تحقيقات أسبوعية

مع الحدث | الأخطاء التي دفعت عمدة الرباط نحو منحدرات السقوط

"البلوكاج" يهدد مشاريع العاصمة بعد إسقاط الميزانية

لازال مسلسل الصراع بين مستشاري جماعة الرباط والعمدة أسماء أغلالو متواصلا بالرغم من محاولات الصلح التي قامت بها قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار وسلطات ولاية الرباط، من أجل الوصول إلى حل يرفع “البلوكاج” الذي تتخبط فيه العاصمة مقارنة مع العديد من المدن الكبرى، لاسيما وأن هناك مشاريع كبرى وبرامج يجب المصادقة على ميزانياتها وإنجازها في الوقت المحدد لها، طبقا لدفاتر التحملات وتوصيات الداخلية والالتزامات الدولية للمغرب.

إعداد: خالد الغازي

    تحول الصراع داخل مجلس جماعة الرباط إلى خلاف جماعي مباشر مع العمدة أسماء أغلالو، بعدما بدأ كخلاف شخصي بين بعض النواب والأعضاء مع العمدة بسبب ما يسمونه “انفرادها في التسيير واتخاذ القرارات الانفرادية في تدبير وتسيير المجلس، وسحب التفويضات من بعضهم”، مما جعل الصراع يتطور إلى تحالف كبير يضم كل فرق الأغلبية وحتى من فرق المعارضة، للإطاحة بالعمدة، حسب تصريحاتهم وبلاغهم.

تتمة المقال تحت الإعلان

وزادت الدورة الثانية لشهر أكتوبر التي انعقدت يوم الإثنين الفارط، من تشديد الحبل على العمدة أسماء أغلالو ومطالبتها بالرحيل وتقديم استقالتها، بعد غياب أزيد من 70 مستشارا من أصل 81 مستشارا في مجلس المدينة ينتمون لفرق الأغلبية والمعارضة، مما قد يستدعي تدخل السلطة الوصية الممثلة في والي الرباط محمد اليعقوبي، من أجل إيجاد حل لحالة “البلوكاج”، والأزمة التي تعرفها جماعة العاصمة، خاصة وأن هناك رهانات كبيرة وتحديات كبرى تنتظر المجلس خلال هذه الولاية لإنجاز مجموعة من المشاريع وتسوية العديد من المشاكل وضمان مصلحة الساكنة.

فالعمدة أغلالو جعلتها الضمانات التي منحت لها والتأييد الذي حظيت به من قبل قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار وزوجها سعد بنمبارك، المنسق الجهوي للحزب، تكتسب ثقة زائدة(..)، الشيء الذي وضعها أمام موجة من الانتقادات، سواء داخل تحالف الأغلبية، ولدى مستشاري الأحزاب الأخرى، نتيجة عدم تجاوبها مع المقترحات والشكايات التي تأتي من المواطنين، وأرباب المقاهي والتجار، والمتضررين، الشيء الذي يجعل هؤلاء الأعضاء المنتخبين يتعرضون لانتقادات بسبب عدم قدرتهم على الدفاع عن مصالح الساكنة، لهذه الأسباب أصبحت العمدة تعيش فترة صعبة وضغوطا كبيرة لكي تقدم استقالتها من رئاسة المجلس بعد اتهامها بالاستفراد بالقرارات وسوء التسيير وعدم التشاور والتنسيق مع النواب، مما دفع أعضاء حزبها لاختيار رئيس جديد لفريقهم تمهيدا لمرحلة ما بعد أغلالو.

وترى بعض المصادر، أن الجانب السياسي يطغى على مشكلة مجلس جماعة الرباط، لاسيما بعدما قامت فرق الأغلبية المشكلة للمجلس، بإصدار بلاغ واضح بمشاركة المنسقين الجهويين، تؤكد من خلاله أن استمرار العمدة بات شبه مستحيل، لأن هناك إجماعا على ضرورة تغيير القيادة على مستوى المجلس، حيث أن الإرادة السياسية المشكلة لأحزاب الأغلبية الموجودة خصوصا بعدما غابت حتى أحزاب المعارضة عن الدورة الأولى للمجلس الجماعي، كل من الاتحاد الاشتراكي وفيدرالية اليسار الديمقراطي، مما يبرز أن التنسيق لم يعد يقتصر فقط على أحزاب الأغلبية المشكلة للمجلس، بل انتقل حتى إلى مكونات المعارضة، وبالتالي، أصبح شبه إجماع لجميع مكونات المجلس من الناحية السياسية، على أن الرئيسة لا تمثل الأغلبية وليست الشخص المناسب للاستمرار في تدبير الجماعة، لأن المعطى السياسي هو الذي سيحكم لنا جميع المعطيات.

تتمة المقال تحت الإعلان

وتضيف المصادر ذاتها، أن الوقائع والأحداث أخذت أبعادا أخرى بعد الاجتماع الخاص الذي جمع بين مستشاري مجلس الرباط وقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار وأعضاء المكتب السياسي، حيث ظهر أن هذه القيادة منحت الضوء الأخضر للمنسقية الجهوية للرباط، للتوقيع على بلاغ الأغلبية الذي صدر مؤخرا، والذي يتهم العمدة بالتحكم والتسيير الفردي، وبالتالي، لم تعد تحظى بأي دعم حتى من حزبها، رغم أنها عضو المكتب السياسي لحزب الأحرار، حيث فقدت الدعم كليا من حزبها، وفقدت دعم الأغلبية المشكلة للمجلس، وحتى دعم باقي مكونات المجلس من الناحية السياسية.

وتؤكد نفس المصادر، أن ما حصل بعد غياب مكونات الأغلبية عن الدورة الأولى، ثم الدورة الثانية لمجلس المدينة، أدى إلى تدخل الوالي محمد اليعقوبي، الذي من حقه التدخل وعقد دورة أخرى للمجلس “بمن حضر”، وبناء عليها وعلى نتائجها، يمكن له القيام برفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية بالرباط لاستصدار قرار يقضي بعزل العمدة من منصبها، بحكم أنها أصبحت تهدد سير المرفق العمومي الأساسي المتمثل في المجلس الجماعي بالنسبة للساكنة، حيث أن هذه الإجراءات قد تتطلب شهرا كاملا ليتم عزلها من منصبها وفتح الباب أمام إنشاء مكتب جديد، مضيفة أن الرئاسة لن تخرج عن التحالف المشكل للأغلبية بالمجلس، لكونه ظل صامدا وأصدر بيانا مشتركا يدعو فيه العمدة إلى تقديم استقالتها، وبالتالي، فإن السيناريو المحتمل هو نفس التحالف، لأنه لم يحصل انفجار في الأغلبية، لأن المشكل في شخص واحد، أما إمكانية التغيير فلن تحصل إلا في حالة انضمام حزب آخر للتحالف الحكومي من خارج الأحزاب الثلاثة، ويمكن أن يكون جزء من التحالفات المحلية.

فالأزمة التي يعيشها مجلس الرباط لا يمكن أن تستمر في ظل المشاريع الكبرى التي تعرفها العاصمة، من أبرزها مشروع مخطط التهيئة العمرانية الذي له أبعاد سياحية واقتصادية وترفيهية وسكنية، ويشمل إحداث مركز حضري جديد في اتجاه كورنيش الرباط بشارع الحرية يشمل أماكن عمومية ومحلات تجارية ومرافق سياحية وترفيهية، وإنشاء مساحات خضراء، وفضاءات جديدة عمومية، كما يشمل المشروع خلق موقف سيارات عام كبير تحت الأرض يلبي احتياجات المنطقة السياحية والتجارية عند تقاطع شارع الحرية وشارع سيدي محمد بن عبد الله في حي يعقوب المنصور.

تتمة المقال تحت الإعلان

وبالتالي، ستكون العمدة أغلالو أمام مصير نهائي في الجلسة الثالثة والأخيرة، المنعقدة يوم 20 أكتوبر، والتي يسمح بها القانون التنظيمي للجماعات الترابية بمن حضر، بعدما فشلت في تحقيق النصاب القانوني خلال الدورتين السابقتين، مما يؤكد أن المجلس يعيش إخفاقا غير مسبوق في تدبير شؤون العاصمة الرباط منذ عدة سنوات، بسبب أخطاء الرئيسة وتوتر علاقتها مع جميع أعضاء مجلس المدينة، لهذا قرر الوالي اليعقوبي إعطاء فرصة أخيرة للعمدة لعقد الدورة الثالثة والتي من المتوقع – تقول المصادر ذاتها – أن تعرف حضور الأغلبية والمعارضة للتصويت ضد مشروع الميزانية المرصودة للمجلس الجماعي، والتي تعتبر نقطة أساسية في جدول الأعمال، وفي حال سقطت الميزانية في الاجتماع المقبل، سيتم تطبيق أحد بنود القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، ويتعلق الأمر بدخول الوالي على الخط ليقوم شخصيا بصرف الميزانية حتى لا تتوقف المصالح، ويتعلق الأمر بالمصالح الجارية، كأجور الموظفين وبعض الالتزامات الأخرى، دون أن يتم إبداع أمور جديدة.

وحسب نفس المصادر، فإن هناك أربع سيناريوهات يمكن أن تحصل على مستوى جماعة الرباط عند قيام الأعضاء برفض الميزانية المالية للمجلس، حيث سيكون السيناريو الأول هو إعلان العمدة أسماء أغلالو عن استقالتها من الرئاسة ليتم انتخاب رئيس جديد، خصوصا وأن الأغلبية لا زالت تحافظ على تحالفها في المجلس، إلا أن العمدة يبدو أنها رافضة لمقترح الاستقالة وماضية في تحديها لرفاقها وحلفائها في المجلس، وهو ما صرحت به في آخر اجتماع لها بهم، أما السيناريو الثاني، فحسب القانون التنظيمي والمتمثل في أنه بعد ثلاث سنوات من التدبير الترابي (أي إلى شهر شتنبر 2024)، من حق المستشارين أن يطلبوا عقد دورة استثنائية بعد جمع نسبة ثلثي المجلس، أي 61 مستشارا، بهدف تنحية الرئيسة وإقالتها من منصبها، وفي حالة امتناع الرئيسة عن ذلك، يمكن للأعضاء اللجوء إلى المحكمة الإدارية للمطالبة بعزلها بقرار قضائي، والسيناريو الثالث، الممكن في حالة مجلس الرباط، فيكمن في استمرار “البلوكاج” وتوقف العديد من المشاريع والبرامج والأوراش وخلق أزمة داخل العاصمة، مما يمنح لوزارة الداخلية الحق في اتخاذ إجراءات قانونية لحل المجلس بالكامل والإعلان عن انتخابات جديدة سابقة لأوانها، بهدف اختيار مكتب جماعي جديد، وهو الأمر المستبعد، لأنه لا توجد مشاكل على مستوى تحالف الأغلبية وأعضاء الفرق المشكلة فيما بينهم، بينما السيناريو الرابع الذي يمكن أن يسفر عن مخرج للأزمة، هو أن تقدم العمدة أغلالو تنازلات لفائدة أعضاء الأغلبية وتشركهم ضمن عملية التسيير، وتحقق المصالحة معهم لكي يتم إنهاء الأزمة، توضح نفس المصادر.

إذن، هناك الكثير من المشاكل تورطت فيها العمدة أغلالو منذ تقلدها المسؤولية على رأس جماعة الرباط، سواء مع الساكنة بسبب فرض “الصابو”، أو مع التجار وأرباب المقاهي والمستشارين، مما جعلها مرفوضة من قبل الجميع، حيث أن فرض الرخص على أصحاب المحلات التجارية والحرفيين خلق نوعا من الاحتقان في صفوف الناس، وجعل الشكايات تتقاطر على المستشارين ورؤساء المقاطعات، مما جعلهم يرفضون قراراتها التي لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، لأن العديد من المنازل والمحلات المتواجدة في المدينة القديمة ومختلف أحياء الرباط، موجودة منذ عشرات السنين ولا تتوفر على التراخيص والتصاميم الجديدة.

تتمة المقال تحت الإعلان

في هذا السياق، يقول أحد المستشارين البارزين، أن مشكل العمدة ليس فقط في تدبير وتسيير المجلس، وإنما هناك غيابا للاحترام تجاه المستشارين والموظفين بشكل يخالف ميثاق السلوك والأخلاق داخل الإدارات العمومية والجماعات الترابية، مشيرا إلى أن أغلالو تتعامل مع الموظفين مثل مستخدمين في ضيعة فلاحية، حيث قامت بحرمانهم من تعويضات الأشغال الشاقة والملوثة برسم سنة 2023 في الأسبوع الماضي، ثم تراجعت بعد تدخل السلطات ودعوة نقابة موظفي الجماعات إلى الاحتجاج على هذا القرار المفاجئ الذي اعتبروه تنصلا من الالتزامات.

وأضاف نفس المستشار، أن العمدة تتعامل مع رؤساء المقاطعات والنواب بنوع من الإقصاء والتجاهل، وتتخذ قرارات فردية بدون استشارتهم، وتتدخل في شؤون واختصاصات المقاطعات، حيث قامت بسحب مبالغ التنشيط الثقافي منها وتحويلها إلى مساهمات المجلس في دعم ضحايا زلزال الحوز دون أخذ موافقة المجلس أو مجالس المقاطعات رغم استقلاليتها، مشيرا إلى أن العديد من المشاكل تراكمت في عهد العمدة، منها غياب الحوار والمقاربة التشاركية وعدم منح الكلمة والمناقشة ونقطة نظام للمستشارين خلال الدورات والاجتماعات، والترويج لأشياء على المستوى الإعلامي لا أساس لها من الصحة، مثل قضية الموظفين الأشباح بالجماعة حوالي 2300 موظف، والتي خلقت منها ضجة إعلامية بدون فائدة.

وأوضح المصدر ذاته، أن العمدة قامت مؤخرا بخلق مشكلة جديدة في شركة التنمية المحلية “باركينغ” المثيرة للجدل، بعدما أقدمت على إيقاف وتجميد الحساب المالي للشركة بسبب حسابات وخلافات ضيقة مع مديرة الشركة التي اصطفت إلى جانب المعارضة، مما سيؤدي إلى خلق أزمة جديدة لهذه الشركة مع المستخدمين والأعوان الذين يشتغلون فيها، خاصة وأن الشركة تعاني من عجز مالي بسبب فشل زوج العمدة، المدير السابق في تسييرها.

تتمة المقال تحت الإعلان

وتعتبر شركة التنمية المحلية من “العلب السوداء” التي حاولت العمدة التغطية عليها منذ توليها المنصب، لكون الشركة ظلت مرتبطة باسم زوجها، سعد بنمبارك، الذي لاحقته اتهامات وانتقادات بسبب سوء التسيير وتوظيف أقارب عدد من مستشاري المجلس، وارتكاب اختلالات وقيادة الشركة نحو الإفلاس، خاصة بعد إصدار المجلس الأعلى للحسابات تقريرا أسود في الموضوع سنة 2020، مما دفع العمدة إلى إعادة استعمال “الصابو” في العاصمة الرباط رغم معارضة المستشارين والساكنة، ورغم وجود حكم قضائي يقضي بمنع استعماله.

وسبق أن تعهدت العمدة بإنجاز افتحاص مالي للشركة، إلا أنها رفضت الكشف عن نتائجه ومصيره، وذلك لكسب الوقت حتى تمكنت من تسوية الملف دون النبش في أرشيف زوجها الذي كان مديرا لإدارة الشركة، عن طريق تفويت منصب رئاسة الشركة إلى رئيس نادي الفتح الرباطي، وأحد أطر صندوق الإيداع والتدبير، بعدما وجهت إليها انتقادات كثيرة بسبب موقفها من استمرار زوجها المنسق الجهوي لحزب الأحرار، في رئاسة المجلس الإداري للشركة بشكل غير قانوني.

فقد كثرت العديد من المشاكل والصراعات داخل مجلس الرباط، بسبب منهجية التسيير التي تتبعها العمدة أغلالو منذ عامين، مما سيدفع الأحزاب المشكلة للأغلبية في مجلس مدينة الرباط، إلى إسقاط ميزانية المجلس في الدورة المقبلة حسب بعض المصادر، مع تمرير بعض النقاط والمشاريع المتعلقة بالولاية والسلطات فقط، إلا أن هناك من يدعو إلى ضرورة إسقاط جميع النقاط التي تقوم العمدة بعرضها خلال الدورة بشكل كامل، ثم عقد دورة استثنائية أخرى في الشهر المقبل لتمرير النقاط الخاصة بالولاية.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى