
الرباط. الأسبوع
منذ 3 سنوات، نبهنا مجالس العاصمة إلى أزمة منتظرة في حجم “كارثة” شح الماء ستعاني منها الرباط، واقترحنا على الجماعة المكلفة قانونيا بتوزيع هذا الماء وضمانه للرباطيين، اتخاذ ما يلزم لمواجهة المشكل وبناء محطة لتصفية مياه البحر، وجعلها متاحة للاستفادة منها بالانخراط فيها لمن يرغب في الاشتراك في خدماتها من غير مياه الشرب التي ستحتفظ بتجهيزاتها وقنواتها وعداداتها لدى المنخرطين في التزود بها، بينما قنوات ثانية إلى جانب تجهيزات المياه العذبة، ستكون خاصة للأشغال المنزلية والصناعية وبتكلفة رمزية للحفاظ على الثروة المائية الصالحة لحياة الإنسان وغذائه، وللإشارة، فقد أكدت دراسة رسمية، أن كل رباطي يستعمل حوالي 70 لترا من الماء الثمين في اليوم الواحد، وبالتالي، نضيع حوالي 50 مليون لتر من هذه المادة الحيوية في “الهدر المائي” وأنتم تعلمون أن لترين من الماء كافية وزيادة لارتواء عطش الإنسان، في حين تذهب 68 لترا في غير محلها، بينما نزيف آخر وهذه المرة بمئات اللترات، ترميه المراحيض يوميا في الصرف الصحي، والآلاف تضيع هنا وهناك داخل المنزل، فيؤدي صاحبه ثمنا باهظا، لا لشيء إلا لعدم القيام بما يلزم من الجماعة لتقنين الماء الشروب وصيانته ليقوم بدوره كمادة للحياة لا يقل أهمية عن أي دواء، وهو منعوت بالشرب في القانون، ويتم تبخيسه في السقي والتنظيف العام والبناء، والمسابح وغيرها بما لا يعد ولا يحصى، مما يستوجب تحديد المسؤوليات عن الهدر المائي، وهل هناك مسؤولا آخر من غير الجماعة المفروض عليها توزيع الماء، فكان عليها أولا ضبطه في مجالين: للشرب وللأشغال أولا، وثانيا لإعادة النظر في منح الترخيص الخاص بالتزود بالماء والكهرباء وهو من اختصاص صاحبة التوزيع: الجماعة، بفرض عدادين للماء: الأول للاشتراك في الاستفادة من قناة المياه العذبة المخصصة للشرب، والثاني للأشغال والاشتغال والسقي والتنظيف… إلخ، وقبل أن تكون الجماعة ملزمة بتأمين توزيع الماء، فهي مجبرة بحماية الساكنة من إهدار وإتلاف ثرواتهم ومنها: الماء، فمن أين ستأتي الجماعة بالأموال لتمويل المشروع المقترح؟
فالإمكانيات المادية متوفرة في جماعتنا وما عليها إلا تحويل الاعتماد المخصص لسقي المناطق الخضراء والحدائق، وكان بالملايير سنويا تصب في حساب الشركة التي فوضت لها تدبير هذا المرفق، وبما أن هذا السقي لم يعد بالماء الشروب ولكن بالمياه العادمة بعد تصفيتها، فإن الجماعة – دون شك – لم تعد في حاجة إلى أداء تلك الملايير الثقيلة، ويمكن اليوم استثمارها في تشييد محطة التصفية المقترحة، وفي حالة تعذر عليها ذلك، لسبب من الأسباب، فما عليها إلا الاقتراض من الصندوق الجماعي أو إعلان فرض برنامج للالتزام بتطبيق تقشف صارم على جميع نفقات الريع والبذخ انطلاقا من السنة المالية الحالية.. فبناء محطة تحلية المياه هدفه إنقاذ الرباطيين من شح المياه القادم إلى الرباط في بداية هذا الصيف بينما المنتخبون عنه غافلون.