حديث العاصمة | “تمغربيت” التي لم تفرزها صناديق الاقتراع

بقلم: بوشعيب الإدريسي
أسبوع بعد أسبوع يتألق الرياضيون المغاربة في جل المنافسات والتظاهرات الدولية خارج الحدود ويعودون إلى بلدهم وقد سبقتهم إليه إنجازاتهم وإعجاب العالم بهم وافتخار شعبهم بتضحياتهم وجديتهم لرفع راية البلاد عاليا وترديد النشيد الوطني، حتى غدا الوطن أرض الأبطال.
صحيح تعرضنا جميعا لكبوة الزلزال وكانت مفاجئة وقاسية، لكنها تحولت إلى صحوة كانت خافتة عند شعبنا العظيم، فأيقظتها تلك الكبوة وفوجئ العالم أجمع بهذه الصحوة المواطنة عند كل مغربي، وانبهر من التضامن الكلي الذي أبداه المغاربة قاطبة مع إخوانهم المنكوبين وتوجهت قوافل العربات المحملة بكل ما يخفف عن إخوانهم هول الكارثة التي حلت بهم، ومرة أخرى يتأكد لكل من يحتاج إلى تأكيد بأن للمملكة شعبا واحدا متراص الصفوف يحيا ويموت بشعار الله الوطن الملك.
هذه توطئة كان لابد منها لاستئناف ديباجة هذا الحديث وقد بدأناه بالنجاحات الرياضية التي يحصل عليها أبطالنا بمجهوداتهم والمثابرة على التداريب الشاقة، فيتعرضون للضربات والكدمات، وفي بعض الأحيان الكسور والصدامات الخطيرة، لكي يصلوا إلى مرمى الخصم أو إلى خط الوصول قبل أي مشارك.. إنها قتالية من القتاليات الناعمة في جبة الرياضة، من أجل إعلاء سمعة المملكة وإسعاد المغاربة بسعادة ينعم بها حتى الصبيان وقد ظهروا وهم يلوحون بالأعلام الوطنية ويتفاعلون مع النشيد الوطني.
سعادة تغمر بيوتنا تفرح صغارنا ولا نؤدي عليها ضريبة أو رسما، ولا نقف في طوابير لتسجيل أسمائنا كناخبين ولا نتكبد العناء والأعباء للإدلاء بأصواتنا لانتخاب من يواعدنا ويعاهدنا بتغيير حياتنا نحو الأفضل والأحسن والأجود، إنها سعادة تلقائية يمنحها لنا من لم نلتق بهم ولا أعطيناهم ضرائبا ولا رسوما ولا فرضوا علينا زيادات لضمان استمرار امتيازاتهم المادية والسلطوية والمعنوية.
ووقف العالم مشدوها أمام تضامن المغاربة وهم يسندون بعضهم البعض لتجاوز محنة الزلزال، ويرحلون عن ديارهم وأسرهم للالتحاق بالمناطق المنكوبة للوقوف على حاجيات المنكوبين ولتقديم الدعم والمساندة والتآزر والتضامن مرفوقين بقوافل من الشاحنات والسيارات المحملة بأطنان من التبرعات المختلفة، وكانت قلوب المتفقدين الزائرين تتألم لآلام المصابين، وعيونهم تفيض بالدموع للراقدين تحت التراب، شهداء الزلزال المدمر، وقد تناقلت كل وسائل الإعلام المرئية الدولية، مسيرة شعب من الشمال ومن الصحراء ومن الشرق والغرب، وحتى من خارج المملكة، لدعم وإغاثة المتضررين، واندهش الأجانب لتآزر شعبنا وتجنده اللامشروط لإبقاء الروابط المغربية المتينة هي الروح التي يحيا بها كل مغربي، وقد برهنوا على ذلك في أزمة وباء “كورونا” وفي القضاء والقدر الذي أصاب بعض أقاليم المملكة.
هذه هي عظمة شعبنا التي أبهرت العالم، يتألق بأبنائه رياضيا فترفع رايته عاليا ويصير حديث المعمور، وتصاب أرضه بارتدادات زلزالية فيجده مجندا لحمايته متراص الصوف وقد ذابت كل الاختلافات وحلت محلها “تمغربيت” تكسوها الجدية في حب المملكة وتاجها الجامع لكل المغاربة.