الرباط | “القامرة” تتحول إلى أكبر مركب ثقافي في القارة السمراء

الرباط. الأسبوع
رحم الله رئيس المجلس البلدي للعاصمة سنوات السبعينات، الراحل إبراهيم فرج، الذي اقترح وبرمج بناء محطة للمسافرين عبر الحافلات بحي يعقوب المنصور (معروفة باسم القامرة)، وافتتحها الرئيس عبد الوهاب ملين أطال الله عمره، وبعد أن أنجز المشروع الملكي المحطة الطرقية الجديدة بهندسة راقية في موقع استراتيجي، تقرر تحويل محطة السبعينات إلى مركب ثقافي بعد القيام بما يجب لتأهيله للمهام الجديدة، خصوصا والرباط اعتنقت الثقافة الأكاديمية وارتضت تحمل أعبائها وإشعاعها وانتشارها محليا ووطنيا وقاريا، وقد برهنت على كفاءات مثقفيها ورواد صناع العلوم الذين تطوعوا منذ عقود لبناء صرح ثقافي بكل أركانه كان المجتمع المدني وقوده التي تستنير بها لمنح الأنوار المعرفية التي اكتسبت عن جدارة واستحقاق ميزة “مدينة الأنوار”.
وها هي عاصمة الثقافة الإفريقية اليوم وقد تربعت لمدة سنتين على عرش الثقافة الإسلامية، تستمر أنشطتها العالية تعطر أحياءها وتغمر أجواءها وتقترب من ساكنتها، وذلك بإنشاء مركب ثقافي في فضاء واسع وذي رمزية وطنية، فلقد كان ذلك الفضاء نقطة تلاقي المسافرين من كل أرجاء المملكة، ليتكفل قريبا في حلته الجديدة بدور المعرفة والعرفان والإشعاع الثقافي الشامل يكون من الجيل الراهن، مركب يتركب من كل أنواع وأنماط وأشكال الثقافة في حجمها الأكاديمي المحلي والوطني والقاري، حتى لا ينضاف إلى دور ومركبات سميت ثقافية، ولم تكن لها أي علاقة بأي نوع من أنواع الثقافة، وهي موجودة في جل المقاطعات تعاني وتقاسي من الإهمال والتقصير في التسيير والبرمجة والتنشيط والتواصل مع أهل الثقافة، وخذوا المثال من المركب الثقافي المهدي بنبركة بحي المحيط ذي البناية التاريخية والموقع الممتاز على خمس واجهات وروعة تصاميم قاعاته وطوابقه، وقد تفرغ منذ حوالي 6 سنوات إسوة بالمركبات الصغرى والكبرى في باقي المقاطعات، لاستضافة الفئران و”نخبة” من القوارض التي اكتشفت “إقامات فخمة ونظيفة” بدلا من “القواديس” والثقوب.
إذن، ستنافس العاصمة بمركبها الثقافي الجديد الذي سيكون جاهزا مع مطلع سنة 2024، عواصم غربية اشتهرت بمركباتها الثقافية، مثل المركب الثقافي جورج بومبيدو في العاصمة الفرنسية، وحبذا لو تستنسخ منه بعض الأروقة والفضاءات المجاورة له، وأيضا بعض الأنشطة التي جمعت بين الأصالة والمعاصرة، بين ما هو مخطوط ومرئي وبين التثقيف والترفيه، والذكاء الخارق في إثارة انتباه المارين من حواليه، بتنظيم حلقات تقليدية للحكي في الساحة المقابلة له، والاستماع إلى مختلف أنواع الموسيقى وغيرها من الأنشطة الثقافية.. هكذا نتمنى أن يتقمص المركب الثقافي الجديد مهامه ليكون قدوة لباقي دول القارة الإفريقية، وحتى يتم ذلك، لا بد من البحث عن طواقم مهنية ذات كفاءات عالية وعلاقات متجذرة في الثقافة والفن والتواصل، وبالتالي، إبعاد المنتخبين عن الاعتداء على هذا الصرح الثقافي المنتظر بعد شهور.
نشكركم على المجهودات المبذولة وا على صحة الخبر
بالتوفيق أحبابي الكرام