تقرير

تقرير | حقوقيون يطالبون بتحريك ملف الصحراء الشرقية ومقاضاة الجزائر وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان

على هامش ملف التهجير القسري

دعا باحثون وحقوقيون الدولة المغربية إلى الترافع عن قضية المغاربة المطرودين قسرا من الجزائر (45 ألف أسرة سنة 1975) لدى المنتظم الدولي، وتنفيذ توصية الأمم المتحدة المتعلقة بضحايا هذه الجريمة التي تدخل في سياق التهجير القسري، مشددين على تحقيق الإنصاف والعدالة القانونية وتعويض هؤلاء المغاربة الذين فقدوا كل ما يملكون وقطعت أرحامهم مع أقربائهم الجزائريين.

إعداد: خالد الغازي

    تطالب مجموعة من الحقوقيين والخبراء الدولة المغربية، بضرورة تبني ملف التهجير القسري لـ 45 ألف أسرة مغربية من الجزائر، والدفاع عنهم في مختلف المحافل الدولية، الأممية والإفريقية والعربية والإسلامية، والمرافعة حقوقيا وقضائيا أمام المنظمات الدولية من أجل استرداد حقوق وممتلكات وفوائد التأخير لهؤلاء المغاربة المطرودين والتي قدرت من طرف خبراء دوليين، بأكثر من 40 مليار دولار، معتبرين أن ما تعرض له مغاربة الجزائر يعد خرقا دوليا لحقوق الإنسان ويدخل ضمن جرائم الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي الإنساني.

تتمة المقال بعد الإعلان

واعتبر هؤلاء الخبراء أن الوقت مناسب لدعوة الدولة إلى الترافع عن ضحايا “المسيرة الكحلة”، وتحريك ملف الصحراء الشرقية التي استولت عليها فرنسا ومنحتها للجزائر عقب الاستقلال، مطالبين باستغلال الاتفاقيات الدولية الحقوقية التي وقعت عليها الجزائر، لمقاضاتها في المحاكم الدولية حول الجريمة المرتكبة في حق المواطنين المغاربة العزل.

ويرى الحقوقي بوبكر لاركو، أن المقاربة الحقوقية لقضية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، تقتضي الاستناد إلى مبادئ ومعايير حقوق الإنسان الدولية، ومضامين الإعلانات والعهود والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب وصادقت عليها الجزائر، والتي ترتكز على مبادئ تؤكد كل حق على حدة، وعدم التمييز والاهتمام بالفئات الهشة، والمشاركة والتمكين من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن الجريدة الرسمية الجزائرية الصادرة في سنة 1972، توصي – في ديباجتها – بالأخذ بعين الاعتبار باتفاقية 1901، والسماح للناس القاطنين في الحدود بالتنقل بكل حرية بين الأراضي الواقعة على الحدود.

وأوضح لاركو، أن المغرب والجزائر صادقا على معظم الاتفاقيات الأساسية التي تحمي حقوق الإنسان، وأيضا القانون الإنساني، منها: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، اتفاقية مناهضة التعذيب، اتفاقية حقوق الطفل، اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، التمييز ضد المرأة، واتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين، مضيفا أن “الحق في الحياة لصيق بالإنسان” حسب المادة 38 من دستور الجزائر، و”تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الإنسان كيفما كان في الجزائر، ويحظر أي عنف مدني أو معنوي أو مساس بالكرامة، ويعاقب القانون على التعذيب وعلى المعاملة القاسية أو المهينة أو الاتجار في البشر” وفق المادة 39، ثم تقول المادة 44: “لا يتابع أحد يوقف أو يحتجز إلا ضمن الشروط الكفيلة بالقانون”، إضافة إلى المادة 50، حيث “يتمتع كل أجنبي يتواجد فوق التراب الجزائري بشكل قانوني، بحماية القانون بشخصه وأملاكه”، حسب الدستور.

تتمة المقال بعد الإعلان

وكشف نفس المتحدث، أن هناك قانونا صدر في سنة 1966 وتم تحيينه سنة 1971، ينظم إقامة الأجانب فوق التراب الجزائري، وكيفية التعامل وفق العهود والاتفاقيات الدولية، والتي ترتكز على ثلاثة محاور أساسية، وهي: الالتزام باحترام الحقوق كل حق على حدة، الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، والالتزام بحمايتها، محملا المسؤولية للدولة الجزائرية بخصوص الانتهاكات التي قامت بها في حق المغاربة المطرودين والتي شملت آلاف الأسر ضمنهم شيوخ وأطفال، في ظروف قاسية وعاملتهم معاملة حاطة من الكرامة، مع مصادرة الوثائق الإدارية لأغلب الضحايا والممتلكات، والاختفاء القسري.

وقال لاركو أنه يجب تحميل المسؤولية للجزائر ومتابعتها بهذه الانتهاكات، وذلك وفق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 13، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية حماية جميع حقوق العمال المهاجرين التي وقعت عليها الجزائر سنة 2005، والتي تمنع تعريض العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لإجراءات الطرد التعسفي، وأنه لا يجوز القيام بذلك إلا بقرار تتخذه سلطة مختصة وفق القانون، ويتم إخبارهم باللغة التي يفهمونها ويحق للشخص المتضرر أن يتقدم بالطعن في القرار لدى السلطة القضائية المختصة.

من جهته، اعتبر محمد الزهراوي، أستاذ في القانون، أن الطرد الجماعي الذي تعرض له آلاف المغاربة من الجزائر لا يدخل في إطار الهجرة القسرية التي تحصل خلال الحروب والأزمات بشكل إرادي من الناس، بسبب تدهور الأوضاع والظروف المعيشية والبحث عن مكان آمن، بينما التهجير القسري الذي تعرضت له الأسر المغربية من الجزائر، يرقى إلى جرائم حرب والإبادة الجماعية حسب القانون الدولي، مبرزا أن الجهة التي تسهر على ملف ضحايا التهجير القسري هي مفوضية اللاجئين الأممية مما يخلق إشكالا قانونيا لهذا الملف.

وأوضح نفس المتحدث، أن ملف المغاربة ضحايا الطرد التعسفي يجب ربطه بقضية الصحراء الشرقية المغربية، لأنهم تعرضوا للتهجير من أرضهم ووطنهم، خاصة وأن المغرب لم يغلق ملف هذه المنطقة المغربية التاريخية، مضيفا أن الإشكال المطروح على الصعيد الدولي، هو غياب آلية أممية مكلفة بتدبير مشكلة التهجير القسري الجماعي للناس، في ظل وجود 70 مليون شخص في العالم لاجئين، تعتبرهم المفوضية السامية ضحايا التهجير القسري (مثل السودان، سوريا، رواندا، إفريقيا الوسطى، والصومال)، حيث تتم معالجة هذه الظاهرة في الشق الإنساني فقط عبر الإغاثة.

وقال الزهراوي أن ملف المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر، ملف قانوني يحتاج إلى الترافع في المنتديات الدولية والقانونية، وإثارته لدى المقربين من الأمين العام، واللجن التابعة للأمم المتحدة، أو إحداث هيئة أو لجنة تعنى بتتبع الملفات المتعلقة بالتهجير القسري الجماعي، بالرغم من صعوبة الجانب القانوني، داعيا وسائل الإعلام إلى القيام بدورها من أجل التعريف والترويج للملف، ولكي يستمد مشروعيته يجب تناوله من المنطق القانوني واعتباره ملفا متكامل الأركان، لا سيما وأن الضحايا يحتاجون إلى إثارة هذه القضية على جميع المستويات المتعلقة بحقوق الإنسان، مع ضرورة التوفر على آلية المتابعة على مستوى الأمم المتحدة والمنظمة العالمية لحقوق الإنسان.

من جانبها، قالت أمينة بوعياش، أن الطرد الجماعي لهؤلاء الآلاف من المغاربة، هو بالتأكيد خرق واضح، ليس فقط لقيم حسن الجوار وكل الأعراف الإنسانية، بل والأكيد للقوانين الدولية والوطنية، لكونها انتهاكات تشكل مسا خطيرا بحياتهم وسلامتهم الجسدية واحتجاز ممتلكاتهم وحرمانهم من أبسط الظروف الإنسانية للتنقل.

وأشارت بوعياش إلى أنه منذ شهر أبريل 2010، أصبحت قضية المغاربة المرحلين قسرا من الجزائر، محل تداول ونقاش في أروقة الأمم المتحدة وعبر اللجن التعاقدية، وبالخصوص اللجنة الأممية المعنية بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم والتي أقرت بجسامة الأضرار التي تعرض لها المغاربة المرحلون، وأوصت السلطات الجزائرية باتخاذ كل التدابير اللازمة لاسترداد الممتلكات وتعويضهم بشكل منصف ومناسب وفقا للمادة الخامسة عشر من الاتفاقية الدولية بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم، واتخاذ التدابير اللازمة لتيسير وتسهيل تجمع المطرودين مع عائلاتهم بالجزائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى