جهات

كيف ساهمت الكنيسة في تآخي الرباط وأثينا

الرباط. الأسبوع

    تراجعت دبلوماسية الشعوب منذ عقود عند مجالس العاصمة وبالأخص عند جماعة الرباط، فهذه الدبلوماسية فقدت روادها المحنكين المناضلين حتى اختفت من الوجود في وقت تصارع فيه الدبلوماسية الوطنية الأمواج الهائجة في بحور عميقة وباردة وهي التي تعشقها الحيتان الفتاكة، ومع ذلك أبانت هذه الدبلوماسية عن مهاراتها وطول نفسها وتصديها لكل المكائد أو العوائق التي تعترضها، خصوصا في الآونة الأخيرة، حيث تجندت للدفاع عن هويتها المغربية الإفريقية وعن حضارتنا المتميزة بتعددها اللغوي والعرقي، الحساني والأمازيغي والعربي والأندلسي والإفريقي، وسر هذا التعدد لا يعلمه إلا الله، وقد اجتمع في وطن مبدأه التسامح وحرية العقيدة واحترام الآخر في أفكاره وتعابيره المضمونة دستوريا ممارستها دون استغلالها في بث الفوضى والتفرقة بين مكونات الأمة، التي يؤمن حقوقها ويحمي وحدتها وتماسكها وأخوتها وأمنها واستقرارها ملك المملكة ومعه هذه الأمة.. فهل هذا معناه إعفاء أدوار دبلوماسية الشعوب الموكولة للمنتخبين انطلاقا من منابرهم، سواء المنتخبة أو الحزبية؟

فجماعتنا لا تغرد ولا تصدح ولا تثبت وجودها على رأس عاصمة الدبلوماسية والسياسة والثقافة والإدارة العمومية، وتأخرت في إضافة مقر الممارسة الجماعية المثالية وكانت الرباط رائدتها في الثمانينات والتسعينات في المنظمات الإقليمية والمنتديات المهتمة بالشأن الشعبي عند بلدانها، وابتدعت مسطرة التآخي والتوأمة لأول مرة في الجماعات كذريعة لإيصال رسائلها إلى مثيلاتها في بعض العواصم والمدن الكبرى العالمية، ومنها إلى نخبها وأحزابها وسكانها بهدف تعزيز الدبلوماسية الوطنية، وقد شملت هذه الطريقة حوالي 17 عاصمة ومدينة من كبريات العواصم مثل عاصمة اليونان أثينا التي – وللتاريخ – اقترحها على الرباط سفير المملكة هناك، عندما اخترقت منتخبيها حفنة من الانفصاليين، فقامت جماعة الرباط آنذاك بالتصدي إلى هذا الاختراق بإشهار ورقة التآخي وبزيارة رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان زيارة مجاملة وطلب “بركاته” لإنجاح تآخي العاصمتين.

تتمة المقال تحت الإعلان

والتفاصيل وإن كانت متشعبة، فإنها لا تهم، بل الأهم هي النتيجة: تآخي الرباط مع أثينا، فتكونت علاقات منقطعة النظير بين كنيستها وبلديتها حتى أن رئيس الكنسية وكان رجلا فاضلا طيبا، تعلق بالرباط وأصبحت المفضلة لديه من بين كل العواصم لزيارتها، وكل مرة وطأتها قدماه إلا ويتصل هاتفيا بالذين يعرفهم من قدماء منتخبي العاصمة ويلتقي بهم في إحدى الفنادق، وأكثر من مرة كان يخبرهم بشرف لقاء جلالة الملك محمد السادس، وكان ولا يزال يحضر في الاستقبالات الملكية لتقديم التهاني بمناسبة عيد العرش.. فهل وصلت الإشارة إلى مجلس جماعة العاصمة؟

إنها فرصة لننوه بهذا الرجل الذي ساهم في التعريف بقضيتنا الوطنية عند معتنقي ديانته في المعمور وتحية إجلال لمقامه الكبير.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى