مع الحدث

مع الحدث | بنموسى يحاول استغلال غفلة العطلة لتمرير قانون مرفوض

مسودة مشروع النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية

تعتزم وزارة التربية الوطنية إخراج مسودة مشروع النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية للنقاش، بعد أن فرضت جدارا من السرية خلال إعداده رغم أنه يتعلق بآلاف الأطر التعليمية، والموظفين، وترى في النقابات البوابة لإصلاح التعليم والنهوض بأوضاع الشغيلة التعليمية.

إعداد: خالد الغازي

    من المنتظر أن تقوم وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي، برئاسة شكيب بنموسى، بفتح نقاش مع النقابات التعليمية حول مسودة مشروع النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، في ظل الغموض الذي يلف هذا المشروع، الذي تؤكد الهيئات التمثيلية ضرورة أن يأتي بحلول واقعية للمشاكل التي تعاني منها فئات متعددة من الشغيلة التعليمية، بينما تسعى الوزارة الوصية إلى فرض الأمر الواقع على النقابات والقبول بهذا المشروع المثير للجدل.

وتسعى وزارة شكيب بنموسى إلى تمرير مشروع النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية خلال شهر يوليوز والعطلة الصيفية، قصد الشروع في تنفيذه في شهر شتنبر المقبل، مما جعل العديد من القيادات النقابية تحذر من تمريره ومنح الوزارة “كارط بلونش” لفرض الأمر الواقع دون مناقشته مع القواعد والفروع النقابية، بينما تراهن الوزارة على ضعف النقابات من أجل تمرير مسودة النظام بالصيغة الحالية، ثم التحدث فيما بعد عن التعديلات والتجويد، مما دفع ببعض الأصوات النقابية إلى توجيه تحذيرات للنقابات الأكثر تمثيلية، من الوقوع في المصيدة، التي قد تضرب مصداقية النقابات التعليمية وسط نساء ورجال التعليم.

ويشدد العديد من النقابيين على ضرورة مناقشة مسودة النظام الأساسي، وأخذ الوقت الكافي من أجل دراسة المشروع مع جميع الهياكل واللجن الداخلية، رافضين الأجندة التي وضعتها وزارة بنموسى للإسراع في المصادقة على المشروع خلال العطلة الصيفية، لاسيما وأن الوزارة قررت الإبقاء على مضامين مشروع النظام الأساسي سرية، مما خلق جدلا كبيرا وسط الأطر التعليمية حول بعض المقتضيات التي تم تسريبها، خاصة المتعلقة بالترقيات والمردودية.

وحسب بعض المتتبعين، فإنه من الصعب تجويد المشروع خلال الفترة المقبلة لكي يتماشى مع طموحات وانتظارات الشغيلة التعليمية، مما قد يؤجل إخراجه إلى نهاية السنة الحالية بعدما تلقت النقابات انتقادات من قبل قواعدها وهياكلها، التي شددت على ضرورة التدقيق في كل تفاصيل النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية مع اللجنة المشتركة مع الوزارة الوصية.

في هذا السياق، أوضح يونس فيراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، أنه بعد اتفاق 14 يناير، جاءت وزارة التربية الوطنية بأرضية على أساسها سيبدأ النقاش حول النظام الأساسي، حيث تم تشكيل لجنة مع ممثلي النقابات الأربع الموقعة على الاتفاق، والذين ناقشوا الأرضية وقدموا الملاحظات وتم التأكيد على المطالب التي يجب أن تكون، ويتضمنها النظام الأساسي، وذلك للوصول إلى مسودة لهذا النظام، مؤكدا على أن هذه المسودة التي وضعتها وزارة التربية يجب مناقشتها مع الأجهزة النقابية والمناضلين، لأنها شأن يهم الشغيلة التعليمية، وبالتالي، لا بد أن يكون النقاش واسعا وموسعا لكي يعبر الجميع عن رأيه قصد الحسم بشكل نهائي في هذا النظام الأساسي إلى غاية نهاية شهر يوليوز الجاري، ليأخذ مساره ويكون جاهزا للتنفيذ في شتنبر المقبل.

وأضاف فيراشين، أن النظام الأساسي يجب أن يتضمن كل القضايا التي جاءت في اتفاق 14 يناير، ويجب أن يكون نظاما موحدا ليس فيه تمييز ويشمل بالمطلق جميع موظفي وزارة التربية الوطنية، ويحل المشاكل الفئوية من القضايا والملفات العالقة التي عمرت لسنوات وخلقت احتقانا في صفوف الشغيلة، مشيرا إلى أن النظام الجديد لا يجب أن يفرق بين متعاقد وموظف، ولا بد أن يتحدث عن موظفي وزارة التربية الوطنية وهذا ما تضمنه اتفاق 14 يناير، أي ضرورة وضع نظام يتحدث عن الجميع بدون تمييز، ولا يفرق بين موظفي الوزارة والمتعاقدين، ويكون في إطار الوظيفة العمومية.

وقال نفس المصدر، أن “جميع الملفات مطروحة للنقاش، سواء أصحاب الزنزانة 10 أو غيرهم، حسب اتفاق 14 يناير، يجب أن يجد لها النظام الأساسي حلولا وأجوبة، خاصة وأنها ظلت عالقة لعدة سنوات، وتحتاج إلى تسوية نهائية، أما بالنسبة للحوار القطاعي مع الوزارة، فبعد مشوار طويل ونقاش مستمر، تم التوصل إلى اتفاق 14 يناير، ثم دخلنا في مسار آخر حول تفاصيل النظام الأساسي، لهذا نتمنى أن تكون النتيجة في نهاية المطاف إيجابية، وفي مصلحة الشغيلة التعليمية وتجيب على انتظاراتهم وتفتح آفاقا جيدة أمامهم، لأن الإصلاح التعليمي في المغرب مرتبط أساسا بالنهوض بأوضاع رجال ونساء التعليم، ولا يمكن الحكم على الحوار إلا من خلال النتائج التي لا بد أن تكون مرضية لكي يكون إيجابيا في نهاية المطاف”.

وبالنسبة لتقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين، فقد اعتبر فيراشين، أن الملاحظات والتوجيهات التي جاء بها المجلس ليست بالجديدة، حيث سبق أن جاءت في عدة تقارير، سواء بالنسبة للهيئة الوطنية للتقويم، وأيضا من هيئات من خارج المغرب، وذلك بسبب الأوضاع التي تعيشها المدرسة العمومية من حيث البرامج والمناهج التي لم تتم مراجعتها منذ سنة 2002، بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الأخرى على مستوى البنيات والتجهيزات والجودة والتربية والتكوين، وعلى مستوى الاكتظاظ في الأقسام، خاصة وأن لدينا في التعليم الابتدائي 20 في المائة من الأقسام هي حجرات مشتركة، فكيف لأستاذ يدرس قسما مشتركا يضم تلاميذ من مستويات مختلفة أن يقدم أفضل ما لديه، يتساءل ذات المصدر، معتبرا أن “الأهم والأساسي هو المرور للإصلاح، خاصة وأن المغرب ليست له فرصة للمزيد من الفشل، هذا الفشل وقف حجر عثرة أمامنا من أجل تحقيق إرادة سياسية للإصلاح، وهذه الإرادة ليست فقط بالخطاب، بل يجب أن تتجسد في موارد كافية وإصلاح حقيقي على أرض الواقع، يكون له أثر على التلاميذ”.

من جانبه، انتقد عبد الله غميمط، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، النقاش الذي يتم في سرية تامة حول مشروع النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية والذي تباشره الوزارة الوصية في غياب أي معلومات ومعطيات، سواء من قبل الوزارة أو النقابات المشاركة، منذ 24 أبريل الماضي، من خلال عقد مجموعة من الجلسات منذ شهرين، ولا زالت اللجنة التقنية لم تكمل أشغالها، في انتظار الإعلان عن اللقاء بين وزير التربية الوطنية والنقابات المشاركة للحسم في المسودة، معتبرا أن النظام الأساسي لن يخرج عما تم تداوله قبل 14 يناير على مستوى مجموعة من الأمور، سواء بالنسبة للهيئات أو نظام التعويضات، أو نظام التأديب، وأيضا التقويم وباب الترقية.

وأبدى نفس المصدر عدم رضاه على غياب المعلومة والمقاربة التشاركية في إنجاز النظام الأساسي من قبل وزارة التربية الوطنية، قائلا: “ما دام النظام الأساسي لم يتم إعداده بشكل تشاركي مع نساء ورجال التعليم، بحيث كان عليهم في كل جلسة توضيح المحاور التي تمت مناقشتها لكي تسجل ملاحظات ويكون هناك تفاعل وتوجيهات ونقاش عمومي حول النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، ذلك أن المنهجية المتبعة بعيدة عن التقاليد التي يتم بها إعداد الأنظمة الأساسية لوزارة التربية الوطنية سابقا، إذ يتضح من خلال المنهجية أن النظام الجديد لن يحمل إلا التراجعات في الإطار القانوني وفي مجموعة من الأبواب التي حصلت فيها مكتسبات سابقا”.

وأضاف المصدر ذاته، أن النظام الأساسي المرتقب لن يتضمن إدماج الأساتذة والأطر المفروض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية، بمعنى أن النظام الأساسي سيستمر موحدا تنظيميا يجمع الوضعيتين: الوضعية الأولى للأساتذة الموظفين للوزارة، وكذلك الأساتذة المفروض عليهم التعاقد والتابعين للأكاديميات، حيث سيستمر التوظيف الجهوي بكل السلبيات ومظاهر الهشاشة، مبرزا أن هناك مجموعة من الفئات لا تتفاعل الوزارة مع مطالبهم مثل ملف الدكاترة الذي حسم في اتفاق 18 يناير، والذي لازال النقاش حوله مستمرا إلى اليوم، فعلى مستوى الاسم لا يوجد أستاذ باحث، في حين ترد تسمية باحث مساعد وباحث مؤطر، بينما تم الاتفاق على ضرورة خلق أستاذ باحث على مستوى التربية الوطنية تكون له نفس الحقوق التي للأستاذ الباحث في التعليم العالي، إلى جانب فئة أطر التوجيه والتخطيط التي تم تقسيمها إلى هيئتين: هيئة التربية والتعليم، وهيئة الإدارة التربوية والتدبير، مع تكريس ازدواجية مستشار مفتش في هذا القطاع.

وأوضح الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، بأن هناك ملفات ومشاكل أخرى، من بينها مهام الأستاذ، حيث يتضح من خلال التسريبات، أن مهام الأستاذ لن تقتصر على التدريس فقط، ولكن تنضاف إليها مهام أخرى، تتعلق بالتوجيه، والتقويم، وبناء عليه، تيسير تدبير التعلمات حسب السلك التعليمي المعني به، ثم التتبع والدعم والتوجيه والتعاون والتنسيق داخل الفريق التربوي، ثم التنمية المهنية والتنشيط المدرسي والانفتاح على المحيط، بمعنى هناك توجها نحو تكليف المدرس بمهام أخرى خارج إطار التدريس الذي يعتبر المهمة الأساسية التي يجب التشبث بها”.

وأكد غميمط على أن “النظام الأساسي في تراجع ويخضع للكلفة المالية، بمعنى أن الوزارة الوصية والحكومة عازمة على إخراج النظام الأساسي بصفر درهم، أي بدون تكلفة، وهذه سابقة، حيث لا يمكن أن يتم تنزيل هذا النظام بدون تكلفة مالية، وكذلك تم تغييب الدرجة الجديدة في هذا النظام، التي تعود لاتفاق 26 أبريل 2011، والتي ستفتح آفاقا لأساتذة الثانوي التأهيلي وللإعدادي والابتدائي، وللملحقين بالإدارة والاقتصاد والتربويين والمفتشين والتقنيين، وكل الفئات المعنية بهذه الدرجة تم إقبارها وغير واردة على مستوى التسريبات المرتبطة بالنظام الأساسي”.

بدوره، اعتبر عبد الرحمان دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، أن هناك تحفظا كبيرا لدى وزارة التربية الوطنية، ونعيش على تسريبات على المستوى الإعلامي وعلى مستوى تصريحات بعض المسؤولين النقابيين، وعلى مستوى بعض البلاغات والبيانات والمواقف، وبدورنا عندما جلسنا مع الوزارة يتضح أن الرؤية لديها غير واضحة بشكل كافي، ما يمننا من أن نبني مواقف نهائية ومتكاملة، خصوصا بالنسبة لمشروع النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية.

وقال نفس المتحدث، أن المنهجية التي يدور بها الحوار القطاعي، وخصوصا على مستوى النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، وبعض الملفات العالقة، وكأن التاريخ يعيد نفسه، خصوصا وأنها نفس المنهجية التي اتبعت في نظام 2003، الذي أفرز كل المآسي التي تعيشها نساء ورجال التعليم”، معتبرا أن الحوار القطاعي في التعليم يمتاز بالموسمية، وأن الكثير من الأعمدة النقابية التي كانت تشارك في هذا الحوار خرجت منه وانتقدته من الداخل، لكون المخرجات والاتفاقات التي وقعت لم تكن في مستوى انتظارات الشغيلة التعليمية.

وحذر المصدر ذاته من تمرير النظام الأساسي أو تمرير بعض القضايا العالقة التي تخص الفئات المتضررة، ومن أبرزها ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وأن تكون بعض الحلول والأجوبة غير منصفة، وبالتالي، تؤدي إلى المزيد من الاحتقان داخل قطاع التربية الوطنية، منتقدا طريقة تدبير الحوار القطاعي مع وزارة التربية الوطنية والذي يدور في ظل حصار مفروض، دون طرحها في النقاش العمومي لتمكين الإعلام الوطني منها لكي تكون موضع تساؤل ونقاش، وموضوع تعديل.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى