تقرير | استطلاع يكشف تراجع شعبية الحكومة وضعف رئيسها وعدم الثقة في البرلمان والأحزاب

كشف مؤشر الثقة في المؤسسات لسنة 2023، عن انخفاض عام للثقة في الحكومة وفي المؤسسات المنتخبة مقارنة مع العام الماضي، حيث عبر 69 في المائة عن عدم ثقتهم في الحكومة مقابل 43 في المائة فقط عبروا عن ثقتهم فيها، كما تراجع مؤشر الثقة في الأحزاب السياسية والبرلمان خلال السنة الجارية، حيث أعرب 42 في المائة من المغاربة المشاركين في الاستطلاع عن ثقتهم في البرلمان و33 في المائة في الأحزاب السياسية، مما يبرز انعدام الثقة في المؤسسات السياسية لدى المواطنين مقارنة مع السنوات الماضية.
إعداد: خالد الغازي
كشف الاستطلاع الذي أنجزه المعهد المغربي لتحليل السياسات، بخصوص الثقة في السياسة والسياسيين، أن المواطنين يفقدون الثقة تدريجيا في المؤسسات، وتحديدا الحكومة الحالية، إذ لوحظ تراجع كبير في نفس الاتجاهات التي كانت سائدة قبل جائحة “كورونا” عام 2020، حيث كانت الثقة في المؤسسات السياسية منخفضة بشكل ملحوظ، وأن البرلمان كان من أقل المؤسسات التي تحظى بثقة المغاربة، سواء في البحث النوعي أو الاستطلاع الكمي، وقد تم اعتباره مؤسسة ذات أداء ضعيف، لكون النواب ليست لهم أجندة واضحة ولا يمكن محاسبتهم من قبل المواطنين.
وأبرز الاستطلاع أن مستوى الثقافة السياسية منخفض لدى المغاربة، حيث أن 83 في المائة لا يفرقون في أجوبتهم بين رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش وعبد الإله بن كيران وسعد الدين العثماني، بينما 6 في المائة فقط يعرفون اسم رئيس مجلس النواب و2 في المائة يعرفون اسم رئيس مجلس المستشارين، و74 في المائة لا يعرفون أسماء رؤساء مجالس بلدياتهم والجماعات، و93 في المائة لا يعرفون أسماء رؤساء مجالسهم الإقليمية، أما بخصوص أدوار هذه المؤسسات، فقد عبر 51 في المائة من المستجوبين عن معرفتهم لأدوار الحكومة، و42 في المائة لأدوار مجالس البلديات، بالمقابل، قال 72 في المائة أنهم لا يعرفون أدوار الأحزاب السياسية، و63 في المائة لا يعرفون أدوار البرلمان و87 في المائة لا يعرفون أدوار المجالس المنتخبة والإقليمية.
وقد أبرزت نتائج الاستطلاع بخصوص مشاركة المواطنين في العملية السياسية، كالتصويت والترشح أو المشاركة في الحملات السياسية، أن 8 في المائة فقط منخرطين وأعضاء في منظمات المجتمع المدني، كما أن نسبة المشاركة في مجال السياسة ضعيفة جدا، حيث أن 98 في المائة من المستجوبين قالوا أنهم لا ينتمون لأي حزب مقابل 96 في المائة سنة 2022، بينما أبدى مواطنون اهتماما محدودا بالقضايا السياسية الحالية، حيث صرح حوالي 74 في المائة بأنهم لا يتابعون الشؤون السياسية باهتمام (49 في المائة لا يتابعونها على الإطلاق، و25 في المائة نادرا)، أما بالنسبة للأساليب غير التقليدية للمشاركة السياسية، كالمقاطعة الاقتصادية، أو التوقيع على العرائض، أو مشاركة محتوى سياسي على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد صرح 15 في المائة أنهم شاركوا سابقا في احتجاج، و5 في المائة وقعوا على عريضة، وشارك 29 في المائة في المقاطعة الاقتصادية، وقاطع 21 في المائة الانتخابات، وشارك 11 في المائة محتوى سياسيا على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتعد المشاركة في الانتخابات والتصويت مسؤولية أساسية في المجتمعات الديمقراطية، فهو يسمح للمواطنين بالتعبير عن رأيهم في تشكيل الحكومة واتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم، وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن 40 في المائة من المستجوبين شاركوا في الانتخابات الأخيرة لسنة 2021، بينما عبر 48 في المائة عن نيتهم المشاركة في الانتخابات المقبلة، بينما يرفض 34 في المائة من المستجوبين المشاركة في التصويت، لأسباب مختلفة، مثل عدم الاقتناع بالأحزاب السياسية، أو عدم الثقة في مصداقية نتائج الانتخابات (5 في المائة)، وفيما يتعلق بالانتخابات السابقة، فقد عبر 36 في المائة منهم عن رضاهم على مستوى كفاءة المرشحين، فيما أبدى 51 في المائة رضاهم على تنظيم يوم الاقتراع.
وأكد الاستطلاع أن وزارة الداخلية تحظى بثقة كبيرة لدى المواطنين، حيث كشفت النتائج أن 73 في المائة من المستطلعين يثقون فيها (47 في المائة يثقون تماما و26 في المائة يثقون إلى حد ما)، لكونها مؤسسة مهمة داخل البلاد وتلعب دورا مهما في المجتمع المغربي من خلال ضمان الأمن العام، والحفاظ على القانون والنظام، وإدارة التسجيل المدني والتوثيق، وضمان إدارة محلية جيدة وتنظيم الانتخابات والشؤون السياسية، بينما تحظى مؤسسات الشرطة والجيش والدرك بثقة أكبر لدى المغاربة، حيث عبر المستطلعون عن ثقة كبيرة في الشرطة بلغت 87 في المائة (60 في المائة يثقون تماما و27 في المائة يثقون إلى حد ما)، و89 في المائة منهم يثقون في القوات المسلحة (76 في المائة يثقون تماما و13 في المائة يثقون إلى حد ما)، و84 في المائة يثقون في الدرك الملكي (55 في المائة يثقون تماما و29 في المائة يثقون إلى حد ما)، مبرزا ان الثقة مرتفعة أيضا في القضاء وإن كانت أقل نوعا ما، مقارنة بالشرطة والجيش حيث وصلت الى حوالي 72 بالمائة (37 بالمائة يثقون تماما و35 بالمائة يثقون إلى حد ما)، بينما حظيت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بثقة كبيرة بين المواطنين، بنسبة 83 في المائة (57 في المائة يثقون تماما و26 في المائة يثقون الى حد ما).
وحسب الاستطلاع، فقد أكد 76 في المائة من المستجوبين ثقتهم في جودة التعليم العمومي في المغرب، (39 يثقون تماما في التعليم العمومي، و37 في المائة يثقون به إلى حد ما)، مقارنة بـ 80 في المائة سنة 2022، بينما تراجعت الثقة في جودة التعليم الخاص وانخفضت من 76 في المائة سنة 2022 إلى 55 في المائة سنة 2023 (حيث يثق 24 في المائة بالتعليم الخاص، و31 في المائة إلى حد ما)، بينما تبين أن الثقة في قطاع الصحة العمومي منخفضة مقارنة بقطاع التعليم، إذ أعرب 49 في المائة فقط عن ثقتهم (20 في المائة يثقون تماما و29 في المائة يثقون إلى حد ما)، بينما أعرب 49 في المائة عن عدم ثقتهم في الخدمات الصحية (35 في المائة لا يثقون إطلاقا و14 في المائة لا يثقون)، وهناك تباين بين قطاعي الصحة العمومي والخاص، حيث أن مستوى الثقة في خدمات القطاع الخاص أعلى بشكل ملحوظ، ذلك أن 72 في المائة راضون عن الخدمات الصحية الخاصة، أما بخصوص الخدمات في المؤسسات المالية والتعامل مع الأبناك، فقد أسفرت نتائج الاستطلاع أن متوسط مستوى الثقة يبلغ 58 في المائة (30 في المائة يثقون تماما، و28 في المائة يثقون إلى حد ما)، مما يؤكد أهمية الجهات الرقابية للقطاع المالي.
وكشف التقرير أن منظمات المجتمع المدني في المغرب تتمتع بمستوى متوسط من الثقة، إذ أن حوالي 58 في المائة من المستجوبين يثقون بشكل كبير في منظمات المجتمع المدني (22 في المائة يثقون تماما، و36 في المائة يثقون إلى حد ما)، مبرزا أن الثقة في هذه الجمعيات المدنية تتأثر بعوامل مختلفة، بما فيها شفافية المنظمة وقابليتها للمساءلة وإنجازاتها وقيادتها وتأثيرها، عندما يثق الناس في منظمات المجتمع يرجح أن ينفتحوا على التعاون والتبرع والتطوع والترافع عن قضاياهم.
وبالنسبة للمشاركة في الحياة العامة وتواصل المواطنين مع المنتخبين فيما يتعلق بالسياسات العامة، أظهرت النتائج أن 88 في المائة من المستجوبين لم يتواصلوا مع أي ممثل منتخب، بينما حاول 0.7 في المائة فعل ذلك لكنهم فشلوا، في حين أن 11 في المائة تواصلوا مع بعض المنتخبين معظمهم أعضاء في المجالس البلدية.
وقد أعرب 40 في المائة عن رضاهم عن إمكانية تقديم شكاوى رسمية في حالة وجود مشاكل، فيما أعرب 66 في المائة عن رضاهم عن كفاءة وأداء موظفي المجالس البلدية، و62 في المائة راضون عن جودة الخدمات، وفي مجال حقوق الإنسان واحترام الحقوق وحمايتها من طرف الدولة والحكومة والمؤسسات، صرح 48 في المائة من المستطلعين أن حقوق الإنسان تحظى بمستوى متوسط من الاحترام، بينما قال 17 في المائة أنها تحظى باحترام كبير، فيما يرى 19 في المائة أنها لا تتمتع بالاحترام على الإطلاق.
وبخصوص مكافحة الفساد الذي يؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات على خدمة مصالح المواطنين، يرى 83 في المائة من المستجوبين أن الرشوة منتشرة في المغرب (61 في المائة يرون أنها منتشرة كثيرا، و22 في المائة يرون أنها منتشرة إلى حد ما)، أما ما يتعلق بمحاربة الفساد، فقد عبر 47 في المائة عن رضاهم بشكل عام على الجهود المبذولة في مكافحة الفساد مقابل 45 في المائة عبروا عن عدم رضاهم على المنهجية المتبعة في مكافحة الظاهرة (36 في المائة غير راضين إطلاقا، و9 غير المائة غير راضين).
وفي العلاقات الاجتماعية والأسرية، كشف الاستطلاع أن 98 في المائة يثقون كثيرا في أسرهم النووية، في حين أن 78 في المائة يثقون تماما في العائلة الممتدة مقابل 47 في المائة في سنة 2022، كما أظهرت النتائج تزايد الثقة في أئمة المساجد بنسبة 73 في المائة، وذلك نظرا للسلطة الدينية التي يتمتعون بها والسلوك الأخلاقي والنزاهة والشفافية التي يعرفون بها وسط المجتمع، ومع ذلك، فإن 66 في المائة من المستجوبين لا يثقون في الأشخاص الذين يلتقون بهم للمرة الأولى، و45 في المائة لا يثقون في أشخاص من ديانات أخرى، و35 في المائة لا يثقون في أشخاص من جنسيات أخرى، كما أن 37 في المائة لا يثقون في جيرانهم، و25 في المائة لا يثقون في أصدقائهم، حيث تشير النتائج إلى أنه كلما كانت العلاقات أقرب كلما زادت الثقة (الأسرة مثلا).
ويرى 58 في المائة من المستجوبين في الاستطلاع، أن المغاربة يثقون ببعضهم البعض (15 في المائة فقط يثقون ببعضهم البعض تماما، و43 في المائة يثقون ببعضهم إلى حد ما)، حيث يوجد اختلاف مفاهيمي يتعلق بما إذا كان المستجوبون يضعون في الحسبان الثقة المتبادلة بين الآخرين، أم فقط مدى ثقتهم في الآخرين، فـ 60 في المائة يثقون بالناس بشكل عام (منهم 24 في المائة يثقون تماما، و36 في المائة يثقون إلى حد ما)، كما أكد 93 في المائة من المستجوبين، أنهم فخورون كثيرا بكونهم مغاربة (5 في المائة فخورون إلى حد ما، في حين أن قلة قليلة فقط من المغاربة صرحوا بأنهم ليسوا فخورين كثيرا بنسبة 0.4 في المائة، أو ليسوا فخورين على الإطلاق 1 في المائة).
وترى فئة من المستجوبين أن الأولويات في السنوات المقبلة، يجب أن تعطى لقطاع الصحة، وتجويد التعليم، وخلق فرص الشغل للشباب، ومحاربة الفساد، وزيادة مشاركة المواطنين في الحياة العامة.