روبورتاج

ربورتاج | تهميش إضرابات الدكاترة المعطلين ينذر بالخطر

المضربون عن الطعام يطلبون الإنصاف الملكي

أصبحت قضية الدكاترة المعطلين المضربين عن الطعام، تحظى باهتمام ومتابعة من قبل الرأي العام والجمعيات الحقوقية وفعاليات المجتمع المدني، خاصة وأن مرحلة الإضراب اقتربت من 50 يوما، مما جعل أسهم الانتقادات تتجه صوب الحكومة التي لم تتفاعل مع قضيتهم ورفض الناطق الرسمي للحكومة مصطفى بايتاس، الحديث عن ملف الدكاترة المضربين خلال لقائه بوسائل الإعلام، مما يبرز غياب الجانب الإنساني والحقوقي لدى الحكومة الحالية.

 

الرباط. الأسبوع

 

    لقد دفع التجاهل الحكومي واللامبالاة تجاه قضية الدكاترة المعطلين المضربين عن الطعام، تنسيقية الدكاترة المعطلين، إلى توجيه نداء إلى الملك محمد السادس، يناشدونه من أجل التفاتة لإنقاذ أرواح المضربين والمضربات عن الطعام، ونيل عطفه والاستجابة لمطلبهم العادل والمشروع، وذلك بعدما كرسوا حياتهم في الدراسة والتحصيل والبحث العلمي لسنوات عديدة، ليجدوا أنفسهم عرضة للتهميش والبطالة.

وقالت التنسيقية في ندائها: “إن الدكاترة المعطلين من النخبة المثقفة في المملكة، وليس لهم إلا مطلب الإدماج في الوظيفة العمومية، وخاصة بالجامعات، ومراكز البحث العلمي، لمواصلة مشاريعهم العلمية للمساهمة في تنمية البلاد، والتقدم والرقي والازدهار الذي تعرفه المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس”.

وتطالب تنسيقية الدكاترة المعطلين بالمغرب، بالتوظيف في الجامعات المغربية ومراكز البحث العلمي وجميع أسلاك الوظيفة العمومية، بما يتناسب وشهادة الدكتوراه والتخصصات المحصل عليها في مختلف المجالات الأدبية والعلمية والتقنية.

في هذا الإطار، قال محمد أيت تعرابت، منسق تنسيقية الدكاترة المعطلين، أن معركة الدكاترة المعطلين ودخولهم في إضراب عن الطعام مستمرة منذ أربع سنوات، تحت شعار: “الكرامة أو الاستشهاد”، مشيرا إلى أن “معركة الإضراب عن الطعام” تجاوزت 44 يوما، حيث أن المرحلة الأولى من الإضراب كانت بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتمارة، ثم المرحلة الثانية مستمرة في مقر فيدرالية اليسار الديمقراطي بالرباط.

وأوضح نفس المتحدث، أن “وضعية الدكاترة المضربين عن الطعام باتت جد مزرية، لأن أغلبهم مصابون بأمراض مزمنة، وتم نقل 63 حالة إلى المستشفى لحد الآن، وأغلب الدكاترة في هذه المرحلة امتنعوا عن أخذ السكر والسيروم”. مضيفا أن التنسيقية قامت بمراسلة جميع مؤسسات الدولة للتحسيس بوضعية الدكاترة المضربين عن الطعام، بما فيها رئاسة الحكومة والبرلمان، ووزارتي التعليم العالي، والاقتصاد والمالية، وجميع الأحزاب السياسية، سواء في الأغلبية أو المعارضة، لكن دون أي جواب من الجهات المعنية.

وحسب نفس المصدر، فإن أعضاء التنسيقية يخشون استشهاد بعض الدكاترة المصابين بأمراض مزمنة، خاصة الذين تجاوزت أعمارهم 45 سنة، حيث أن المعركة مستمرة في الشارع تزامنا مع إضراب زملائهم في مقر فيدرالية اليسار، معتبرا أن سبب هذا الإضراب يعود للإقصاء والتهميش الذي يعيشه الدكاترة المعطلين بسبب المناصب التحويلية التي قام بها وزير التعليم العالي السابق، لحسن الداودي، عبر تخصيص مباريات لفائدة الموظفين فقط، مما نتجت عنه بطالة في صفوف الدكاترة، ودفعهم إلى الخروج والنضال في الشارع من أجل فتح هذه المناصب في وجه الجميع.

وأكد أيت تعرابت، أن المباريات الإقصائية للدكاترة المعطلين وهذه المناصب، عرفت “خروقات وزبونية ومحسوبية حزبية”، باعتراف الوزارة الوصية وبعض وسائل الإعلام، التي تحدثت عن الاختلالات والتجاوزات التي حصلت في مواقع ومناصب جامعية، مما حرم الدكاترة المعطلين من المشاركة في هذه المباريات والاستفادة من المناصب المخصصة لهم على مستوى المؤسسات الجامعية، مشيرا إلى أن هناك مجموعة من الدكاترة المعطلين في الفترة ما بين 2018 و2022 خاضوا اعتصاما أمام مقر وزارة التعليم العالي في عهد الوزير سعيد أمزازي، وتم إدماجهم في الوظيفة العمومية، لهذا السبب يتمسك الدكاترة المعطلين حاليا بالتوظيف المباشر مثل زملائهم السابقين الذين تم إدماجهم بعد الاعتصام.

وأوضح المصدر ذاته، أن أغلبية هؤلاء الدكاترة لديهم ملفات علمية وشاركوا في ندوات وطنية ودولية، ولديهم مقالات وبحوث علمية منشورة في مجلات، لكنهم يعانون الإقصاء من الإدماج بسبب “الخروقات” التي تعرفها مباريات التوظيف، لهذا يرفضون المباريات المشبوهة ويطالبون بالإدماج المباشر في الجامعات ومراكز البحث العلمي، مبرزا أن أغلب الدكاترة يعتمدون على أسرهم وعائلاتهم ويشتغل بعضهم في القطاع الخاص الذي يعرف عدم الاستقرار في الشغل، لهذا يطالبون بالوظيفة في مراكز البحث إسوة ببقية الدكاترة.

بدوره، أكد عبد الرحيم القصباوي، عضو نفس التنسيقية، ما قاله زميله من أن الإضراب عن الطعام في صفوف الدكاترة المعطلين تجاوز 43 يوما منذ بداية المعركة يوم 25 يوليوز، وقد باتت الوضعية الصحية للمضربين والمضربات جد كارثية، وخاصة 16 شخصا منهم، وقد حصلت إغماءات تجاوزت 63 حالة تم نقلها للمستشفيات، منها حالات وضعيتها جد صعبة، نتيجة التوقف عن أخذ السيروم من طرف أغلبية المعتصمين رغم دخولهم المستشفى عدة مرات.

وأضاف نفس المتحدث، أن أغلب الدكاترة يعانون أوضاعا صحية صعبة لكون أعمارهم ما بين 45 و50 سنة، مما يزيد من التدهور الصحي جراء مواصلة الإضراب عن الطعام، وبالتالي هذا ما يؤدي إلى حدوث حالات إغماء في صفوف المضربين، منتقدا غياب أي تفاعل أو فتح حوار من قبل المسؤولين الحكوميين بخصوص ملف الدكاترة المعطلين، باستثناء “المنع وقمع الوقفات الاحتجاجية والتضامنية مع المضربين”.

وأشار بدوره إلى أن “هناك مجموعة وطنية من الدكاترة قبل كورونا وبعدها، تم إدماجهم في عهد وزارة أمزازي في الجامعات المغربية، لا نعرف الطريقة التي تم بها الإدماج.. المهم أنهم كانوا في شوارع الرباط يناضلون، ودخلوا في اعتصام مفتوح أمام مقر وزارة التعليم، ليتم إدمادجهم من بعد”، معتبرا أن ملف الدكاترة المعطلين حاليا عادل ومشروع، ويطالبون فقط بالتوظيف في أسلاك الوظيفة العمومية لكونهم حاملين لشواهد الدكتوراه، داعيا الجهات المسؤولة إلى التدخل لإنصاف أبناء الشعب.

في هذا السياق، عبرت هيئات حقوقية عن تضامنها مع مطالب تنسيقية الدكاترة المعطلين التي انقسم أعضاؤها بين مضرب عن الطعام ومحتج أمام وزارة التعليم العالي والبرلمان، حيث اعتبر عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الترافع الحقوقي في هذا الملف يأتي في إطار القوانين الجاري بها العمل، بعد عدم التفاعل مع المراسلات التي وجهتها التنسيقية إلى رئيس الحكومة وإلى مسؤولين مباشرين وغير مباشرين معنيين بقطاع التشغيل، ودعا الضمائر الحية في هذا الوطن، إلى التحرك والتدخل العاجل لدى المسؤولين من أجل حماية حق الدكاترة المعطلين، وضمان حقهم في الشغل.

وقال نفس المصدر، أن “حق الإنسان في العمل حق أساسي، مكفول لجميع المواطنين والمواطنات بموجب ما هو منصوص عليه في العهود والمواثيق الدولية المصادق عليها من طرف بلادنا، وأساسا منها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والدستور المغربي في الفصل 31، الذي يشدد على ضرورة تيسير الدولة ولوج المواطنين إلى سوق الشغل”، مشددا على أن “هذا التجاهل الحكومي سيؤدي لا محالة إلى وقوع فاجعة، قد تمس بالحق في الحياة، والحق في السلامة البدنية والأمان الشخصي للمضربين والمضربات عن الطعام”.

كما دعا الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إلى التدخل في ملف الدكاترة المعطلين المضربين عن الطعام، عبر توجيه مراسلة رسمية إلى كل القطاعات الحكومية وغير الحكومية، من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والمندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب وغيرها من المؤسسات المعنية، وذلك بهدف التأكيد على أهمية ضمان حق الشغل لهذه الفئة من المواطنين الحاصلين على شهادة عليا معترف بها.

واعتبر الائتلاف الحقوقي أن مطالب الدكاترة المعطلين عادلة ومشروعة، لأن حق العمل حق مكفول لجميع المواطنين بموجب ما هو منصوص عليه في العهود والمواثيق الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والدستور المغربي في الفصل 31، الذي يشدد على “ضرورة تيسير الدولة ولوج المواطنين إلى سوق الشغل، وتوفير الدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي وولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق”.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى