الرباط. الأسبوع
بعد أيام سيشرع مجلس الجماعة في مناقشة ترتيبات الوثيقة المالية لسنة 2024، ولحد الآن، ظلت هذه الوثيقة “متشبثة” بخطها المالي منذ حوالي 40 سنة، ويكفي قراءتها من قبل خبير اقتصادي ليحكم عليها بأنها “دون المستوى” ولا تواكب تطلعات ساكنة العاصمة، وهنا تتحمل المعارضة هذا الإخفاق الذي لم تفلح أي أغلبية أو حلفاؤها في إعادة تصميم الميزانية بهندسة تعبر عن خارطة طريق برامجها الانتخابية، كما اقتدت بها تلك التي إن لم تنل حقها من الكعكة تركت إلى جناح يسمى المعارضة.. حتى أصبحت هذه المعارضة بدون روح، لأنها غمرتها الانتهازية والوصولية وأفقدتها “الابتزازات” التي توظفها واللامبالاة بالمصلحة العليا للعاصمة التي تقايض بها حتى تحولت إلى مجرد ديكور مكمل لتمرير القرارات بالمصوتين عليها بـ”لا”، فهذه “اللا” هي كل رصيدها الذي اكتسب لها المعارضة، في حين هي سياسة مبنية على أركان علمية وسياسية واجتماعية تستمد طاقتها من مخططات الهيئة التي تنتمي إليها، وهذه “اللا” بدون تبرير كتابي مشفوع بتقرير يقارن ميزانية الأغلبية وعيوبها واختلالاتها وإسرافها في الهدر المالي، وعجزها عن تنمية مداخيلها.. لا تنبثق من تنظيم حزبي معارض يقارع وينافس ويدافع عن قناعاته التي تكون مبدئيا معاكسة للطرف الحاكم.
والمعارضة الحالية في مجالس العاصمة السياسية، تكاد تنطبق عليها قولة “مجرد شكلية”، تحضر الجلسات (إذا حضرت) تسجل رفضها لأي مبادرة برفع الأصابع وشارة النصر ثم تغادر القاعة وهي في الواقع منهزمة، لكنها “لعبت” دورها بالحضور وليس بالمشاركة الفعلية والفعالة بالإدلاء بمشروع ميزانية الجماعة (مثلا) من إعدادها ببنوده وفقراته ورموزه وأرقامه في حلة محاسباتية راقية وعناوين بلغة أكاديمية تعبر عن ثقافة وسياسة ودبلوماسية وإدارة عاصمة يسيرونها ويدبرون شؤون سكانها من هم في حكم نخب مجتمعاتها، فلا المعارضة صححت وأنتجت ما يليق بهؤلاء السكان، ولا الأغلبية الحاكمة راجعت ارتجالها في تحضير الميزانية وفي برمجة اقتراحات المقاطعات لتأمين حصصها من الموارد المالية الجماعية، والتي تبقى “حصصا” وليست ميزانيات كما حورتها لحاجة في نفس يعقوب، ولا الميزانية ولا تلك الحصص تمت بصلة إلى جدية البرمجة التي يفوح منها الريع والتبذير وانتهاك ثقة الناخبين، بل تحديهم باستغلال أموالهم وفيهم الفقراء، لصرفها على الامتيازات اللامحدودة واللامعقولة واللاقانونية واللأخلاقية واللاإنسانية للتمتع برفاهية السيارات ومصاريفها، بينما هؤلاء الفقراء يتنقلون في “الطوبيسات” و”الطاكسيات” لكسب قوت يومهم ولجمع مبلغ الضرائب لـ”يتبرع” بها المؤتمنون على خدمتنا.. إنها مهزلة وسط مهازل صنعها منتخبونا، فهل مع “الجدية” “يتقون الله” فينا ويراعون تضامننا وحزننا على نكبة إخوان لنا في الحوز ؟