عجيبة مسحة الحزن التي غطت الملامح المغربية، بعد موت الأميرة فاطمة الزهراء، أياما قليلة بعد عيد الفطر، حيث تم نقل جثمانها من تطوان، بعد أن توفيت في أحد منتجعات شاطئ المحيط الأطلسي.
والأميرة فاطمة الزهراء، هي أولى بنات الملك المرحوم محمد الخامس، ولدت قبل المرحوم الحسن الثاني بستة شهور من أمها الشريفة زهرة، التي توفيت منذ سنتين، ومسار الأميرة الفقيدة جعلها تواكب أخاها الملك الحسن، وأخواتها عائشة ومليكة ونزهة ومولاي عبد الله حتى في المنفى، حيث تضامن زوجها المقبل مولاي علي مع العائلة في محنتها، لدرجة أن الملك محمد الخامس، أمر بأن يمنح زوجها لقب أمير، وهو أقرب الأصدقاء إلى الملك الحسن الثاني الذي كلفه بمهام عديدة، أكثر من مهام المستشار، حيث أشرف الأمير مولاي علي بشكل عالٍ على تأسيس الحزب الملكي في ذلك الوقت “جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية”، فيم كان صديق الملك الآخر أحمد رضى جديرة، هو العقل المدبر للحزب ولكن الأمير مولاي علي وضع اسمه على رأس قائمة المسؤولين عن الحزب، لكنه سرعان ما عين سفيرا للمغرب في باريس، كشفت المصادر الصحفية، أنه كان في العاصمة الفرنسية مكلفا بتنظيم عملية رجوع المعارض المرحوم المهدي بنبركة للمغرب، قصد المشاركة في الحكومة، حيث ذكر عبد القادر بنبركة أخ المهدي بنبركة في مذكراته وتصريحاته، بأنه اجتمع عدة مرات بالأمير مولاي علي، قصد تنظيم عملية عودة أخيه المهدي.
عبد القادر بنبركة قال في مذكراته “المهدي أخي” عن دار نشر “روبير لافون” أن الأمير مولاي علي، الذي درس معه في مدرسة بلافريج، هو ابن مولاي الحسن وزوج أخت الملك محمد الخامس، وعندما كان عبد القادر في ألمانيا اتصل الأمير مولاي علي بعبد القادر الذي كان متواجدا بفرانكفورت لإبلاغه خبرا مهما، وقال بنبركة إن مولاي علي كان شابا ظريفا لا يتباهى بانتمائه للعائلة المالكة، ولكن عبد القادر بنبركة يكشف في كتابه أن الأمير مولاي علي كان شريكا له في مشروع تجاري.
الأمير مولاي علي، كان من بين المقربين للحسن الثاني، الذين كتب عنهم المهدي بنبركة بخط يده، اسم ((الأمير مولاي علي ابن عم الملك الحسن الذي كلفه الملك الحسن بمعرفة رأيي في حل المشكلة السياسية، ورجوعي العاجل للرباط)) كما جاء في الرسالة الخطية التي بعثها المهدي بنبركة لزوجته غيثة مؤرخة بـ3 مايو 1965، لتأخذ الأحداث مسارا آخر، بعد اختطاف المهدي لدى وصوله لباريس، من طرف ضباط مخابرات فرنسيين كان يرأسهم عميل للجنرال أوفقير اسمه لوبيز.
الأميرة الفقيدة للافاطمة الزهراء، إذن، عاشت مراحل هامة في تاريخ المغرب، سواء بجانب أبيها محمد الخامس، أو أخيها الحسن الثاني، أو زوجها الأمير مولاي علي، الذي رزقت منه بولدين، مولاي يوسف، ومولاي عبد الله، والسفيرة المغربية الناجحة في لندن، السيدة جمالة العلوي، مع تعازينا الحارة لهم، ولكن الأميرة فاطمة الزهراء، لم تكن أول أميرة تفارق الحياة في شاطئ تطوان، فمنذ سنتين توفيت أختها الأميرة عائشة بنفس الشاطئ التطواني، كما يذكر العارفون بالتاريخ المعاصر للمغرب، أن ابنة أخرى لمحمد الخامس، الأميرة للانزهة وكانت زوجة لصديق الملك الوزير الأول وهو أيضا رئيس لحزب الأحرار الملكي، السيد أحمد عصمان، توفيت هي أيضا بشاطئ تطوان في حادثة اصطدام.
لتطرح بالنسبة لهؤلاء الفقيدات، إشكالية تقليد مخزني، يمنع دخول جثمان أي ميت لمحيط جدار تواركة، ويذكر المهتمون بالتاريخ، أنه لما توفي الملك الحسن الأول في 1893 في منطقة سطات، وعندما تقرر دفنه بالرباط، حيث يوجد ضريحه اليوم، تم كسر جدار سور التواركة، وإدخال الجثة من ذلك الثقب، حتى لا يخرق التقاليد ولا يدخل ميت من باب تواركة الرسمي.
هذا التقليد تم تجاوزه في عهد الملك الحسن الثاني والملك محمد السادس، حيث تدخل جثامين الأمراء والأميرات عبر البوابة الرسمية لتواركة، إذا ما فاجأتهم المنية خارج الرباط، ليدفنوا في ضريح مولاي الحسن، باستثناء جثامين الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، وجثمان الأمير مولاي عبد الله، الذين نقلوا في الاتجاه المعاكس، من القصر الملكي الذي غادروه لآخر مرة في اتجاه ضريح حسان.