تشويه وطمس الزخارف التاريخية لمدينة تطوان
الأسبوع. زهير البوحاطي
افتقدت معظم العمارات والمنازل بمختلف أحياء تطوان جمالياتها وزخرفاتها التي تعود إلى عهد الحماية الإسبانية كباقي مدن الجهة الشمالية، ولقد كانت تطوان إلى وقت قريب من ضمن المدن التي تزخر بالهندسة المعمارية الأندلسية الغنية بالزخارف والديكورات والنقوش البارزة على واجهات العمارات وسط المدينة وعلى أبوابها ونوافذها، والتي تساهم في جلب السياح بسبب إبهارها للناظرين إليها والذين يتسابقون لأخذ صور لها باعتبارها بنايات شهدت على تاريخ المدينة.
وتعتبر مدينة تطوان – حسب المؤرخين – من المدن الشمالية القليلة التي تمتلك وتحافظ على إرثها الثقافي والمعماري، الذي يؤرخ للحضارات التي تعاقبت على المدينة تاركة آثارها المعمارية، مما مكنها من الحصول على اعتراف بالقيمة التراثية العالمية بشهادة المنظمة العالمية المهتمة بالمدن التاريخية والتراثية، كما أن بناءها الصلب مكنها من الصمود لعدة عقود في وجه جميع العوامل البيئية والمناخية، غير أن هذه المعالم الأثرية بدأت خلال السنوات الأخيرة في الانمحاء والطمس، بل والاندثار، بسبب تدخل الأيادي البشرية، سواء التابعة للجهات المعنية التي تقوم بترميم تلك المنازل بطريقة عشوائية لا تخضع للدراسة ولا تتم دراسة التدخل من خلال رصد واستحضار التصاميم المتعلقة بالبنايات المعروفة بـ”الإنسانتشي”، وهو الطراز المازج بين التراث العربي والإسباني الأندلسي وفق تصاميم تهيئة قام بها الإسبان بإشراف الفنان التشكيلي الراحل ماريانو بيرتوشي، الذي أسس المدرسة الوطنية للفنون الجميلة وأنشأ مدرسة الصنائع الحرفية التي أخرجت الصناع التقليديين المهرة الذين جعلوا تطوان مدينة ساحرة، غير أن قيام ملاك هذه البنايات بإصلاحات على الواجهة أو بالمحلات المتواجدة بها وتغطية واجهاتها بالرخام كما تفعل بعض الأبناك مؤخرا، والتي لا تهمها سوى علاماتها مشوهة التراث العمراني للمدينة، الأمر الذي أساء لجمالية المدينة وحولها لمجال للتلوث البصري والمعماري وكأنك داخل الأحياء الجديدة التي رخصت لها المكاتب المتعاقبة على تدبير المجلس الجماعي للمدينة دون رقيب ولا حسيب لمحاسبتها على ما اقترفته من جرائم معمارية في حق ساكنة تطوان، وفي حق التراث وتاريخ “الحمامة البيضاء”، خاصة وأن هذه البنايات هي الوحيدة التي توقف كل زائر وسائح وتمنحه فرصة الاستمتاع بعبق الحضارات المختلفة الحاضنة لتعايش الأنماط المعمارية كمعبر عن روح تسامح المدينة والتعايش بين جميع الفئات المجتمعية.