تحت الأضواء | قانون المالية يتحول إلى قانون للزيادة في الأسعار والضرائب
حكومة أخنوش وإعادة "التربية للمواطنين"

الرباط. الأسبوع
أضاف مشروع قانون المالية الجديد 2024 لحكومة عزيز أخنوش، زيادات ضريبية جديدة تشمل العديد من المواد الاستهلاكية والأساسية، من خلال الرفع من “الضريبة على القيمة المضافة”، الشيء الذي سيكون له انعكاس كبير على المس بالقدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الطبقة المتوسطة، التي تبقى هي المعنية بهذه الزيادات الجديدة التي تلجأ إليها الحكومة من أجل سد ثقوب الميزانية والبحث عن موارد مالية من جيوب دافعي الضرائب عوض فرض ضريبة على ثروات الأغنياء التي تنمو بالملايير كل سنة، منها ثروة رئيس الحكومة.
وحسب قانون المالية الجديد، فقد تم فرض ضرائب جديدة على مجموعة من المواد الحيوية والأساسية، مثل الماء والكهرباء والشاي والسكر والدقيق.. الأمر الذي سيزيد من ارتفاع أسعارها في الأسواق والمحلات التجارية، ومن أخطر الزيادات التي تثقل كاهل المواطن المغربي وتهدد لقمة عيشه، الزيادة الضريبية في الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للماء الصالح للشرب والتطهير والكهرباء، حيث سترتفع من 7 إلى 8 % بالنسبة للماء الصالح للشرب انطلاقا من يناير 2024، ثم إلى 9 % سنة 2025، وبعدها 10 % سنة 2026، أما بالنسبة للكهرباء، فقد خصصت الحكومة له زيادة صاروخية في الضريبة من 14 % إلى 16 % مع مطلع يناير 2024، ثم 18 % سنة 2025، و20 % سنة 2026، كما شملت الزيادة الرفع من الضريبة على إيجار عداد الكهرباء إلى 11 % ثم 15 % سنة 2025، و20 % سنة 2026.
فهذه الزيادات المنتظرة في الماء والكهرباء تتنافى مع الوعود التي قدمتها الحكومة عند المصادقة على قانون إحداث الشركات الجهوية التي ستقوم بتدبير قطاع الماء والكهرباء عوض الشركات الأجنبية، حيث تعهدت بعدم المس بسعرهما بعد تفويت التدبير المفوض للشركات الجهوية، إلا أن قانون المالية يؤكد أن هذه الزيادات الضريبية ستزيد من ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل الحديث عن زيادة أسعار مواد أساسية أخرى مثل السكر والغاز والشاي والسلع المستوردة.
في هذا الإطار، اعتبر بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن الحكومة أظهرت وجهين: الوجه الجميل من خلال إعفاء بعض المواد من الضريبة على القيمة المضافة، مثل بعض المواد الاستهلاكية كالزبدة، والأدوية ثم الأدوات المدرسية، ومن جهة أخرى، قامت بزيادة الضريبة على مواد استهلاكية أخرى من قبيل الماء والكهرباء والشاي، وخاصة المواد التي يكثر عليها الإقبال من قبل المستهلك، معتبرا أن الإشكالية المطروحة لدى الحكومة هي تحديد فئة الفقراء الذين يحق لهم الاستفادة من الدعم المباشر، لأن مفهوم الفقراء في المغرب لا يمكن تعريفه إذ هناك من يمتهن التسول وله عقارات ومنازل ويعتبر فقيرا، لهذا يجب تحديد فئة الفقراء، خاصة وأن السجل الوطني الاجتماعي يشير إلى عشرة ملايين من الفقراء، مما يعقد مسألة الاستفادة من قنينة الغاز بالنسبة للفئات الهشة، لاسيما وأن هناك أسرا مكونة من خمسة أو سبعة أشخاص، داعيا إلى أخذ التجربة من بلدان مثل الهند ومصر في كيفية توفير الدعم للأسر الفقيرة، إما بمنح الغاز مجانا أو منح قيمة الدعم أو تخفيض الثمن لهذه الفئة.
وأكد الخراطي أن الطبقة المتوسطة هي الفئة المتضررة من نظام الدعم الاجتماعي للأسر الفقيرة، لأنها ستكون مضطرة لشراء المواد الأساسية بالأثمنة الحقيقية، مما يفرض على الحكومة الأخذ بعين الاعتبار مصير هذه الطبقة التي تعتبر أساس المجتمع والاستقرار الاجتماعي، كونها تساهم في التنمية والحركة الاقتصادية وتؤدي الضرائب، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في الضريبة على الدخل المتعلقة بالأجور التي تصل لـ 42 % وتخفيضها إلى 10 أو 5 %، أو دعم تمدرس أبناء هذه الأسر.
إن الزيادات الضريبية في سنة 2024 لم تتوقف عند هذا الحد في مشروع قانون المالية، فقد قررت الحكومة تعميم هذه الزيادات على جميع المواد الأساسية التي يستهلكها المغاربة بشكل يومي، إذ من المنتظر الرفع من الضرائب الداخلية على الاستهلاك المطبقة على بعض المنتجات المحتوية على السكر وتوسيع وعاء تطبيقها.
ويتضمن مشروع المالية كذلك زيادات صاروخية في الرسوم الجمركية، حيث سيتم الرفع من سعر الضريبة على القيمة المضافة على رسوم الاستيراد التي تشمل عددا كبيرا من المواد التي يستهلكها ويحتاجها المواطنون المغاربة، مما سيزيد من ارتفاع أسعارها خلال السنة القادمة 2024 في الأسواق، سواء الممتازة أو الأسواق الشعبية والمراكز التجارية الشعبية، إذ اقترح القانون الزيادة على بعض المنتجات الموجهة للاستهلاك من 2.5 إلى 30 %، وذلك في إطار تعبئة موارد مالية للميزانية العامة للدولة، وتتعلق بـ”الآلات الكهربائية الصغيرة، الميكروويف، المكواة، مجفف الشعر، آلات الحلاقة وآلات قطع العشب الكهربائية، بالإضافة إلى أجهزة الهواتف المكتبية، بما فيها الهواتف الذكية..)، كما تشمل الزيادة الضريبية في رسم الاستيراد المطبق على السجائر الإلكترونية ذات الاستعمال الوحيد من 2.5 إلى 40 %.
ويبقى الأخطر هو قرار الحكومة التي يقودها عزيز أخنوش، إنهاء وجود صندوق المقاصة بعدما قررت سحب الدعم المقدم لغاز البوتان تدريجيا، من خلال فرض زيادة قدرها 10 دراهم في قنينة غاز البوتان خلال شهر أبريل 2024 ليصبح ثمنها 50 درهما، ثم سيرتفع إلى 60 درهما في 2025، حتى يصل السعر لـ 70 درهما في 2026، مما يجعل الطبقة المتوسطة هي المستهدفة من خلال هذه الإصلاحات في انتظار إجراءات بديلة لحماية قدرتها الشرائية واستقرارها.