متابعات | فشل الوزير السكوري والمديرة اطريشا في إنجاز مدن المهن والكفاءات
المشاريع التي قدمت للملك ولم تر النور

فشل يونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، في إعطاء تبريرات منطقية بخصوص تعثر إنجاز 8 مشاريع لمدن المهن والكفاءات، أمام النواب البرلمانيين، معترفا بوجود تعثرات في إنجاز المشاريع الأخرى التي يشرف عليها مكتب التكوين المهني، الذي توجد على رأسه لبنى اطريشا.
إعداد: خالد الغازي
كشف الوزير السكوري أن التعثر الذي تعرفه مشاريع المدن المهنية والكفاءات والتي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس في سنة 2019، راجع إلى الارتفاع الصاروخي للأسعار، خاصة في مواد البناء، والتي تسببت في عجز الشركات المكلفة بإنجاز أشغال البناء عن الوفاء بالتزاماتها، مضيفا أنه تم بناء على ذلك، ضخ ميزانية أكبر وإعادة إطلاق طلبات العروض من جديد، بعدما عجزت المقاولات السابقة عن الاستمرارية.
وتعرض السكوري لهجوم من قبل عدد من البرلمانيين، سواء من الأغلبية أو المعارضة، بسبب عدم مواكبة وزارة التشغيل لهذه المشاريع الأساسية، التي لها ارتباط وثيق بسوق الشغل والتقليص من نسب البطالة في صفوف الشباب، وحمايتهم من قوارب الموت والهجرة السرية، مطالبين بضرورة الإسراع في إنجاز هذه المشاريع التي أعطى انطلاقتها الملك محمد الساس منذ أربع سنوات لكي تكون قاطرة للشباب المغربي نحو سوق الشغل ومستقبل أفضل.
وأكدت فرق الأغلبية والمعارضة وجود فشل وعجز لدى الحكومة في إنجاز مشاريع المدن والكفاءات التي من المفروض أن تكون قاطرة للنهوض بالشباب المغربي، وإتاحة الفرصة له للحصول على تكوين في المستوى يتماشى مع التطورات التي يعرفها المغرب من حيث المشاريع والاستثمارات الاقتصادية، ويفتح لهم آفاقا جديدة في مجال سوق الشغل، إلا أن الملاحظ – حسب تصريحات النواب – أن الوزارة غير قادرة على تدبير هذا الملف لوحدها في غياب تعاون حكومي من أجل القضاء على البطالة عبر تكوين الشباب.
وحسب هؤلاء البرلمانيين، فإن برنامج إنجاز مدن المهن والكفاءات يعرف اختلالات وتعثرات جعلت الحكومة عاجزة عن استكمال هذا المشروع وفق خارطة الطريق الموضوعة له منذ سنة 2019، وذلك بسبب ضعف الميزانية المرصودة له وعدم مواكبة الشركات المكلفة ببناء هذه المؤسسات التكوينية خلال السنوات الماضية، قصد الالتزام بالوقت والمدة المحددة لإخراج هذه المشاريع إلى حيز الوجود.
واعتبر نواب الأغلبية والمعارضة، أن إخراج أربعة مدن فقط من أصل 12 مدينة، غير كاف نظرا لتزايد حدة البطالة في أوساط الشباب خلال السنوات الأخيرة، مؤكدين على ضرورة تسريع وتيرة إنجاز ما تبقى من مدن مهنية، خاصة بفاس ودرعة تافيلالت ومراكش، مطالبين في نفس الوقت بالرفع من عدد مؤسسات التكوين المهني.

في هذا الإطار، انتقدت النائبة البرلمانية نادية التهامي، عن فريق التقدم والاشتراكية، تقاعس الحكومة والوزارة الوصية في إنجاز برنامج مدن المهن والكفاءات في الوقت المحدد، والتعثر الحاصل في إنجاز هذه المشاريع في جهة فاس مكناس، ودرعة تافيلالت، ومراكش أسفي، بعد توقف الأشغال وإلغاء الصفقات خلال السنة الماضية.
ودعت نفس البرلمانية الوزير السكوري إلى الرفع من عدد مؤسسات التكوين المهني، ومن طاقاتها الاستيعابية بكل الأقاليم، خصوصا إذا ما استحضرنا أن عددا كبيرا من الشباب موجود في وضعية لا تعليم ولا تكوين، وأيضا النسب المرتفعة للبطالة، ومؤشرات ضعف العدالة الترابية، مضيفة أن مؤسسات التكوين المهني تحتاج إلى المؤطرين والمكونين، وإلى تنويع العرض التكويني وتجويده بما يتلاءم مع متطلبات وحاجيات المقاولات الوطنية، لاسيما من حيث المهن الجديدة والمهن المستقبلية.
بدورها، اعتبرت جيهان تاتو، برلمانية عن الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، أن مشروع مدن المهن والكفاءات الذي أعطى الملك انطلاقته في 4 أبريل 2019، لم تواكبه الحكومة الحالية بالسرعة والدقة المطلوبتين وفق التوجيهات الملكية، بحيث كان من المنتظر أن تقوم الحكومة بتقديم نسبة إنجاز هذه المدن مصحوبة بالأرقام والإحصائيات الدقيقة حول الشعب المتوفرة وعدد المستفيدين فيها، وعدد الحاصلين على الشواهد والدبلومات، وطريقة مواكبتهم من قبل الوزارة إلى غاية إدماجهم في سوق الشغل، وأكدت أن مشروع مدن المهن يعرف تعثرات على مستوى الجهات، بحيث كان مخطط انطلاق التكوين ببعض المؤسسات في السنة الماضية، في حين أن بناءها لم يكتمل لحد الآن، مضيفة أن التكوين المهني قاطرة أساسية للتنمية الاقتصادية الوطنية، وهذه المدن المهنية من المشاريع الكبرى والهيكلية التي تساهم في بروز جيل جديد من الكفاءات الوطنية والإفريقية، وستمكن المملكة من مواكبة التنمية المستدامة التي أملتها التحولات الاقتصادية والطلب المتزايد على المهن والكفاءات في سوق الشغل.
وطالبت الحكومة بالإسراع في حل المشاكل العقارية والتعاقدية التي تعترض بناء بعض المدن المهنية، مع ضرورة انخراط الأكاديميات الجهوية في التحسيس والتوجيه بالمؤسسات التعليمية، لتعريف التلاميذ بأهمية ولوج هذه المدن، وتوزيع الشعب حسب الحاجيات الاقتصادية الجهوية لكل منطقة، مع تقديم عرض تكويني مشترك ومبتكر يستجيب للحاجيات الحقيقية لسوق الشغل، ثم إجبارية التلاميذ على ولوج مسالك التكوين المهني عند الانقطاع عن الدراسة، ومواكبة ودعم خريجي هذه المدن المهنية وتوجيههم لسوق الشغل.

من جهته، انتقد البرلماني عبد الواحد الشافقي، التأخير الذي يعرفه برنامج بناء مدن المهن والكفاءات، قائلا: “تم اليوم للأسف الشديد تشييد أربعة مدن مهنية فقط من أصل 12 مدينة، يعني أن 8 مدن لا زالت تنتظر هذا الورش المهم جدا، لأن قيمته مهمة، ولم تعد لدينا القدرة لكي نتحمل أن يذهب شبابنا ضحية قوارب الموت أو يعيشون في جحيم البطالة، 3.6 ملايير هو مبلغ مهم أضيف إليه مليار من أجل إنجاز هذا المشروع، لكن للأسف لازالت عدد من مدن الكفاءات متعثرة”.
وأوضح الشافقي، أن مدن الكفاءات تحتاج إلى الالتقائية وارتباط التكوينات مع سوق الشغل، وليس إلى تكوينات لا تناسب الاقتصاد المغربي أو شواهد ودبلومات لا تنفع الشباب في شيء، داعيا الوزير السكوري إلى العمل مع القطاعات الحكومية الأخرى والفاعلين الاقتصاديين واتحاد مقاولات المغرب، لوضع تكوينات وشعب تتلاءم مع سوق الشغل، وتفتح آفاقا للشباب من أجل العمل.
وقد كشف البرلمانيون عن وجود اختلالات في منظومة التكوين المهني تتطلب مراجعة خلال الموسم المقبل وتأهيلا لمؤسسات التكوين المهني التقليدية التي تتضمن شعبا لا تواكب التطور الحاصل في الاقتصاد والاستثمار الوطني والتقدم الذي تعرفه المقاولات الوطنية، خاصة في ظل توسع الذكاء الصناعي في المجال الصناعي والمقاولاتي، والذي يفرض نفسه بسرعة وسيخلق زلزالا كبيرا في سوق الشغل، حيث أن عددا كبيرا من المهن مهددة بالاندثار والزوال، مطالبين بالتفكير في المهن المستقبلية ووضع برنامج لإعادة تأهيل العاملين المهددين بفقدان عملهم.
أما البرلماني أحمد العبادي، فقد كشف عن وضعية مؤسسات التكوين المهني في المناطق النائية التي تحتاج إلى عناية خاصة، لكونها لا تتوفر على طاقة استيعابية كافية لاستقطاب الشباب، على سبيل المثال، مؤسسة التكوين بمدينة تازة التي تقدم عرضا تكوينيا هزيلا لا يحفز الشباب، حيث لم يتعد في السنة الماضية أقل من 20 في المائة، داعيا إلى إيلاء العناية اللازمة بمختلف الشعب وعروض التكوين بمؤسسات التكوين المهني حتى تستجيب لمتطلبات سوق الشغل.
وتساءل نفس البرلماني عن سبب التأخير الحاصل في بناء معهد تكوين الأطر والكفاءات (معهد التكنولوجيا التطبيقية بإقليم تازة)، والذي تقرر إنشاؤه منذ سنة 2020، وحول الإجراءات اللازمة لأجل إدماج شعب جديدة على غرار باقي الأقاليم، وذلك بغرض ملاءمة العرض التكويني مع مستلزمات ومتطلبات النسيج الاقتصادي.

وسبق للنائبة البرلمانية سميرة حجازي، عضوة الفريق الاستقلالي، أن وجهت للوزير السكوري مراسلة للكشف عن أسباب تعثر أشغال مشروع مدينة المهن والكفاءات بمدينة الراشيدية، وعن مآل هذا المشروع التنموي الهام، والتاريخ الزمني المحدد لاستئناف أشغاله من جديد، قائلة: “مدينة المهن المذكورة تندرج في إطار تنفيذ برنامج مدن المهن والكفاءات الذي يعد المشروع الثاني في خارطة الطريق الجديدة لتطوير التكوين المهني، التي تم عرضها على أنظار الملك محمد السادس شهر أبريل من سنة 2019، لكن التوقف المفاجئ لأشغال بنائها أثار الكثير من الجدل بجهة درعة تافيلات، خاصة وأن نفس المشروع تم إنجازه بشكل جيد في جهات أخرى”.
وأضافت ذات البرلمانية، أن “توقف أشغال بناء مدينة المهن والكفاءات بالراشيدية، منذ أشهر، يطرح عدة تساؤلات من قبل الفعاليات الجمعوية والحقوقية وعموم الساكنة والطلبة بأقاليم الجهة، خاصة وأن المشروع كان نقطة ضوء لتطوير التكوين المهني بالجهة، وتوفير شعب جديدة لم تكن متوفرة في وقت سابق”.
فقد كان مبرمجا منذ سنة 2019 إنجاز 12 مدينة للمهن والكفاءات من الجيل الجديد في مختلف جهات المملكة، لكن بسبب أخطاء الحكومة السابقة، وعدم التزام الحكومة الحالية بالمدة المخصصة لتنفيذ المشروع على أرض الواقع، لم يتم إخراج عدد من المدن والمؤسسات إلى حيز الوجود حتى اليوم، مما أضاع على آلاف الشباب في 8 جهات فرصة الولوج إلى تكوينات مهمة تسمح لهم بالوصول إلى سوق الشغل في مسارهم المهني.
وحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن أكثر من شاب من بين أربعة، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة (25.2 % أو 1.5 مليون شخص)، على المستوى الوطني، لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين، إضافة إلى ضعف مشاركتهم في سوق الشغل، كما أن معدل البطالة في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة تصل لـ 32.7 في المائة.