كشفت فاجعة زلزال الحوز عن تضامن غير مسبوق للملك والشعب من أجل إغاثة وإنقاذ الضحايا، والوقوف بجانبهم ومؤازرتهم، حيث قام الملك محمد السادس بزيارة للمركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس” بمراكش، ووقف على الحالة الصحية للمصابين.
وبدى الملك متأثرا خلال زيارته للمصابين الراقدين في مصلحتي الإنعاش والاستشفاء، حيث وقف على الخدمات الطبية المقدمة لهم من طرف الفرق الطبية المجندة، إذ تشكل الزيارة الملكية دعما معنويا للمصابين والجرحى وأهاليهم، وتجسد العناية الملكية السامية لضحايا زلزال الحوز، وتكرس التكافل القائم بين الملك وشعبه في السراء وفي الضراء، كما تفضل الملك محمد السادس فتبرع بالدم، وهي التفاتة كريمة تجسد العناية الملكية السامية وتعبر عن تضامن جلالته الكامل وعطفه على الضحايا والعائلات المكلومة.
وطبقا للتعليمات الملكية، انخرطت مختلف مكونات القوات المسلحة الملكية والأمن الوطني في الحملة الوطنية للتبرع بالدم، والتي تعرفها عدد من مدن المملكة لتعزيز المخزون من هذه المادة الحيوية لعلاج المصابين جراء الزلزال الذي عرفته مجموعة من المناطق.
تتمة المقال تحت الإعلان
الرباط. الأسبوع
مبادرات إنسانية للقوات المسلحة الملكية
في إطار التعليمات الملكية للملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، قامت القوات المسلحة الملكية عقب الزلزال، بنشر وسائل بشرية ولوجيستية، جوية وبرية، إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ، كما تم نشر وحدات للتدخل، وطائرات، ومروحيات، وطائرات بدون طيار، ووسائل هندسية، ومراكز لوجيستية بعين المكان، بهدف تقديم الدعم الضروري لمختلف القطاعات المعنية والساكنة المتضررة.
وفي إطار التعليمات الملكية، أقامت القوات المسلحة الملكية مستشفيين عسكريين ميدانيين، الأول بجماعة أسني القروية والثاني بجماعة تافنكولت إقليم تارودانت، قصد إسعاف وعلاج المصابين، حيث استقبل حوالي 500 شخص ينحدرون على الخصوص من الدواوير المتضررة بإقليم الحوز.
ويتوفر المستشفى الميداني التابع للقوات المسلحة الملكية، على عدة اختصاصات، وفرق طبية مختلفة، وممرضين ومساعدين اجتماعيين، حيث شرعت الوحدات الطبية في استقبال الجرحى والمصابين وتقديم خدمات طبية وجراحية لهم منذ يوم الأحد الماضي، وذلك في إطار التعبئة الشاملة التي تهدف إلى مد يد العون إلى الساكنة المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية.
وقال العقيد يوسف قاموس، رئيس المستشفى العسكري بتافنكولت، في تصريح للصحافة، أن الخدمات الطبية تقدم على مدار اليوم، في جراحة العظام وجراحة الوجه والفكين والأنف والأذن والحنجرة، والمخ والأعصاب، والعيون، مشيرا إلى أنه تم إحداث خلية نفسية لتتبع المرضى الذين لا زالوا تحت وقع الصدمة، وخاصة الأطفال والمسنين الذين يحتاجون دعما نفسيا قصد مساعدتهم على تجاوز هذه المحنة، وأضاف أن هذه البنية الاستشفائية تتوفر أيضا على جناح للعمليات وصيدلية ومختبر للتحاليل الطبية، وكذا على قسم للأشعة، حيث أن معظم الأشخاص الذين تم استقبالهم تعرضوا لإصابات على مستوى الأطراف، والصدر والوجه.
استجابة المجتمع المدني
كما كشفت فاجعة الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز والأقاليم المجاورة، عن تضامن شعبي إنساني كبير من شمال المملكة إلى جنوبها، حيث هب المغاربة إلى جمع المساعدات والتبرعات من أجل تقديم العون للمتضررين والذين فقدوا منازلهم وكل ما يملكون، إذ كشفت الحملة التضامنية بمختلف أشكالها عن روح “تمغربيت” التي تجمع المغاربة فيما بينهم.
فقد أبهر المغاربة في حملتهم الشعبية العالم وتفوقوا على المؤسسات الخيرية والمنظمات الدولية الإغاثية، بعد توافد الآلاف على المحلات التجارية الكبرى لشراء المواد الغذائية ومواد متنوعة، للتبرع بها لضحايا الزلزال والمتضررين منه في جبال الأطلس، وشكلت المبادرة الجمعوية والشعبية مفاجأة للعالم خاصة الدول الأوروبية والعربية، بعدما شارك كل فرد حسب قدرته المادية، بالإضافة إلى مشاركة الآلاف في حملات التبرع بالدم لإنقاذ الجرحى.
في العاصمة الرباط، تحركت حملة شعبية وجمعوية لتقديم المساعدات الفورية لضحايا زلزال الحوز، بحيث قامت عدة جمعيات ومنظمات، منها الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بتنسيق مع المجتمع المدني والمواطنين، بتنظيم قافلة مساعدات مكونة من ثلاث شاحنات صوب إقليم الحوز والقرى المتضررة، كما قامت فعاليات جمعوية بحي يعقوب المنصور بإرسال خمس شاحنات إلى إقليم شيشاوة، وكذلك مناطق أخرى.
وساهمت السلطات بتجاوبها مع هذه المبادرات الإنسانية، في انخراط جمعيات كثيرة في جمع التبرعات وإطلاق حملات شعبية من أجل دعم المتضررين الذين يقطنون في الدواوير والقرى الجبلية المنكوبة، بحيث أطلق نشطاء مئات الإعلانات والمنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، ونداءات من المناطق المتضررة، مطالبين بجلب المساعدات والمواد الغذائية والخيام للمواطنين الذين دمرت منازلهم.
مبادرات من المواقع الافتراضية إلى أرض الواقع
قال فاعلون جمعويون أن المجتمع المغربي متماسك قيادة وشعبا وسلطات، ويكون حاضرا دائما في كل الكوارث الطبيعية لمساندة المتضررين، سواء من الفيضانات أو الزلازل، وهي المبادرات التي انطلقت من المواقع الافتراضية وتحققت على أرض الواقع من خلال قوافل بالعشرات من الشاحنات من مختلف الأحجام التي قدمت إلى المناطق المتضررة من كل مناطق المغرب، وحتى من خارج المملكة.
وقد تجمعت فعاليات جمعوية في مقاطعة يعقوب المنصور (الرباط) على سبيل المثال لا الحصر، على مستوى دار الشباب النور والمديرية الإقليمية للشباب، وبتنسيق مع السلطات المحلية، من أجل تنظيم قافلة تضامنية نحو جهة مراكش، ومثل هذه المبادرات والحملات التضامنية لم تخل منها مدينة أو قرية، مما يبرهن عن الروح الوطنية والإنسانية التي يتمتع بها المغاربة.
روح “تمغربيت” في السراء والضراء
“التضامن الشعبي مبدأ معروف لدى كل المغاربة، في السراء والضراء، وفي جميع الحالات، لهذا نشارك بدورنا في هذه الحملة التضامنية وساهمنا بدورنا، وهناك ناس ساهمت بمواد غذائية وأغطية وأفرشة وملابس والماء”.. هكذا عبر مجموعة من الشباب من مدينة الخميسات، قائلين: “هذوك الناس المتضررين بزاف كنحاولو فقط نخففو عليهم شوية واخا صعيب نعوضوا ليهم، كاين اللي فقد أسرته وأولادو ووالديه، وهذي بادرة بسيطة نتمنى التوفيق فيها”.
بدورها، أطلقت الجالية المغربية بالخارج، حملة شعبية من أجل جمع التبرعات والمساهمات قصد نقلها إلى المتضررين من زلزال 8 شتنبر، وذلك عبر نشر إعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي وفي المراكز التجارية والمساجد والمراكز الإسلامية، ويقول محمد، من الليكسمبورغ: هناك حملة كبيرة من الجالية المغربية والإفريقية لجمع التبرعات والمواد الغذائية والأغطية والخيام لنقلها إلى المغرب، ملتمسا أن تقوم مصالح الجمارك والسلطات بتسهيل عملية دخول هذه المساعدات من الجنوب الإسباني قصد نقلها إلى القرى المتضررة.
ومن جانبها، لم تكف وسائل الإعلام الدولية عن الإشادة بروح التضامن الكبير الذي أظهره الشعب المغربي مع ضحايا الزلزال، حيث عبر صحفيون في قنوات دولية ومؤثرين مشهورين في مواقع التواصل الاجتماعي، عن مدى تأثرهم باللحمة المغربية والمظاهر الإنسانية التي كشفت عنها مكونات الشعب المغربي ملكا وشعبا، فيما بينها، لتقدم للعالم أجمع درسا في المواطنة، في السراء والضراء، وفي البر والإحسان وفق تعاليم الدين الإسلامي.