الرباط. الأسبوع
تعاقبت مختلف الأحزاب على تسيير مجالس العاصمة ولا حزب سجل سياسته وأسلوبه وأفكاره في وثيقة الميزانية التي تعد خارطة طريق لتطبيق أهدافه الانتخابية، فكل الوثائق المالية تكرر نفسها عند كل الأحزاب المسيرة، فلا فرق بين يسارها ويمينها ووسطها.. فكلها تتبنى ما تجده أمامها من وثائق إدارية وتنفذ ما جاء فيها دون أي اعتراض أو ملاحظة على ما يمكن أن يتعارض مع توجهات أحزابها، حتى صارت وكأنها كتلة حزبية توحدها الميزانية في النفقات والموارد، والمشاريع، وهذه الوحدة متماسكة أكثر في رفع وتمطيط تعويضات الأعضاء وتعميم نعمة السيارات مع ابتداع بدعة كرائها بألواح مرقمة ترقيما مدنيا حتى تمر دون اكتراث من الرباطيين، فلا حزب انتفض وثار على هذه البدعة، بل لاحظنا أن كل “حاكم” يضيف زيادة في الريع وارتفاع في عدد المستفيدين منه.
وها هي ميزانيات 2024 قد انطلق تحضيرها بطلب اقتراحات من الأقسام المعنية لموافاة المجالس بحاجياتها وتسطير تكاليف تسييرها وتحديد مصاريفها الداخلية، وها أنتم تلاحظون أن تعليمات المنتخبين لموظفيهم ذات صبغة مالية فقط دون إشعارهم بملاحظات الرباطيين الذين يمثلونهم ويدافعون عن كرامتهم وحقوقهم وتسيير مصالحهم ومقايضة المنح المادية لمختلف الأقسام بمعايير احترام المرتفقين، وتسهيل ذلك بإرشادهم والتعامل معهم كأصحاب سلطة المجالس وممولي نفقاتها، بما في ذلك أجور وتعويضات وامتيازات المنتسبين إليها، بل وقبل التقرير في تخصيص مصاريف لكل قسم، يجب إرفاق طلب الرصيد المالي بمذكرة مفصلة عن مردوديته وعن التعليمات التي ساهم بها لحل مشاكل الرباطيين، وعن إحصائيات الملفات التي فك أغوارها وعالج “مطباتها” وأسعد بها الرباطيين.
هكذا ينبغي تحضير الميزانية التي – ومنذ نصف قرن – ظلت خاضعة لروتين ممل و”بالي” ولا علاقة له بالعهد الجديد، فأما أدوار اللجان التي تعتمد على اقتراحات الأقسام، فهي عبارة عن “بهلوانية” صنع التوصيات والملتمسات التي يفبركها نفس أعضاء المجالس لتصبح قرارات تعود إلى الأقسام لتنفيذها، ففي عاصمة الثقافة لم تتوقف بعد في إبداع وثائق مالية من أجل خدمة الرباطيين واستعملنا مصطلح “إبداع” لأنه فعلا ينبغي حذف ميزانيات “الغباء” التي طالت واستطالت، والشروع في تهييئ ميزانيات الذكاء الإنساني تواكب عصر الذكاء.