الرباط. الأسبوع
لم يستفد المغرب حتى الآن أي شيء على الصعيد الدبلوماسي فيما يتعلق بإعادة إنعاش العلاقات مع إسرائيل(..) باستثناء التغلغل الاقتصادي في مفاصل بعض القطاعات الحيوية عن طريق شركات إسرائيلية استفادت من التقارب، الذي لم ينعكس على القضية الوطنية لحد الآن(..).
في ظل التناقض بين التقارب والتباعد.. يتواصل تشبث المغرب بالدفاع عن القضية الفلسطينية، عبر كل الوسائل المتاحة ماديا وسياسيا، حيث يترأس الملك محمد السادس لجنة القدس، فضلا عن الدور الذي يقوم به بيت مال القدس(..).
وبغض النظر عن حكاية مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، وهو مستوى أدنى من سفارة(..)، ورغم الرغبة المعبر عنها لتحويله إلى سفارة كاملة(..)، فإن تواصل العلاقات بهذا الشكل يطرح الكثير من الغموض حول المستقبل.. فلحد الآن كل ما صدر عن إسرائيل هو بعض التعبيرات غير الرسمية لدعم قضية الصحراء في غياب قرار رسمي، بما في ذلك تصريحات رئيس الكنيست الإسرائيلي، أمير أوحانا، الذي دعا حكومة بلاده من الرباط إلى “دعم مغربية الصحراء بشكل رسمي وواضح”، متوقعا أن يقدم نتنياهو على هذه الخطوة قريبا، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده مع رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، فهناك فرق كبير بين “الدعوة إلى اتخاذ قرار” و”اتخاذ قرار”، علما أن نتنياهو كان أول من أساء للتقارب المغربي الإسرائيلي بظهوره مباشرة بعد اتفاق التعاون الثلاثي بين المغرب وإسرائيل وأمريكا، على شاشة المواقع الإخبارية، وخلفه خريطة المغرب مبتورة(..).
يتواصل التناقض الإسرائيلي، وتتوالى المؤشرات الدبلوماسية التي تنذر بإمكانية مراجعة هذه العلاقة، حيث لا يتردد المغرب في إدانة الجرائم الإسرائيلية بالمسجد الأقصى، ولا غرابة أن نقرأ في بلاغات وزارة الخارجية المغربية ما يلي: “تدين المملكة المغربية بشدة اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك والاعتداء على المصلين وترويعهم..
وتؤكد المملكة المغربية، التي يرأس عاهلها، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، لجنة القدس، على ضرورة احترام الوضع القانوني والديني والتاريخي في القدس والأماكن المقدسة والابتعاد عن الممارسات والانتهاكات التي من شأنها أن تقضي على كل فرص السلام بالمنطقة، كما تؤكد المملكة المغربية رفضها لمثل هذه الممارسات التي لن تزيد الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلا تعقيدا وتوترا، وتقوض جهود تحقيق التهدئة وإعادة بناء الثقة”.
إذن، لا مسامحة في القضية الفلسطينية من لدن المغرب، رغم أن التقارب مع إسرائيل جلب للمغرب عداء مجانيا مع بعض الأطراف الدولية، التي تتخذ من محاربة إسرائيل رأسمالا رمزيا للتواجد في الساحة(..)، ومن هنا يطرح السؤال: إلى متى سيتحمل المغرب هذا التعامل الغير متكافئ(..)؟
ولم يعد الأمر يقف عند عدم وضوح الرؤية الإسرائيلية، بل إن الصحافة المغربية أصبحت تثير موضوع “الابتزاز الإسرائيلي للمغرب” في زمن يعيش فيه العالم الحرب الأوكرانية، مع ما يعنيه ذلك من تغيير في قوى التوازن العالمي، حيث قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين: إن تل أبيب ستتخذ قرارها النهائي بشأن سيادة المغرب على إقليم الصحراء في “منتدى النقب” المنتظر عقده بعد شهور في المغرب، وهو ما يعني عمليا “ابتزازا سياسيا” للمغرب، حيث سيتم ربط القرار الإسرائيلي بانعقاد “قمة النقب” التي تشارك فيها إسرائيل والإمارات والبحرين ومصر والولايات المتحدة.. هنا في المغرب، بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي في مواجهة الفلسطينيين، وهو ما يعني “إحراجا كبيرا للمغرب” الذي سبق أن أجل هذه القمة بدعوى عدم توفر شروط نجاحها.