
الرباط. الأسبوع
في ظرف سنة، انخرطت المملكة في أوراش اجتماعية عجزت عنها حتى الدول المتقدمة، وذلك بسن إجراءات ملموسة للتخفيف على الطبقتين المتوسطة والفقيرة من أثار ارتفاع تكاليف الحياة، وإن كانت عامة على العالم وستزداد حدة مع مطلع السنة القادمة، وهذا الارتفاع لم يكن مفاجئا ولا طارئا، بل إنه كان متوقعا..
فانخراط المملكة في هذه الأوراش هو التزام مرافق حكومتها ومجالسها المنتخبة، كل في مجالها، للمساهمة في إنجاح هذه الأوراش بتدابير تضامنية مع المرحلة، للتمكن من اجتيازها بسلام وإن كانت تعليمات ملكية صارمة قد سهرت على تنزيل مضامين قانونية لتحمي الطبقتين المستهدفتين من غول الغلاء، ومن الانقضاض على القدرة الشرائية للمواطنين كيفما كانت طبقاتهم الاجتماعية.
فهل مجالسنا الموقرة لا زالت لديها بذرة للتضامن مع ناخبيها في هذه المرحلة التي تستوجب التضامن الكامل كقيمة مضافة لما اتخذ من قرارات صائبة لنجدة المتضررين من نار الغلاء؟ فهذه المجالس “يا حسرة” ممثلة رسمية للكادحين والعاطلين وذوي الدخل المحدود والمتوسط، فلماذا لم تتضامن معهم ليس بالتنازل عن التعويضات الممولة من ضرائب هؤلاء المواطنين، ولكن باحترام مشاعرهم ليس بالكلام ولكن عمليا، بإسقاط كل ما من شأنه أن يثير غيظهم منكم وأنتم “تتبرعون” في جملة من الامتيازات على حسابهم، هذه هي القيمة المضافة المطلوبة منكم للإسهام بالتخلي عنها كليا ورصدها لتعزيز الأوراش الاجتماعية، وتغنوا هذا التضامن الاجتماعي بالعمل على ترشيد النفقات لما تبقى من هذه السنة المالية والسنة المقبلة.
فإذا كانت هذه الاقتراحات مجرد عمليات مادية، فنطمح أن تكونوا سباقين للدعوة إلى جلسات في دورات استثنائية، للإعلان رسميا عن ميثاق جديد وواعد بين المنتخبين والرباطيين، وإن كانت الوزارة الوصية استقبلتهم بدورية عممتها على من يعنيهم أمرها، من بينها الجماعات الترابية، وهي “يا حسرة” مواطنة تمثل وتدافع عن المواطنين وتؤتمن على حقوقهم ومصالحهم، وتجتهد وتناضل وتكافح لتحقيق رغباتهم، وتعمل جاهدة لحماية كرامتهم وعدم المس بمشاعرهم ومراعاة واجبات الأمانة الشعبية المنوطة بأعضائها، وذلك بالابتعاد الكلي عن استفزازهم بالممارسات الجارية الدخيلة على العمل الجماعي، والتي استرعت انتباه تلك الوزارة فقطعت مع فوضى الريع المتفشية في مجالسنا حتى امتصت كل الموارد بطريقة أو بأخرى، مما أجبر تلك الوزارة على التدخل بـ”تجباد الوذنين” لأناس من المفروض أن يراقبوا ويلاحظوا على الإدارات، ويقترحوا على السلطات، ويعترضوا بل ويقيموا الدنيا ولا يقعدونها إذا تمادت تلك الإدارات والسلطات في الهدر المالي وتقاعست في الخدمة، وأهملت حقوق الرباطيين أو داست على واجباتها.. ومع الأسف، هذه النعوت المحطة بالإنسانية أولا وبالديمقراطية ثانيا، تخلصت منها بعض السلطات والإدارات، فالتقطتها بعض المجالس وتوسعت في إسكانها دون أي احترام لحرمة الأمانة وشعار التطوع في الميزانية بموافقة مباشرة وغير مباشرة من حراس المال الجماعي، حتى لا تستعمل في غير الصالح العام، فإذا بهؤلاء الحراس استغلوا نيابة الناخبين وثقتهم للعبث بأموالهم، مما حرك غيرة الإدارة علينا، فـ”قنبلتهم” بالدورية الوزارية، وكان الأجدر تفعيل مسطرة خيانة الأمانة.. فهل تقترح علينا مجالس الرباط ميثاقا جديدا بيننا وبينها، أم تفضل قرارات وزارة الداخلية؟