حديث العاصمة | أبطال بدون أمجاد

بقلم: بوشعيب الإدريسي
اهتمت المملكة بأبطالها الأشاوس الذين حاربوا الاستعمار وضحوا بالغالي والنفيس لعودة رمز الوطن ومحرره ومعه وثيقة “الاستقلال”، من عبودية المستعمر، فكانت أعظم بطولة يخلدها ملك وشعب بأبطال من المقاومين أطرتهم ونظمتهم وسهرت على شؤونهم مندوبية سامية للمقاومة وجيش التحرير، وبعد الاستقلال، بدأ جهاد جديد سمي بالجهاد الأكبر بعد الجهاد الأصغر، ونعته بالأكبر غني عن كل تفسير وقد قاده كبار في شتى المجالات من أجل تحرير المملكة مما اغتصبه المستعمر ظلما مستغلا سجن ونفي ملكها وسرقة ثرواتها وتفقير شعبها، وكانت معركة ضروسا لا تزال تداعياتها إلى اليوم مرتدية أقنعة تمويهية حسب الظروف، ومن المجالات المحتكرة عالميا: الرياضة، التي أصبحت من قوام الدول السائرة بكل تأكيد في طريق لا تسلكها إلا الأقطار التي تخلصت من التخلف الفكري والتبعية لمعسكر سلاحه هو إعلامه المسموم، وجنوده مرتزقته ومواده حربه الإشاعات، وهذا ليس موضوعنا، ونرجع إلى الرياضة، التي تتزعمها كرة القدم، اللعبة الشعبية معشوقة الجماهير، وإن كنتم تتذكرون، فمونديال 1970 كان بداية تألق الكرة المغربية على المستوى الدولي، وبعده مونديال 1986، الذي عرف انتصار أسود الأطلس على المنتخب البرتغالي وتأهل للدور الثاني كأول بلد عربي وإفريقي يتجاوز الدور الأول، مما خلف هزة قوية في المنتخبات الأجنبية، وارتياحا كبيرا في الوطن العربي وثقة في النفس عند إخواننا الأفارقة، وكان من بين صناع التوهج الكروي في مونديال مكسيكو 70، أحمد فرس أطال الله عمره، وحسن أمشراط “عسيلة” أنعم الله عليه بموفور الصحة، حتى يرى مع سي أحمد أنهما من الأبطال التاريخيين للوطن، ومعهم عمالقة هذه الرياضة الرباطيون: أقصبي وعروبة وخالد الأبيض، وغيرهم، والذين بصموا على مسار كروي لافت جعل العالم بأسره يعرف المملكة المغربية على الصعيد الكروي رغم كيد الأعداء وقلة الإمكانيات وجحود الجامعات والجماعات والإدارات في ذلك الوقت.
فالمملكة اليوم ليست هي المملكة التي كانت مظلومة من صناع قرارات “الفيفا” ومجرد مشارك عابر في المحافل الدولية للعبة، بل إنها أصبحت فكرا رياضيا بشعب تبنى فكرها لعشقه وحبه وولعه بكرة القدم، لذلك وبناء على هذه التحولات وهذا التعمق في أفكار أمتنا ونهضة مملكتنا، ولأول مرة في التاريخ، تلتقي القارة الأوروبية بالقارة الإفريقية وتندمجان في قطب يجمع حراس أبواب إفريقيا وأوروبا: المغرب وإسبانيا والبرتغال، وقدموا ملفا واحدا لربط القارتين عبر ترشيح مشترك لاحتضان كأس العالم 2030.. إنها انطلاقة جديدة لا للرياضة فقط، وإنما لتعاون شامل ربما يحول الحدود بين الجنوب والشمال على المدى القريب، إلى ماض متجاوز.
وإذا كانت الرياضة تملك هذه القوة، فعلى المغرب أن يؤكد ذلك بإنشاء مندوبية سامية لرعاية أبطال الرياضة حتى ترد الاعتبار لهذه الرياضة وتنصف الأبطال الأفذاذ الذي هم اليوم في وضعية اجتماعية هشة تمنعهم كرامتهم من الجهر بمآسيهم، فتحية احترام وتقدير لرفاق الطفولة: فراس وعسيلة، ولا ننسى أقصبي وعروبة والأبيض وكل الأبطال بدون أمجاد.