العبث بالتراث التاريخي للمدينة العتيقة بمكناس

محسن الأكرمين. مكناس
لم يكد العمل ينتهي من كل الأوراش المفتوحة لتثمين المدينة العتيقة بمكناس، حتى أخذت أيدي العبث تلهو بغباء مع تاريخ مدينة عريقة كانت في زمن من الأزمنة عاصمة المولى إسماعيل.. فمن بين المظاهر المشينة والغير متحضرة، تلك الكتابات و”الخربشات” التي تزيد على مسطحات الأسوار والأبواب والأبراج التي تم إتمام عمل ترميمها وتأهيلها، والتي تكثر خصوصا بحي الزيتون ما بين إعدادية جابر بن حيان وباب القصدير.
ولم ينته تشويه الموروث التاريخي بالكتابة فقط، بل تعدى الأمر ذلك من خلال إشعال النار بالمحاذاة مع السور (القصير) على الطريق المؤدية إلى “الشراشر” قديما (ما بين باب القصدير وباب كبيش)، وذلك من أجل “تشويط” رؤوس الأضاحي، هذا الفعل أحدث أثرا هادما على السور المرمم بالتأهيل (تهاوي الفرشة المضافة)، فالأثر الأول يتمثل في غياب الوعي الجماعي في الحفاظ على الموروث العمراني للمدينة، والثاني في غياب المراقبة وتوزيع المسؤوليات للحد من تلك السلوكات الفوضوية أيام العيد وغيره، فيما العنصر الثالث، وهو ملاحظة وصفية فقط ويثير الحفيظة والتساؤلات، فأنا ابن حي الزيتون وغير ما مرة اشتعلت النيران في القصب والأشجار بالقرب من السور وداخل مجرى الماء ولم نلحظ يوما أن تكسية السور الخارجية قد تساقطت بهذا الشكل المريع، وهنا التساؤل المحير: هل يقدر التثمين والتأهيل أن يصمد أكثر من عشرية قرن؟
من دواعي الملاحظة التي تستوجب التدقيق، إحداث شرطة إدارية خاصة بمحاربة بعض السلوكات غير المدنية، والتي تخرب الأسوار، وإحداث كاميرات المراقبة حتى يتم ضبط الجناة وتحديد المسؤوليات، ولم لا التفكير في إحداث مسطحات حديدية لتلك الكتابات العشوائية بساحة “لاكورا” كمتنفس تعبيري لإعلام الشارع، وحتى لا نوصف بمن يدعو إلى العقاب، فلا بد على وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إدخال بعض المحتويات الدراسية التي تقفز بالثقافة المادية واللامادية نحو التملك من طرف التلاميذ، واكتسابهم مفاهيم الحفاظ على العمران التاريخي.