كواليس الأخبار

إقصاء المتصرفين.. الخطأ الكبير الذي ارتكبه الوزير بنموسى

متصرف يكتب عن عيوب الإصلاح الموعود

بقلم: محسن زردان

متصرف إداري

    فجأة وجد المُتصرف الإداري نفسه خارج حسابات النظام الأساسي الجديد لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلى درجة أنه لم يُذكر حتى بالاسم ضمن الفئات المنتمية لقطاع التربية الوطنية، ومن هنا نفهم أن أمر التدبير الإداري للمديريات المركزية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية، لا يحتاج سوى لعبثية خروج مذكرة بسيطة ترقيعية تُقرر بين عشية وضحاها تغيير إطار الأطر التربوية ومغادرة أقسامها إلى أطر إدارية بدون حاجة لا إلى تكوين ولا إلى معادلة للشواهد والدبلومات لخوض تجربة تدبير الشأن الإداري لهذه المؤسسات العمومية.

تتمة المقال تحت الإعلان

هذا التيمم وتفريخ أطر بمهام مماثلة مألوف في وزارة التربية الوطنية منذ مدة، بسبب تواطؤ النقابات من جهة، ومن جهة ثانية، راجع للتسيب والفوضى السائدة التي تجعل من الهيئات المهنية مستباحة وغير محصنة من اختراق الوافدين من المظليين الجدد.

هذا التبريء من المتصرفين الإداريين وكأني به إشارة إلى أن الوزارة الوصية على القطاع ليست في حاجة ماسة لهذه الفئة من الأطر المشتركة بين الوزارات، بل هي مكتفية بباقي فئاتها التربوية المتعددة، وبالتالي، فالتدبير الإداري لن يكون بعد اليوم إلا في يد الأطر التربوية، وهذا المعطى فيه رسالة واضحة إلى المتصرفين الإداريين المشتغلين في القطاع، للتفكير في إيجاد بدائل لمغادرة وزارة التربية الوطنية أمام العرض الهزيل المقدم في مقتضيات النظام الأساسي الجديد وفق خيار الإدماج في إطار ممون، وهو عرض فيه قهقرة مالية ومعنوية للإطار، وإساءة رمزية لأطر عليا المرجو منها النهوض بأداء الإدارة المغربية.

خروج إطار متصرف تربوي منذ مدة للوجود، كان بمثابة لحظة فارقة في مصير المتصرف الإداري، بتسطير مهام شبه مماثلة بين الإطارين، يبدأها المتصرف التربوي للجيل الجديد من مهام الإدارة التربوية مرورا بالإدارة المادية والمالية انتهاء بتقلد مناصب المسؤولية في المصالح والأقسام، وفق توجه تقشفي جديد للموظف متعدد التخصصات يعمل أينما حل وارتحل، وينحو في جميع الاتجاهات، عملا بمبدأ الانفكاك عن النموذج الفرنسي، الذي لم يعد جذابا ولا صالحا ولا متوافقا مع روح عصر الانفتاح، ولا منسجما مع هبوب رياح الثقافة الأنجلوسكسونية المتصفة بالمرونة السائرة في منحى الوظيفة ذات المهام المؤقتة وليست الدائمة والمستمرة.

تتمة المقال تحت الإعلان

فما يثير الاستغراب، أن فئات أخرى منتمية للأطر المشتركة، من قبيل المساعدين التقنيين والإداريين، عملت الوزارة الوصية على الاستجابة لمطالبهم وأخذها بعين الاعتبار ولو جزئيا، في حين لا ينطوي نفس الأمر على المتصرفين الإداريين.

بهذا المعنى، من المنتظر تصفية المتصرف الإداري من القطاع ببطء عن طريق انتظار إحالته على التقاعد، لكونه أضحى زائدا عن الحاجة، ولا يمارس في الواقع المهام التي يحددها نظامه الأساسي، من قبيل التأطير والإدارة والخبرة والاستشارة والمراقبة، مما يمكن تفسيره بظاهرة الاستجابة للوبيات الفئوية النقابية، التي تضغط نقابيا بملفاتها لتصير من الأولويات على طاولات المفاوضات مع الوزارة الوصية.

على ضوء ذلك، أمكننا القول أن المتصرف الإداري لم ينجح في خلق لوبي ضاغط ومؤثر داخل القطاع، لعدة اعتبارات، يبقى من أهمها غياب تصور واضح حول المطالب المرجوة، وكذا تقاعس المتصرفين الإداريين المحتلين لمواقع مهمة في هرم المسؤولية لخدمة الإطار، فكيف يعقل لمتصرفين إداريين في مواقع مدراء مركزيين يقبلون بتمرير هكذا مرسوم بتلك الصيغة، فضلا عن النفور أو التخلي عن العمل النقابي مخافة الإقصاء من تقلد مناصب المسؤولية التي في الغالب لا تحبذ بروفايلات ذات توجهات نضالية.

تتمة المقال تحت الإعلان

وفي ذات السياق، كان لإجهاض تجربة الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، دور في إضعاف لحمة المتصرفين ولمّ شملهم، وضمان جهاز له ثقله وكلمته في الترافع عن قضايا المتصرفين الإداريين.

يبقى من بين الحلول المنطقية، مغادرة القطاع إلى قطاعات عمومية أخرى تُبدي حاجة ماسة لخدمات المتصرف الإداري، في وقت تُبدي وزارة التربية الوطنية من خلال سُلوكها استعدادا للتضحية بالمتصرف الإداري، الذي حتى وإن أراد لَيَّ ذراعها، فهي قادرة على سد خصاصه، باستثمار البديل المتوفر المتمثل في عشرات المتصرفين التربويين خريجي المراكز الجهوية للتربية والتكوين بشكل سنوي، لأن من لديه ذَرة من الكرامة لا يُصر على التشبث بالبقاء في وسط لا يعترف به ولا يقيم له وزنا، وغير مستعد لإدماجه في إطار يتناسب مع وضعه المادي والاعتباري.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى