قيادة مجلس العاصمة بين الأمس واليوم
الرباط. الأسبوع
فرق بين منصب رئيسة مجلس جماعة العاصمة وبين القائدة لشؤونها، فالمنصب قنطرة للوصول إلى قيادة بتصميم وتشييد وتضحية، فهو منصب من اقتراح حزبي، أما التتويج بالقيادة فهو تكريم شعبي يبقى ملازما لمن اكتسبه حتى بعد أفول الرئاسة، والدليل على هذا الطرح، أننا كثيرا ما ذكرنا وأثنينا على قادة مارسوا الرئاسة في الرباط، منهم الراحلون: الهاشمي بناني والمفضل الشرقاوي وإبراهيم فرج وعبد الكريم الفلوس، وبدر الدين السنوسي، الذي نهض بجماعة اليوسفية واستحق بذلك الدخول في تاريخ قادة العاصمة تغمدهم الله بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته، ولم نذكر الأحياء ومنهم “قادة” مجالس العمالة الذين أعطوا الكثير لا لكونهم رؤساء ولكن لأنهم كانوا قادة فعلا.
فالعاصمة لم تعد في حاجة إلى رؤساء تفرضهم قرارات حزبية، ولكن إلى قادة يستمتعون باحترام الساكنة وبثقتهم، ويتركون وراءهم إنجازات ومواقف تتحدث عنهم بعد رحيلهم، فكانوا – وهذا معروف ومنتظر لأي قائد – كالشمعة يحترقون ليكتبوا بمادتها تاريخهم للأجيال الرباطية، وهذه هي ضريبة النضال التي يؤديها كل رئيس يحترق لإنارة وتعبيد طرق غيره، ونحن اليوم أمام تجربة امرأة رئيسة مجلس جماعة الرباط، بدعم وتقديم حزبي، لذلك تحرى المشرع في التزام الحيطة عند سن القانون الجماعي، فكلفها برئاسة المجلس ولم يربطها لا بالجماعة ولا بالمدينة، وربما خلق هذه “الفجوة” للدفع بالرئيسة إلى البحث عن الوصول إلى كل الفئات الرباطية، ولن تنجح في ذلك إلا إذا وضعت على رأسها قبعة “القائدة”، وهنا نستحضر رئيسا للمجلس اكتسب القيادة في ظرف أقل من سنتين على تولي تدبير شؤونها، وصعد نجمه بالممارسة الخلاقة والإبداع والاجتهاد، مما أهله عند الرباطيين لتلقيبه بالقائد لقيادة العاصمة، وفعلا أصبح عاملا عليها بعد فترة من هذه القيادة.
وفي العاصمة قائدات برزن بقيادتهن لمجالس مقاطعات منهن رئيسة مجلس مقاطعة أكدال الرياض بديعة بناني، ورئيسة مجلس مقاطعة حسان سعاد زخنيني، اللواتي أظهرن حنكة في التسيير ونزاهة في التدبير ونكران الذات والدفاع عن الوصول بالمرأة إلى مركز قيادة العاصمة، فلا يمكن أن ينازع أي كان في أحقية استحقاق الرئيسة الحالية للجماعة، فلقبها الرئاسي كان لا يزال محفوفا بالمطبات والأفخاخ، فاستعملت الذكاء للتحليق فوقها دون أن تدوسها تفاديا للانفجار الموقوت، وقد حلقت على أزيد من 5 تضاريس ويمكن في القريب تخطيها لطرق باب القيادة، الذي ليس كباقي الأبواب، لأنه مدخل العاصمة السياسية والدبلوماسية والثقافية للمملكة، وسيكون هذا الباب محط اهتمام كل عواصم الدنيا.
فالأخطاء تأتي وتنزل بأسباب التسرع وبالارتجال في الكلام والانفراد بالقرارات، لذلك على الرئيسة التقيد بالخطابات المكتوبة وتبتعد عن الارتجال.