هل ضاعت الفرصة الذهبية على مدينة البهجة ؟
عزيز الفاطمي. مراكش
يمكن القول ودون تحفظ أن مكونات المجتمع المدني المراكشي بمختلف اهتمامات واختلاف مشارب الهيئات الحقوقية والمنابر الإعلامية، تجمع على عدم استغلال المبادرة الملكية على أحسن وجه وهي بمثابة فرصة ذهبية ثمينة قد لا تعوض في السنوات القادمة والموضوع يتمحور بالأساس حول المشروع الملكي الرائد “مراكش الحاضرة المتجددة”.
وحسب آراء نخبة من المهتمين الذين يجمعون على أن جل الأشغال التي تم إنجازها، لم ترق قطعا إلى انتظارات أهل المدينة الحمراء ولزوارها الأوفياء، ولا تناسب الميزانية المخصصة لهذا المشروع الضخم، مما جعل هذا البرنامج بعيدا كل البعد عن الأهداف المتوخاة، أي جعل مراكش مدينة نموذجية بمقومات عالية تمزج بين النمطين المعاصر والتقليدي المغربي الأصيل، بهدف نيل رتبة متقدمة مشرفة للمدينة الحمراء بين كبريات العواصم العالمية، إلا أن قطار البرنامج الملكي – وللأسف الشديد – زاغ عن السكة الصحيحة ليدخل إلى منعطفات ومنعرجات أدت إلى نتائج أثرت سلبا على السير العادي للبرامج التنموية والتأهيل الحضري، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: غياب المتابعة والمراقبة من قبل مكاتب دراسات تقنية متخصصة، وتكليف مقاولات لا تتوفر على الإمكانيات اللوجستيكية وعلى اليد العاملة المتمرسة، وباختصار شديد، فالأوراش تفوق حجم المقاولات المستفيدة من أشغال البرنامج الملكي، هذا دون الحديث عن تعثرات وتوقف جل الأشغال لأسباب لا يعلمها إلا أصحاب القرار، بالإضافة للسعي وراء رفع سقف الأرباح على حساب الجودة، ليطرح السؤال: هل تم التقيد بدفتر التحملات؟ الجواب عند فقهاء نوازل الصفقات(…).
ومما زاد الطين بلة، أن تعدد الجهات المعنية أدى إلى تضارب وتداخل المصالح، وسهل بالتالي، عملية التملص من الواجب، مما تسبب في العديد من المشاكل والأضرار لمجموعة من التجار بمختلف أحياء المدينة القديمة رغم أن الشكايات الموجهة للجهات المعنية تحمل رسائل قوية من مختلف الجمعيات المدنية المهتمة بالشأن المحلي في وقتها المناسب.
وفي نفس السياق، يعيش “سوق السمارين” منذ فترة عملية تغيير شكل سقوفه، لكن العملية لقيت موجة من الانتقادات وسخطا عارما من تجار السوق، الذين تأسفوا للأشغال القائمة بالأسواق التقليدية التي تستقطب أعدادا هامة من السياح الأجانب وزوار المدينة، خاصة في فصل الصيف، وألقوا باللائمة على الجهات المعنية، التي لم تكلف نفسها عناء الاستشارة مع ذوي الخبرة من الصناع التقليديين المتخصصين، وأكدوا ضياع فرصة ثمينة على مراكش وعلى صناعها الفنيين من أجل جعل سقوف الأسواق التقليدية بالمدينة العتيقة معرضا مفتوحا لفن النقش على الخشب، وبطاقة تعريفية بما تزخر به المدينة من يد عاملة متفننة قادرة على تحويل هذه الفضاءات إلى تحف ذات قيمة جمالية تسر الناظرين وتوفر فرص شغل داخل وخارج الوطن.