تحت الأضواء | دخول برلماني بطعم الزلزال والكوارث ومشاريع إصلاح مدونة الأسرة
بالإضافة إلى لغم العقوبات البديلة
الرباط. الأسبوع
مع اقتراب عودة أنشطة البرلمان في الولاية التشريعية الثالثة من عمر الحكومة، كثر الحديث حول الرهانات والتحديات التي ترافق الدورة الخريفية، خاصة في سياق دولي ووطني مليء بالتحديات والإكراهات الاجتماعية والاقتصادية التي تطارد الحكومة، بدء بكارثة زلزال الحوز التي سيكون لها تأثير على قانون المالية المقبل، إلى جانب مشروع قانون مدونة الأسرة الذي من المرتقب أن يأخذ حيزا كبيرا في النقاش البرلماني، ثم مشاريع قوانين أخرى ونصوص تنظيمية لازالت في رفوف البرلمان في انتظار عودة العمل التشريعي.
يحل الدخول البرلماني في ظرفية اقتصادية واجتماعية جد صعبة على المغاربة، في سياق موسوم بارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية والخضر والفواكه، ومشاكل اجتماعية ومأساة المتضررين من الزلزال، وتفشي البطالة وضعف الاستثمار ومشاكل على مستوى النقل العمومي وإشكالية الماء والجفاف، ينضاف إلى ذلك سيطرة الأغلبية الحكومية على البرلمان واحتجاج المعارضة بسبب رفض جل المبادرات التشريعية والمجهودات التي تقوم بها من أجل تحسين الأداء التشريعي والرقابي، والدفاع عن الواقع المعيشي للمواطنين والطبقة الفقيرة.
ترى النائبة البرلمانية سلوى البردعي، أن الدخول البرلماني المقبل ترافقه العديد من المواضيع المهمة، لكن كارثة زلزال الحوز تتطلب اهتماما كبيرا من قبل النواب والفرق البرلمانية، من خلال الدعم ومساندة المتضررين والتفكير في مشاريع للنهوض بالمناطق الجبلية المتضررة، التي لم تنل نصيبها من التنمية، إلى جانب الاهتمام بورش الاستثمار الذي أوصى به الملك محمد السادس لتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين الأجانب ومغاربة العالم، مؤكدة أن مسألة تدبير الموارد المائية يجب أن تحظى باهتمام البرلمان لأخذ إجراءات استباقية، خاصة وأن هناك تأخرا في التساقطات المطرية في شهر أكتوبر واستمرار ارتفاع الحرارة، مما يستوجب استحضار إشكالية الماء من قبل الفرق البرلمانية لتقديم مقترحات والتحسيس بالوضع الذي نعيشه.
كما أن هناك مشروع مدونة الأسرة الذي يجب أن يحظى باهتمام نواب الأمة، ويقومون بدورهم في إطار هذا الورش الملكي الهام، الذي يتطلب منهم الالتزام والمواكبة والحضور، تقول البردعي، مؤكدة على ضرورة تفعيل القوانين التي تم الاتفاق عليها في السنة الماضية في البرلمان، وأيضا التزام النواب بالحضور للجلسات العمومية وأشغال اللجن، والقيام بدورهم من أجل الترافع من أجل قضايا المواطنين.
وانتقدت طريقة تدبير مشروع قانون العقوبات البديلة الذي يمنح لفئة معينة الحق في الاستفادة من هذه العقوبات، خاصة الفئات الميسورة، بينما يتم استثناء نزلاء السجون الذين لا يتوفرون على القدرة المادية لشراء العقوبة الحبسية، معتبرة أن هذه الآلية تضعنا في عدم الإنصاف والمساواة لأن العديد من السجناء ليسوا قادرين على شراء مدة عقوبتهم، داعية إلى فتح نقاش موضوعي فيما يتعلق بالقانون الجنائي والقوانين الأخرى.
ويعد قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 من القوانين المثيرة للجدل داخل البرلمان، بسبب تضمنه نقطة تتعلق بشراء العقوبة الحبسية بالمال لتخفيض عدد ساكنة المؤسسات السجنية، ويدخل ضمن إصلاح المنظومة القانونية الجنائية للحد من الاكتظاظ والاعتقال الاحتياطي في إطار مشروع يسعى إلى وضع قانون متكامل للعقوبات البديلة، سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تتعلق بتتبع وتنفيذ العقوبات البديلة، حسب تصريح وزير العدل في اجتماع لجنة العدل والتشريع.
وترفض المعارضة الصيغة التي طرح بها القانون، لأنه يمكن أصحاب المال فقط من الاستفادة من هذه الآلية، وسيشرعن شراء الحبس من طرف أصحاب المال وبقاء أبناء الشعب في السجون، خاصة فئة النساء ومدمني المخدرات والأحداث بغض النظر عن الأفعال التي ارتكبوها، مشددة على ضرورة تحقيق العدالة والمساواة بالنسبة لجميع السجناء.
وهناك قوانين أخرى لازالت مهملة في البرلمان، مثل القانون الجنائي المثير للجدل وسط الساحة السياحة والحقوقية، لما يتضمنه من مواد تعتبر نقطة خلاف بين المعارضة والأغلبية، خاصة مسألة “الإثراء غير المشروع” وعلاقته بالتصريح بالممتلكات، وعقوبة الإعدام، وتجريم العلاقات الرضائية، وحرية التعبير والصحافة، التي لازالت تخضع لعقوبات ولرقابة القانون الجنائي بالرغم من وجود مدونة النشر والصحافة، كما توجد قوانين أخرى لازالت عالقة في عهد حكومة أخنوش، والتي تتماطل في تسويتها وإخراجها للوجود رغم أنه مرت عليها سنوات في البرلمان، خاصة قانون الإضراب، ومشروع النظام الأساسي للأطر التعليمية الذي ترفضه الهيئات التعليمية والتنسيقيات، ومشروع قانون إصلاح صندوق التقاعد الذي ترفضه أيضا النقابات المركزية والمعارضة، لكونه يحمل الموظف لوحده كلفة الإصلاح وتبعاته المادية والمعنوية، ودون أن تتحمل الحكومة أي مسؤولية فيما يتعلق بالأزمة الحالية لصناديق التقاعد.
ويظل مشروع قانون المالية 2024 من القوانين التي ستحظى باهتمام كبير من قبل الفرق البرلمانية خلال الدخول البرلماني الخريفي، إلا أن عرض هذا المشروع من قبل الحكومة سترافقه تحديات وإكراهات متعددة، أبرزها مخلفات وانعكاسات كارثة زلزال الحوز على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وآفاق التنمية في الأقاليم المتضررة، خاصة فيما يتعلق بمسألة الإعمار بالرغم من تخصيص صندوق خاص، إلا أن غلاء وارتفاع أسعار مواد البناء والحديد تجعل تكلفة بناء منازل المتضررين تتطلب مراجعة جديدة في قانون المالية لتخفيض المواد الأساسية التي يحتاجها سكان المناطق المنكوبة.
وحسب متتبعين، فقانون المالية الجديد يحمل الكثير من المستجدات والتحديات التي تقف عقبة أمام الحكومة، خاصة في الاستثمار العمومي، وقلة الموارد المائية وتأثيرها على القطاع الفلاحي والصناعي، واستمرار معدل التضخم وتأثيره على القدرة الشرائية للمواطنين، واستمرار الجفاف وتداعياته على الإنتاج الزراعي، مما جعل ندرة المياه تحديا صعبا بالنسبة للحكومة في ظل تراجع الأمطار والتساقطات واستمرار الحرارة، مما يتطلب البحث عن توجه جديد نحو اعتماد مشاريع أخرى لتوفير الموارد المائية مثل تحلية مياه البحر، وبناء سدود تلية، وتوسيع شبكة الطرق المائية.
كما من المرتقب أن يتطلب القطاع الرياضي استثمارا ماليا كبيرا من الحكومة في إطار قانون المالية 2024، لاسيما بعدما ظفر المغرب بتنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025، ونهائيات كأس العالم 2030، الشيء الذي يفرض عليها توسيع شبكة الطرق والمواصلات، وإصلاح الملاعب، ودعم قطاع النقل والسياحة والطيران.
وحسب وزارة الاقتصاد والمالية، فإن قانون المالية 2024، يحمل مستجدا يتمثل في البعد البيئي والإيكولوجي، من خلال فرض ضريبة الكاربون في المغرب، طبقا لأحكام المادة 7 من القانون الإطار رقم 19-69 المتعلق بالإصلاح الجبائي، وهذا الورش يندرج في إطار هدف تمكين المقاولات المغربية من الحفاظ على تنافسيتها على الصعيد الدولي، حيث سيتم وضع تصور خاص لهذه الضريبة من خلال تحديد نطاقها وشروط تطبيقها.
ومن جانب آخر، تظل ظاهرة غياب النواب عن الحضور لجلسات البرلمان من المظاهر السلبية التي تؤثر على صورة البرلمان لدى المغاربة، رغم البلاغات والتوجيهات التي يوجهها رئيسا مجلسي النواب والمستشارين إلى البرلمانيين لأجل الالتزام بالحضور، حيث سلجت في الدورة التشريعية السابقة غيابات كثيرة في صفوف النواب عن جلسات الأسئلة الشفوية المخصصة لمراقبة أداء الحكومة، مما دفع إلى تجدد المطالب بمحاسبة النواب المتغيبين.
ويعتزم مجلس النواب تفعيل العقوبات والغرامات المالية ضد البرلمانيين الغائبين، والمهملين للعمل البرلماني وللمسؤولية التي على عاتقهم، خاصة خلال الجلسات العامة التي تعرف غيابات كثيرة للنواب والمستشارين، حيث من المنتظر أن يلجأ مكتب المجلس إلى تطبيق الفقرة الثالثة من المادة 147 من القانون المنظم للغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية، والتي تنص على أنه في حالة ثبوت تغيب البرلماني أو البرلمانية بدون عذر للمرة الثالثة أو أكثر في الدورة نفسها، يقتطع من التعويضات الشهرية الممنوحة له مبلغ مالي بحسب عدد الأيام التي وقع خلالها التغيب بدون عذر مقبول.
وبرز غياب النواب خلال جلسات التصويت على قوانين مهمة، مثل قانون المالية 2023، حيث حضر 67 % فقط من مجموع البرلمانيين منهم 100 نائب من الأغلبية من أصل 395 نائبا، بينما حضر في التصويت على قانون الاستثمار 159 نائبا في جلسة التصويت النهائية في دورة أكتوبر 2022.