الرباط | أم المهازل في قلب العاصمة السياسية “يا حسرة”

الرباط. الأسبوع
مشروع التهيئة المعمارية المطروح للعموم لإبداء الملاحظات بشأنه، لن يكون وثيقة رسمية قابلة للتنفيذ إلا إذا استوفى كل الإجراءات، بما في ذلك صدوره في الجريدة الرسمية، وإذا كانت هذه الإجراءات قد انطلقت بالفعل وخلفت ردودا مختلفة، وفي نفس الوقت أشرت على عهد جديد للعاصمة الرباط، طرح للنقاش والتداول ليس لتزكية ما تم اقترافه من جرائم عمرانية، ولكن لتصحيح ما اختل منه وحذف ما كان خارج القانون، وهذا موضوع إذا نوقش بالجدية فدون شك سينحو إلى فتح ملفات الخروقات ومرتكبيها والملايير التي حصلوا عليها.
فالمشروع بخلاف ما يروج وما يحضر لفرملته، لن يتعثر، بل يمكن أن تطول مناقشته، ولكنه سيحافظ على حقوق العاصمة بدون “أورام” خبيثة أو أفخاخ قابلة للانفجار في المستقبل القريب، وإذا كان هذا الملف قد فتح للعموم مما ساهم في خلق نقاش عام، ربما ما كان ليكون معروضا بكل شفافية لو أسند للروتين المألوف بين المجالس وكواليسها والضغوطات التي تمارس عليها.
إذن، فهذا الإصلاح أخذ طريقه الشائك المحفوف بـ”المخاطر”، وسيصل إلى الهدف المنشود: احترام حقوق العاصمة لتمنح للرباطيين بيئة سليمة من كل الشوائب، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تجندت الجماعة لإعادة النظر في كيفية التعمير، بإقرار سياسة تعميرية وتنظيمها وموازنتها بين الأحياء والمقاطعات معتمدة على أقسامها الاقتصادية والاجتماعية والتقنية لتحضير خارطة المهن التي ظلت مبعثرة بدون تصاميم ولا قرار جماعي ينظمها ويجدد أماكنها ويراعي سهولة الوصول إليها، ويحمي الرباطيين من أضرارها وعواقبها، ونعني بذلك المحلات الجد خطيرة المنتشرة وسط الأحياء السكنية، والتي تتسبب لجيرانها في أبشع الأمراض العضوية، بسبب الروائح المنبعثة من المواد الكيماوية، سواء كراجات إصلاح السيارات أو أخرى للصباغة… إلخ.
فلا يعقل أن تبقى هذه المحلات تنخر عاصمة الأنوار وتشوه سمعتها وتعذب الرباطيين، بل تؤذيهم في صحتهم بالتلوث الخطير الذي تصنعه، فتقفل أبوابها ليلا وتترك الآلاف يستنشقون الأمراض المؤكدة، وفي إحصاءات محينة على الأوبئة المنتشرة، هناك أمراض الحساسية والصدر والسكري والغدة الدرقية والقلب والعيون، وغيرها، فكيف ابتلينا بهذه المصائب والرباط مشهورة بمناطقها الخضراء؟ ولا أحد فكر في القنابل المبثوثة في أزقتها وفي عماراتها، وهي نشطة تتفجر كل يوم بآفات قاتلة تخلف مرضى وضحايا والكل صامت على هذه الفوضى الضارة بالإنسان، وخصوصا الصغار، الذين يَصْلون طول حياتهم سعير مخلفات مؤامرة الصمت على أم المهازل، وأين؟ في العاصمة السياسية “يا حسرة”.
فهل يتصدى مجلس الجماعة للتعمير العشوائي، بترتيب هذا التعمير وتقنينه، لإنقاذ الرباطيين من ما يعانونه، لا لشيء إلا لصمت منتخبيهم عن تسوية الحرف الصناعية الضارة وإخراجها من الأحياء السكنية.