الرباط يا حسرة

حديث العاصمة | هكذا أصبحت الرباط “مدينة عظيمة لملك عظيم”

بقلم: بوشعيب الإدريسي

 

    في الصفحة 447 من كتاب: “المن بالإمامة” لمؤلفه الفقيه المرحوم عبد الملك ابن صاحب الصلاة، تنبأ في ذلك الوقت من سنة 594 هـ، بعد أمر السلطان ببناء مدينة على زاوية بين المحيط والوادي وقال ثم أرخ قولته في الكتاب المذكور بأنه “ستكون في هذا الموضع مدينة عظيمة لملك عظيم” وهو يشير بيده إلى الحقول المزروعة والأشجار الباسقة المنتشرة أمامه.

تتمة المقال بعد الإعلان

وها هي الرباط اليوم عاصمة للمملكة، وبعد أزيد من 8 قرون، تحقق فيها ما تنبأ به ابن صاحب الصلاة، وأصبحت تاجا على رأس القارة الإفريقية وعاصمة لثقافتها، وخزانا للنوابغ المتضلعين في بحور العلوم والمعرفة ومنهم عمداء ذاع صيتهم ونضالهم واجتهادهم في القارة التي ارتضت تشريفها بهذا اللقب المتميز.

وستستضيف بعد سنة وبضعة أشهر نهائيات كأس إفريقيا في حلتها الجديدة والحديثة لرياضة اعتنقت ثقافتنا ودخلت تقاليدنا وتيمن بها شعبنا، فانتشلها من خانة اللعب إلى مصاف إثبات الذات في مبدأ حب الوطن وثوابت الأمة، وهكذا أنهى حقبة اللعب وأقر النهوض بـ”تمغربيت” لتجديد الوطنية وتعليمها للأجيال عن طريق تلك التي كانت مجرد لعبة نلتهي بها فصارت ثقافة رياضية تتبناها بلادنا، بل أدخلناها وربما كأول شعب إفريقي في مجالات حقوق الإنسان الإفريقي، وقد شغلونا بالتفاهات التي أطلقوا عليها “حقوق الإنسان” حسب “سجنها” في التعبير أو ما شابهه وأقصوها من الحقوق التي عليهم نحو الأفارقة وهي مسكوت عنها حتى من المضطهدين المسروق منهم حق الاستفادة من ثروات بلادهم والمساواة في تنظيم وتأطير مختلف التظاهرات الدولية، والتعاون المتكامل بمنظور “رابح- رابح”، وأمامنا تظاهرة الكأس الإفريقية ستجسد على أرض الواقع وأمام إخواننا الأفارقة، وتؤكد أننا نحمل فعلا تاج القارة كأبناء مملكة محافظين على ثقافتها التي لا تختزل في ما هو أكاديمي، ولكن بشموليتها القارية من تقاليد وعادات وطقوس وألبسة ومعاملات ومساواة، واحترام للغاتهم ودياناتهم، والعمل على بناء الإنسان الإفريقي بنفس المواد الحقوقية التي يمتلكها الإنسان المغربي، وهذا ما ستدشنه تظاهرة “الكاف” صيف سنة 2025 في مملكة الثقافة الإفريقية وعاصمتها الرباط.

فلأول مرة لن نذكر ولا نحفز مجالسا نصبناها ومولناها وجهزناها وسلمنا لأعضائها سلطاتنا بما يفرضه عليها واجب الأخوة الإفريقية والعلاقات الروحية التي نتقاسمها معا بتدشين عهد فعلي لهذه الأخوة التي وهبتها لنا قارتنا باعتبار كل إفريقي أخ نسهل عليه مأمورياته ونوفر له متطلباته ونجتهد في إسعاده ونسقط من حساباتنا، بل ونحارب استغلال زيارته في مباريات الكأس الإفريقي، جشع الزيادات في أسعار كل المواد والخدمات التي يحتاجها، ونطالب – بالمناسبة – بتقنينها بأثمنة محدودة تعبر ماديا عن فرحنا باستقبال ضيوفنا الذين هم في حكم إخواننا، وإذا الشعب واجه كارثة الزلزال بتطوعه الباهر لنجدة ومواساة إخواننا المنكوبين، بينما غابت المجالس المنتخبة، فإن الشعب قادر على إنجاح لقائنا بإخواننا الأفارقة، وفي هذه الحالة يتأكد إفلاس مجالسنا.

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى