قانون | “مكفولو الأمة” بين الدين والمقتضيات القانونية
على هامش المبادرة الملكية لإنقاذ أطفال الحوز
ترأس الملك محمد السادس اجتماعا حضره رئيس الحكومة وعدد من كبار المسؤولين، وذلك لمتابعة ومراقبة تطور الأوضاع في المناطق المنكوبة بالزلزال، وحالة الضحايا والإجراءات التي اتخذت والتي سيستمر اتخاذها للتغلب على عواقب الفاجعة، والمساعدات التي قدمت والإسعافات والعلاجات وإجراء العمليات الجراحية، وركز صاحب الجلالة في الاجتماع على معرفة وضعية وحالة الأطفال الذين فقدوا آباءهم وأولياءهم، ومواساتهم وتخفيف آلامهم وأحزانهم، وإدخال الطمأنينة عليهم وأنهم أصبحوا أولادا لكل أسرة أو عائلة مغربية، ويتقدمهم الأب الحنون، وملك وأب الجميع جلالة الملك محمد السادس، وسماهم “مكفولي الأمة”، وضمان رعايتهم ومتابعة دراستهم ضمانا لمستقبلهم، فهم يتكونون ليصبحوا رجال المستقبل، وهم سيحملون المشعل ويسهرون على مواصلة مسيرة الدفاع عن وحدة الوطن وكرامته وتقاليده.
مواقف الملك وحرصه الكامل على حماية الطفل اليتيم، لها مرجعية إسلامية دينية، فقد أوصى الله سبحانه وتعالى في كثير من الآيات بالاهتمام بشؤون اليتيم وإحسان تربيته والرفق به وتهذيبه والأخذ بيده حيث قال تعالى في كتابه الكريم: ((ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم..))، والقرآن الكريم نهى عن قهر اليتيم وأكل أمواله بالباطل، كما أوصى النبي بضرورة الرفق باليتيم والحنو عليه وإشعاره بالعطف والرحمة والمودة، فقال (ص): ((من مسح رأس يتيم أو يتيمة لم يمسحه إلا الله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيم أو يتيمة عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى))، ومن المراجع الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، نذكر إعلان جنيف لحقوق الطفل سنة 1924، والإعلان العالمي لحقوق الطفل سنة 1959، والإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه سنة 1990، واتفاقية نيويورك بشأن حقوق الطفل (20 نونبر 1989)، واتفاقية لاهاي (19 أكتوبر 1996)، ومما ورد في إحدى الاتفاقيات الفقرة التالية: ((الطفل المحروم من بيئته العائلية، والذي لا يسمح له بالبقاء في تلك البيئة، له الحق في حماية ومساعدة خاصتين توفرهما الدولة، وأن على الدول الأطراف أن تضمن وفقا لقوانينها الوطنية، رعاية بديلة لمثل هذا الطفل، ويمكن أن تشمل هذه الرعاية الكفالة الواردة في القانون الإسلامي أو الإقامة في مؤسسات مناسبة لرعايتهم))، والمملكة المغربية ودينها الإسلام، أخذت بعين الاعتبار جميع المراجع السابقة، وعلى أساسها صدر الظهير الشريف بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1423 الموافق لـ 13 يونيو 2002 بتنفيذ القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 5031 تاريخ 19/8/2002/ الصفحة 2362، وقبل أن نتطرق لمقتضيات هذا القانون، نشير إلى أن مفهوم كفالة طفل يعني الالتزام برعاية الطفل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده، ولا يترتب على الكفالة حق النسب، بل يبقى الطفل يحمل نسب والده، لأن الحق سبحانه أوصى بأن ندعو اليتيم بنسب والده، كما لا يترتب على الكفالة حق الإرث من الكافل، لأن الإرث وأسبابه وشروطه مذكورة في مدونة الأسرة وليس من ضمنها علاقة الكفالة، لكن يمكن للكفيل أن يمتع المكفول بوصية في حدود الوصية وهي الثلث، أو هبة تنفذ خلال حياة الكفيل، ونشير إلى أن من يتكفل بطفل مهمل، فإنه يلتزم بالمقتضيات الواردة في المادة 54 من مدونة الأسرة، ومنها اتخاذ كل التدابير الممكنة للنمو الطبيعي للأطفال بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية والعناية بصحتهم وقاية وعلاجا، والتوجيه الديني والتربية على السلوك القويم وقيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل، واجتناب العنف المفضي إلى الإضرار الجسدي والمعنوي، والحرص على الوقاية من كل استغلال يضر بمصالح الطفل المكفول، وأن يسهر الكفيل على تعليم الطفل المكفول وتكوينه تكوينا يؤهله للحياة العملية وللعضوية النافعة في المجتمع، وإذا كان الطفل المكفول مصابا بإعاقة، فإنه بالإضافة إلى تمتيعه بالحقوق المذكورة، له الحق في الرعاية الصحية بحالته، ولا سيما التعليم والتأهيل المناسبين لإعاقته قصد تسهيل إدماجه في المجتمع، وفوق ذلك، تبقى الدولة مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال وضمان حقوقهم ورعايتهم طبقا للقانون، وبما أن كفالة الطفل المهمل تكون بواسطة سلوك مسطرة قضائية، فإن النيابة العامة تسهر على مراقبة تنفيذ الأحكام المتعلقة بقضية كفالة الطفل، وبما أن حماية الطفل تعتبر من القضايا المتعلقة بالنظام العام، فإن طلبات كفالة الأطفال تبلغ وجوبا للنيابة العامة، عندما ترفع تلك الطلبات للقضاء ليبت فيها القاضي المكلف بشؤون القاصرين، وبما أن تلك المسطرة تحكمها الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في مدونة الأسرة، فإن المادة 3 من تلك المدونة تنص على أن النيابة العامة تعتبر طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام مدونة الأسرة، وعلى النيابة العامة أن تقدم مستنتجاتها المتعلقة بقضية كفالة الطفل المهمل، وهذه مزية كبرى لحماية الطفل المكفول، ويحتوي القانون المتعلق بكفالة الأطفال على 32 مادة، موزعة على أبواب، تنص على الأحكام العامة، والوضعية القانونية للطفل المهمل، والشروط المطلوبة لكفالة طفل مهمل، والمسطرة المتبعة لكفالة طفل مهمل، وتتبع تنفيذ الكفالة، وإجراءات تسجيل الأمر بكفالة الطفل بسجلات الحالة المدنية، وأثار الأمر المتعلق بإسناد الكفالة، وأسباب انتهاء الكفالة، والمقتضيات الزجرية، والمقتضيات الختامية، والمشرع في هذا القانون كان حازما بالنسبة لكل من كفل طفلا مهملا وارتكب جريمة تمس حقوق الطفل المكفول، والعقوبة منصوص عليها في القانون الجنائي، حيث ورد في المادة 30 ما يلي: ((تطبق على الكافل عند ارتكابه جريمة في حق المكفول مقتضيات القانون الجنائي التي تعاقب الوالدين على الجرائم التي يرتكبونها في حق الأولاد))، وجاء في الفقرة الثانية: ((تطبق على المكفول عند ارتكابه جريمة في حق المكفول مقتضيات القانون الجنائي التي تعاقب على الجرائم التي يرتكبها الأولاد في حق الوالدين))، أي أن المشرع حرص على التوازن في الحماية بين الكفيل والمكفول، وتستمر الحماية لتشمل الطفل الوليد المهمل، إذ يعاقب الشخص الذي يمتنع عمدا عن أن يقدم لطفل وليد مهمل المساعدة والعناية التي تستلزمها حالته، أو عن إخبار مصالح الشرطة أو الدرك الملكي أو السلطات المحلية بمكان العثور عليه، بالعقوبة المقررة في القانون الجنائي، وكان لا بد من بيان المقصود بالطفل المهمل، حيث ((يعتبر مهملا الطفل الذي لم يبلغ سنه ثمان عشرة سنة شمسية كاملة إذا وجد في إحدى الحالات التالية: إذا ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها، إذا كان الطفل يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش، أو إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر أو عجزه عن رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه))، وبعد أن ذكر القانون الالتزامات التي تقع على عاتق الكفيل، وتقديم المساعدة لطفل وليد مهمل، انتقل إلى بيان الدور والمسؤوليات التي تقع على النيابة العامة عند العثور على طفل وليد مهمل، ومنها: إيداع الطفل الوليد المهمل مؤقتا بإحدى المؤسسات، ويبادر وكيل الملك فورا بتقديم طلب للمحكمة الابتدائية ويطلب التصريح بأن الطفل الذي عثر عليه يعتبر طفلا مهملا ويقوم بالإجراءات اللازمة لتسجيل الطفل بالحالة المدنية، ويقدم وكيل الملك للمحكمة جميع الإجراءات التي قام بها من أجل التأكد من أن الطفل مهمل، وللمحكمة أن تأمر بالقيام بجميع الأبحاث في المكان الذي عثر فيه على الطفل المهمل، ويستمر البحث مدة ثلاثة أشهر على أمل أن يظهر والدي الطفل ويطلبان استرداده، وعند انصرام ذلك الأجل ولم يتقدم أي شخص بطلب استرداد الطفل، فإن المحكمة تحكم بأن الطفل يعتبر مهملا، ويكون حكمها قابلا للتنفيذ المعجل بقوة القانون رغم كل طعن، وإذا تجاوزنا التشريعات المتعلقة بكفالة الأطفال المهملين والواردة في قانون كفالة الأطفال المهملين، وقانون الحالة المدنية، ومدونة الأسرة، وقانون الجنسية، وقانون المؤسسات الاجتماعية، والقانون المتعلق بصندوق التكافل الاجتماعي، والقانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية، وفي إطار السياسة العمومية، ودور النيابة العامة والإجراءات التي تتخذها في موضوع كفالة الأطفال المهملين، نصل إلى الشروط الواجبة للكفالة بالنسبة للشخص الطبيعي، والشروط الواجبة للكفالة للشخص المعنوي.
بالنسبة للشروط الواجبة للكفالة للشخص الطبيعي، يمكن تلخيصها فيما يلي: “أن يكون المتكفل بالطفل زوجين مسلمين”، إذ لا ولاية لغير مسلم على مسلم، “أن يكون كلا الزوجين بالغين”، ليتوفر لهما التمييز والإدراك والتوفر على شرط الأهلية لتحمل الحقوق والالتزامات، “أن يكون كلا الزوجين صالحين للكفالة ولهما وسائل مادية كافية لتوفير حاجيات الطفل”، إذ خير الصدقات ما كان عن غنى، “أن يكون الزوجان سالمين من كل مرض معد أو مانع من تحمل مسؤوليتهما”، إذ لا يمكن أن نلقي المكفول إلى التهلكة، “ألا يكون بين الكافلين وبين الطفل الذي يرغبان في كفالته أو بينهما وبين والديه نزاع قضائي أو خلاف عائلي يخشى منه على مصلحة المكفول”، إذ العداوة والخصام يتولد عنهما الحقد والغضب وقد يكون المكفول ضحية تلك العداوة، “ألا يكون قد سبق الحكم عليهما معا أو على أحدهما من أجل جريمة ماسة بالأخلاق أو جريمة مرتكبة ضد الأطفال”، إذ كيف يمكن أن تثق في تربية طفل يتيم لشخص منحرف ويعيش المكفول في وسط موبوء، وبما أن المرأة المسلمة شقيقة للرجل المسلم في الحقوق والواجبات، ولا تمييز بينهما دستوريا، فيمكن قانونا أن تسند إليها كفالة طفل يتيم شريطة أن تتوفر فيها الشروط القانونية المذكورة، وفي نظرنا أن المرأة غير المتزوجة إذا تكفلت بطفل مهمل فتصبح بمثابة أم وحاضنة ومدرسة أولى، والأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، لكن إذا تزوجت، عليها أن تخبر القاضي المكلف بشؤون القاصرين والنيابة العامة لمعرفة ما إذا كان ذلك الزوج يتوفر على شروط التعايش مع المكفول تحت طائلة سقوط الكفالة، وإذا كان القانون يسمح للشخص الطبيعي بأن يتكفل بطفل مهمل، فقد سمح للشخص المعنوي بتلك الكفالة ولكن محصورة في مؤسسات حماية الأطفال، وجمعيات ومنظمات رعاية الطفولة، والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي المعترف لها بصفة المنفعة العامة، لأن هؤلاء يتوفرون على مختلف الإمكانيات لرعاية الطفل المكفول، ويخضعون للمراقبة وللمسؤولية، ويتوفرون على الموارد والقدرات البشرية لرعاية الأطفال والسهر على حسن تربيتهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية، ورعاية لمشاعر الطفل المكفول، لا سيما إذا توفر على قدر من الإدراك والتمييز، أن يدلي برأيه في الأسرة أو المرأة التي تطلب كفالته، بينما لا يعتد بذلك الرأي إذا كانت الكفالة ستسند للأشخاص المعنويين، لما تتوفر عليه من إمكانيات كما ذكرنا سابقا.
أما عن مسطرة طلب الكفالة، فإن الطلب يوجه إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين، ويكون الطلب مرفقا وجوبا بالوثائق التالية: صورة من البطاقة الوطنية للتعريف لطالبي الكفالة، ونسخة من السجل العدلي مسلم من المحكمة الابتدائية لمحل الولادة، أما بالنسبة للأجانب طالبي الكفالة، فيسلم لهم من مصلحة التسجيل العدلي الوطني المتواجد بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، ونسخة من عقد زواج الكافلين محرر وفق الضوابط التي حددها القانون المغربي، ومصادق عليها لإثبات أن طالبي الكفالة متزوجين بصفة شرعية وقانونية، نسخة من رسم اعتناق الإسلام بالنسبة لمعتنقي الإسلام الأجانب الذين ينتمون لدول غير مسلمة أو الذين يستشف من اسمهم أو عقد زواجهم أنهم لا يدينون بالإسلام، شهادة طبية بالنسبة لكل واحد من الزوجين المسلمين طالبي الكفالة أو المرأة المسلمة، التي تثبت خلوهم من الأمراض المعدية أو الخطيرة التي يمكن أن تضر بالطفل المكفول أو تحول دون قدرتهما على تحمل واجب التربية والرعاية للطفل المكفول، نسخة من الحكم بالإهمال الصادر عن المحكمة الابتدائية المختصة، والذي يثبت أن الطفل المراد التكفل به يعتبر في وضعية إهمال، ويندرج ضمن الحالات المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، وشهادة الأجر أو ما يقوم مقامها والتي تثبت دخل طالب الكفالة وكونه يتوفر على الوسائل المادية الكافية لتوفير احتياجات الطفل حتى لا يعيش في وسط هش يعاني من الضائقة المالية ويتحمل الطفل أعباء مشاقها، وإذا كانت الكفالة ستسند للمؤسسات ومراكز الإيواء، فعليهم أن يقدموا الوثائق التي تثبت توفرهم على شروط القيام بالكفالة، ويضاف إلى ذلك بيان يوضح عمل تلك المؤسسات، ومراكز الإيواء في مجال رعاية الطفولة، وما يثبت أنها تتمتع بصفة المنفعة العامة وما يدل على أنها تتوفر على الإمكانيات المادية التي تضمن رعاية الأطفال، ورغم تقديم هذه الحجج والبيانات، يقوم القاضي المكلف بشؤون القاصرين بالبحث والتأكد من تلك المعطيات بواسطة لجنة، وكل ذلك سعيا وراء ضمان وجود المكفول في وسط تتوفر فيه جميع الشروط لتربيته وما يتبعها، ولمحكمة النقض عدة قرارات صدرت ولها صلة بموضوع توفر شروط أو عدم توفر شروط الكفالة، من ذلك مثلا، أن هناك من يشترط على الكفيل أن يكون ملما بقواعد الشريعة الإسلامية لكن محكمة النقض ذكرت في قرارها أن المشرع لم يذكر ذلك الشرط من ضمن الشروط الواجب توفرها في طالب الكفالة، وإذا حكم بقبول طلب الكفالة، فللنيابة العامة دور مهم أثناء إصدار الأمر بإسناد كفالة الطفل المهمل وكيفية تنفيذ ذلك الأمر، وتدخلها خلال مرحلة نفاذ الكفالة أو انقضائها، والدور الحمائي من خلال مراقبة مدى وفاء الكفيل بكل التزاماته، ولا سيما بالنفقة والتربية والحضانة، والمسؤولية المدنية للكافل عن أفعال وتصرفات المكفول، وحتى تفعيل الحماية الجنائية للطفل المتكفل به، وحماية ذلك الطفل جنائيا عندما يكون ضحية جريمة، ثم تتدخل النيابة العامة أثناء انقضاء الكفالة لأسباب، منها: موت الكافلين معا أو المرأة الكافلة، فقدان الزوجين الكافلين لأهليتهما معا أو فقدان المرأة الكافلة لأهليتها، انفصام العلاقة الزوجية بين الزوجين الكافلين، وإلغاء الكفالة أو التنازل عنها، ثم حل المؤسسة أو الهيئة الكافلة، وهناك أسباب تتعلق بالمكفول، ومنها: بلوغ المكفول سن الرشد القانوني، البنت غير المتزوجة، الولد المعاق أو العاجز عن الكسب، وموت المكفول، ولمحكمة النقض قرارات واجتهادات تتعلق بالكفالة وشروطها، وكذلك، صدرت أحكام عن محاكم الموضوع مثل محكمة الاستئناف بالقنيطرة، ومحكمة الاستئناف بالحسيمة، ذات الصلة بتطبيق قانون كفالة الأطفال المهملين، ولم يغب عن المشرع إمكانية تطبيق قانون الكفالة على الأطفال المهاجرين غير المرفقين، مما يطول شرح هذا الجانب، وكذلك لم يغب عن المشرع كفالة الأطفال المهملين على المستوى الدولي، والإشكالات الناجمة عن كفالة الأطفال المغاربة بالخارج والحق في التجمع العائلي، وقد يختلط موضوع الكفالة بموضوع التبني، والمغرب لم يساير الاتجاه الغربي، ولم يقبل أن تتحول الكفالة إلى تبني، لأن القانون المغربي وضرورة احترام التشريع الوطني، فإنه لا يقبل الاعتراف بالتبني لأن ذلك يتعارض مع مبدأ استمرارية الوضعيات القانونية، ومبدأ الحفاظ على الهوية الثقافية والحياة الخاصة، ويمكن القول أن التشريع المغربي المتعلق بكفالة الطفل المهمل، يعتبر تشريعا يحتذى به، لأنه تشريع جمع بين أحكام الشريعة الإسلامية والسياسة التشريعية المغربية الوطنية، وما يمكن تطبيقه مما نصت عليه الاتفاقيات والمعاهدات والتوصيات الدولية ولا يتعارض مع النظام العام المغربي، وهذا القانون معزز بمرسوم تطبيقي، وبدورية لرئاسة النيابة العامة 10س/ر. ن. ع بتاريخ 12 أبريل 2021، حول التدخل الإيجابي للنيابة العامة في كفالة الأطفال المهملين الموجه إلى المحامي العام الأول والمحامين العامين لدى محكمة النقض، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية وقضاة النيابة العامة بجميع محاكم المملكة.
ولا يسعنا إلا أن ننوه بمجهود النيابة العامة وهي تقوم بهذه المهمة الإنسانية وتحمل مسؤولية رعاية أطفالنا ولا نقول المهملين، فهم إخواننا في الدين وفي الوطنية ويجمعنا بهم وطن واحد ونتمنى لهم حسن التربية والمستقبل الزاهر، ليكونوا أهلا لمتابعة المسيرة الموفقة، ونشكر كل من سهر وتحمل كفالة طفل يتيم ورفع عنه الضيم وفرج كربته، وهذه هي أصالة المغرب وما عرف عن قيادته وشعبه.