العام للهيئة الأممية.. فهل يتم رفع التقارير بأمانة وحياد، أم يتم التلاعب في المحتوى أو بالكلمات والجمل، خصوصا وأن الترجمة تبيح المحظورات وتدفع بالبعض إلى استغلالها في تمرير أمور أخرى غير متفق عليها داخل اللجنة ؟

فمتى يتم تمرير مهمة المقرر لشخصية من خارج سوريا، التي يعلم الكل أنها لا تتخذ الحياد في ملف الصحراء المغربية، وأن رئيسها، حليف النظام الجزائري، يدعم البوليساريو بكل ما أوتي من قوة، ولولا الحراك الشعبي الذي أنهك قواه، لبادر حتى بتسليح البوليساريو.

الحكم الذاتي.. خيار ما بعده اختيار

    بات واضحا أن مخطط الوهم الممول من أموال الغاز والنفط الجزائري، والذي يهدف أساسا إلى زعزعة أمن واستقرار المملكة المغربية، ومحاولة عزلها دوليا، وشل نهضتها، ماض إلى الزوال، بل إنه أفضى إلى نتائج عكسية جعلت أصحاب المخطط عرضة للسخرية، وقبلة للاستغلال المفرط لأموال وثروات شعب هو في أمس الحاجة إليها، ومحط اهتمام من طرف دول تبحث عن التموقع العسكري والاقتصادي بالمغرب الكبير وإفريقيا.. مخطط أبرز مما لا يدع مجالا للشك أن رحم الجزائر لا يحمل “مشروع دولة وهمية” فقط، بل إن “حملها” أصلا “حمل كاذب” توهمه نظامها ولا وجود لأي جنين أصلا داخل رحمها، وأن هذا النظام المريض بشيء اسمه المغرب، عاش ينتظر (يتوحم) ويرتكب كل حماقات (الحمل) في انتظار مولود سراب.

ولعل ما جرى وسار خلال اجتماع اللجنة الخاصة الـ 24 التابعة لهيئة الأمم المتحدة بنيويورك، يؤكد أن موعد إعلان انتهاء الملف المفبرك للصحراء المغربية قريب جدا، وأنه لا شك سيكون نهاية مأساة الشعب الجزائري وحصوله على الاستقلال الحقيقي.

لن نقف هنا عند بيان مجلس التعاون الخليجي، الذي أجمعت فيه الدول الستة على مغربية الصحراء، وعلى استعدادها لدعم أمن المغرب واستقراره وحماية وحدته الترابية، ولن نقف عند تأكيد هذه المنظمة الاقتصادية والسياسية والعسكرية على أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تجمع مجلس التعاون الخليجي مع المملكة المغربية، وتنفيذ خطة العمل المشتركة، لأن هذه الدول الشقيقة ما فتئت تعطي الإشارات القوية لمن يحاولون استمالتها لدعم الوهم والسراب، أنها مع المغرب وأن علاقاتها المتينة مع المغرب لا يمكن أن تخضع للمساومات، بل يجب التدقيق في مداخلات المعارضين لوحدة المغرب الترابية، وفي مقدمتهم دولة إيران التي سقطت في شخص ممثلها داخل لجنة الـ 24، عندما نطق بلسانين متعارضين: لسان يدعم المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة ومبعوثها في ملف الصحراء المغربية، علما أن هذه الأخيرة أكدت غير ما مرة على مصداقية وشرعية مقترح الحكم الذاتي المغربي، ولسان ينطق عن نظام الجزائر الذي يتحدث عن دولة وهمية يسعى النظام الجزائري إلى فرضها فوق التراب المغربي، ويدعو الأطراف المعنية إلى الانخراط الجاد في المفاوضات الجارية تحت إشراف المبعوث الأممي، علما أن إيران تعلم جيدا أن الطرف الثاني والأساسي في المفاوضات هي الجزائر، التي يرفض نظامها المشاركة، بل إنه يدعي أنه ليس طرفا رغم أنه يحتضن من يدعون الانتساب لجبهة الوهم، ويدعمهم بالمال والسلاح، كما أنه لا يتردد في تبذير أموال وثروات الجزائريين من أجل شراء ذمم أنظمة دول وهيئات فاسدة.

بقي فقط أن تبادر لجنة الـ 24 إلى تحرير التقارير ووضع النتائج، ورفعها بكل مصداقية إلى هيئة الأمم المتحدة من أجل الإسراع بإنصاف المملكة المغربية، حيث أصبح جليا أن مقترح الحكم الذاتي المغربي أصبح مطلبا دوليا بعد أن أذاب بجديته وواقعيته جليد المقترحات الوهمية التي تفرزها جبهة البوليساريو ومن خلفها النظام الجزائري.

مقترح الحكم الذاتي فوق تراب الأراضي الصحراوية المغربية، الذي قبله المغاربة على مضض، أملا في إنهاء مهزلة ما يسمى بالبوليساريو، بات الخيار الوحيد للم شمل المغاربة وإنهاء معاناة ومأساة الأسر الصحراوية المفككة، وطرد قطاع الطرق والعصابات المرتزقة التي اغتنت من المساعدات المالية والغذائية الموجهة للمغاربة الصحراويين المحتجزين، خيار ما بعده أي اختيار آخر، ولو أن الكل يعلم أن الصحراويين الأحرار لن يقبلوا بنظام حكم يعزلهم ويصنفهم عن باقي أشقائهم المغاربة حتى لو كان الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، فكل المغاربة مع مطلب الجهوية الموسعة، ومع  اللامركزية.. وكلهم ماضون من أجل تحقيقها بعقول وأيادي مغربية خالصة، لكن المغاربة لن يقبلوا بالفئوية والتصنيف، وإن زكوا مقترح الحكم الذاتي، فإنهم يعتبرونه أبغض الحلال.

الأكيد أنه بمجرد إنهاء الصراع المفبرك، وعودة الصحراويين إلى وطنهم المغرب، سيمزقون وثائق الحكم الذاتي، وسيطالبون بهويتهم المغربية الكاملة والصرفة، وسيلتفون حول عرش المملكة المجيد، ويعيدون رص بنيانهم التاريخي والتراثي والإنساني، لأنهم يدركون، والأهم من كل هذا يؤمنون بمغربيتهم وأحقيتهم بامتلاك كل ما يجسد ويرسخ وطنيتهم الحقة.

إنها النهاية الحتمية لملف عمر طويلا، والملاذ الأخير الآمن للصحراويين المغاربة، الملاذ الذي يقلق راحة البوليساريو والجزائر ومعها كل خصوم الوطن، ويقض مضاجعهم، ويجعلهم يصرون على إبقاء ملف الصحراء المغربية عالقا، باعتبار أنه وضع يمكن عصابة البوليساريو من الاستمرار في الاغتناء، ويمكن قادة الجزائر من شغل الشعب والتلاعب بثرواته، فهم يدركون حق الإدراك أنهم يحتجزون بالقوة ما يسمونه بالشعب الصحراوي، والذين هم صحراويون مغاربة أرغموا على العيش داخل الأكواخ والخيام، بعد أن امتدت الأيادي الآثمة إلى أسرهم وقامت باختطاف أطفالهم ونقلهم إلى دول أخرى لتجنيدهم وترسيخ مفاهيم فاسدة وخاطئة في عقولهم، كما احتفظت بأسر أخرى من أجل ابتزاز أرباب تلك الأسر العاملين بالمهجر وإرغامهم على إرسال الإتاوات والتسويق لأطروحتهم المرفوضة.

هم يدركون أكثر أن الإفراج عن تلك الأسر يعني نهاية خرافة البوليساريو، وأن تلك الأسر لن تكتفي بالتنكر لقادة الجبن والعار وصنيعتها الجزائر، ولكنها ستكشف بالأدلة والقرائن فضائح ومهازل الكيان الوهمي وجرائمه المتعددة.

فنحن نعلم، وأنظمة العالم كلها تعلم، أنه لا بديل عن مقترح الحكم الذاتي للتخلص من فيروس البوليساريو، وتنقية تلك المناطق التي باتت بؤرا للعصابات والإرهابيين، كما أن الدول التي تعبر عن رفضها للمقترح المغربي، هي دول تحكمها أنظمة، إما معادية للمغرب أو رافضة لمخططاته التنموية وانفتاحه المتعدد إفريقيا وأوروبيا وأمريكيا، أو مدمنة على النفط والغاز الذي تجود به الجزائر وليبيا سابقا، دول مهمتها عرقلة مسار التسوية الشرعية، و”وضع العصا وسط العجلة” وانتظار التعليمات عن بعد من أولياء نعمها.

الحقيقة المرة التي ينبغي على المغاربة وغيرهم معرفتها، أن لا دولة في العالم تقبل بأن يهنأ المغرب بصحرائه، ويباشر التنمية والاستثمار في برها وبحرها وجوها، وخصوصا نظام الجزائر، الجار الجائر الذي لا يتردد في تجويع شعبه وتبذير ثرواته في سبيل تسليح البوليساريو واحتضانه، وحمل شعار “الغاز والنفط بالمجان مقابل العداء للمغرب”، في محاولات يائسة لكسب الدعم العالمي.

كما أنه لا دولة في العالم تريد إحداث دولة جديدة لا أصل ولا فصل لها، بقيادات لقيطة وشعب مختطف، وأول الرافضين طبعا النظام الجزائري، الذي يسعى إلى استغلال ثروات الصحراء المغربية، كما سبق واقتص من التراب المغربي منطقتي تندوف والشارة، بعدما علم بمناجم الحديد المتواجدة في باطنها، وقد سجل التاريخ بأقلام مملوءة بسيول بشرية (دماء ودموع وعرق)، جرائم حرب “الرمال” المفتعلة، والتي أبرزت بسالة المغاربة وأخلاقهم السامية، وكذا جريمة طرد آلاف المغاربة المقيمين داخل الجزائر، والاستحواذ على ممتلكاتهم وتشريد آلاف الأسر المغربية والمختلطة (تزاوج وتناسل مغاربة وجزائريين)، هي رسالة إذن، حتى يكون كل مغربي جنديا وسفيرا لوحدته الترابية، مؤمنا بمقولة وحكمة الإمام الشافعي الذي قال: “ما حك جلدك مثل ظفرك”، فتول أنت جميع أمرك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى