روبورتاج

ربورتاج | مؤشرات فشل وزارة السياحة و”لارام” في تنظيم عملية الحج 2023

تجد العديد من وكالات الأسفار عدة مشاكل في حجز مقاعد خاصة بالحجاج المغاربة المتوجهين إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج بعد أسبوعين من انطلاق العملية، حيث لم تتمكن مجموعة من الوكالات المرخص لها، من الحجز لزبنائها الذين استوفوا جميع الشروط وفق دفتر التحملات، للسفر إلى المملكة السعودية من أجل قضاء فريضة الحج هذا العام، عبر شركات الطيران، سواء المغربية أو الأجنبية.

إعداد: خالد الغازي

    يسود تخوف كبير وسط أرباب وكالات الأسفار المكلفة بتنظيم رحلات الحج بالنسبة للحجاج المغاربة غير المسافرين مع البعثات الرسمية التابعة لمؤسسات الدولة، بسبب استمرار تأخر مواعيد الرحلات الجوية المخصصة لهم، واحتمال حدوث اصطدام بين الحجاج ومسيري الوكالات في ظل النقص الكبير على مستوى الرحلات، مما وضع أصحاب الوكالات أمام ضغوطات كبيرة بعدما قاموا بجميع الترتيبات والإجراأت المتعلقة بالتأشيرة والحجوزات الفندقية، مما يزيد من تفاقم المشاكل في ظل التأخير الحاصل بين تاريخ الحجوزات الفندقية ومواعيد الرحلات، ويصل عدد الحجاج المغاربة الذين سيؤدون مناسك الحج عبر تنظيم وكالات الأسفار، هذا العام، اثني عشر ألف شخص، فيما تشرف وزارة الأوقاف على اثنين وعشرين ألف حاج.

وللتحسيس بخطورة هذه الأزمة الحاصلة مع انطلاق موسم الحج، وجهت الفيدرالية الوطنية لوكالات الأسفار، مراسلات مستعجلة إلى وزارة السياحة وإلى شركة الخطوط الملكية الجوية “لارام”، من أجل التدخل لحل هذا المشكل قبل تفاقم الوضع.

وبهذا الخصوص، قال محمد تخشي، رئيس الجمعية الجهوية لوكالات الأسفار بجهة درعة تافيلالت، أن وكالات الأسفار اصطدمت بالعديد من المشاكل في حجوزات الطائرات، حيث يوجد نقص كبير مقارنة مع الطلب الكثير من قبل الراغبين في الحج، لذلك يعاني أرباب الوكالات من الصعوبات التي تعترضهم في إيجاد رحلات إلى السعودية، موضحا أن شركة الخطوط الملكية المغربية هي الوحيدة التي تقوم بتنظيم الرحلات خلال هذه الفترة، سواء بالنسبة للراغبين في العمرة أو في أداء مناسك الحج، مما يجعل الطلب يفوق عدد المقاعد المخصصة للحجاج.

وأضاف نفس المتحدث: “أصحاب الوكالات يضطرون للبحث عن حجوزات في شركات أخرى للطيران، التي تكون أثمنتها مرتفعة مقارنة مع أثمنة لارام، وذلك لحل المشاكل مع زبنائهم الذين ينتظرون السفر إلى الديار المقدسة، وهذا المشكل يتسبب للوكالات في خسارة مادية كبيرة، لأن حجز المقاعد لدى الخطوط الملكية المغربية يكون في المتناول وبثمن مناسب، يعتمد عليه صاحب الوكالة لكي يبيع لزبنائه، لكن في ظل المشكل الحالي المتعلق بقلة الرحلات والمقاعد، أو إلغائها، يضطر أصحاب الوكالات للبحث عن رحلات أخرى، سواء عبر السفر إلى أوروبا أو دول أخرى في المشرق أو الخليج، قصد نقل الحجاج إلى الديار السعودية، مما يزيد من التكلفة والنفقات تفوق المصاريف التي كانت متوقعة.

وأرجع المتحدث ذاته سبب قلة الرحلات الجوية، إلى تراجع أسطول “لارام” بسبب جائحة “كورونا” وتداعياتها على العديد من شركات الطيران في العالم، مما اضطر العديد منها لبيع أسطولها ومعداتها، إلى جانب ارتفاع الطلب على تذاكر السفر أكثر من العرض المخصص من قبل الخطوط المغربية، وهذا يتطلب زيادة أسطول الطائرات بالنسبة للشركة، أو البحث عن شركات أخرى لسد الخصاص، مشيرا إلى أن الفيدرالية قامت بجمع الشكايات حول النقص الحاصل في عدد المقاعد لدى كل جهة وتبليغ الوزارة الوصية بالمشكل للبحث عن الحل.

بدوره، أكد سلوان برادة، رئيس الجمعية الجهوية لوكالات أسفار مراكش أسفي، أن “هناك إشكالية كبيرة متمثلة في غياب رحلات الطيران وقلة الطائرات المتجهة نحو الديار السعودية، وهذا المشكل قائم على الصعيد الوطني في جميع الجهات، وبالنسبة لجهة مراكش، قامت لارام ببعض الجهود لسد النقص والخصاص، وحاولوا تقسيم المقاعد على جميع الوكالات المشاركة في تنظيم رحلات الحج، لكنهم خلال هذه السنة، وقعوا في مشكل بسبب عدد الطائرات”، وأضاف نفس المتحدث، أن السبب يرجع لتخلي شركة الخطوط السعودية عن نقل الحجاج المغاربة، بعدما كانت تساهم في السنوات الماضية في تنظيم الرحلات وتخفيف العبء عن الخطوط المغربية، مما وضع شركة “لارام” في ورطة حقيقية من أجل تحمل مسؤولية نقل الحجاج المغاربة لوحدها، سواء الحجاج الرسميين التابعين لوزارة الأوقاف أو حجاج وكالات الأسفار المستقلين، موضحا أن “الخطوط السعودية تخلت عن نقل الحجاج المغاربة بسبب الثمن الذي لا يلائمهم، وبالتالي وجدت لارام نفسها في مأزق، وأصبحت مسؤولة عن نقل جميع الحجاج، سواء عن طريق مؤسسات الدولة أو زبناء وكالات الأسفار البالغ عددهم 16 ألف شخص، بينما في السنوات الماضية كانت الخطوط السعودية تتحمل سفر نصف الحجاج المغاربة وتسمح للخطوط الملكية بنقل زبنائها، ثم إن الإشكالية الثانية، تكمن في تزامن موسم الحج هذه السنة مع حلول فصل الصيف، حيث الإقبال الكبير على شركات الطيران”.

وبناء عليه، تبحث شركة الخطوط الملكية الجوية عن حلول لوكالات الأسفار، لكنها ستكلفهم خسارة مالية كبيرة، من خلال تحمل المزيد من المصاريف وتكاليف نقل ومبيت الحجاج من جميع المدن نحو الدار البيضاء، وعليهم انتظار عودة الطائرة من الديار السعودية لأربعة أيام أو 6 أيام قبل تنظيم الرحلة الجوية الموالية، يقول نفس المتحدث، وتابع: “ما بين سفر الطائرة للسعودية وعودتها للمغرب سيكون حجاج الوكالات مضطرين للانتظار، فمثلا تسافر الطائرة يوم 18 يونيو وتعود يوم 20، ثم تبرمج رحلتها بعد يومين، يعني ستكون هناك 6 أيام خسارة بالنسبة للوكالات، ستكلف أصحابها مصاريف أخرى تتمثل في مبيت الحجاج في فنادق الدار البيضاء، والانتظار ربما لأسبوع لبرمجة رحلة أخرى، وصاحب الوكالة يربح فقط 3 آلاف درهم وسيكون عليه تحمل مصاريف إضافية من جيبه”.

وحسب نفس المصدر، فإن هذه المشكلة كبيرة بالنسبة لأصحاب وكالات الأسفار، الذين يتعرضون لاتهامات بالسرقة والنصب من قبل الزبناء رغم أن المشكل خارج عن إرادتهم ويتعلق بقلة الرحلات المبرمجة نحو الديار المقدسة، وعدم توفر أسطول كافي لدى الخطوط الملكية الجوية لنقل الحجاج، مبرزا أن هذا المشكل يتسبب في خسارة كبيرة لأرباب الوكالات الذين يجدون صعوبة في البحث عن حلول أخرى والبحث عن شركات أجنبية للطيران، بسبب الحجز على أموال الحجاج لدى بنك “بريد المغرب”، وبالتالي، لا يمكن لصاحب الوكالة التصرف فيها والقيام بالحجوزات بأثمنة مناسبة وفي الوقت المناسب.

بالنسبة للمنصوري، صاحب وكالة أسفار بجهة الرباط، فيرى أن المشكل يتعلق بمجال الطيران ما بعد أزمة “كورونا”، حيث كانت معظم الشركات تعتمد على كراء الطائرات من دول أخرى وفق عقود مبرمة، لكن بعد مرور مدة، انتهت هذه العقود وتقلص أسطول شركات الطيران، مشيرا إلى أنه من قبل كانت هناك ثلاث رحلات جوية في اليوم نحو الديار السعودية تنظمها شركتي “لارام” والخطوط السعودية نحو كل من جدة، والمدينة المنورة، والرياض، أما اليوم، فقد تقلصت هذه الرحلات إلى ثلاث رحلات فقط في الأسبوع، مما جعل الطلب أكثر من العرض، وأضاف، أن السبب الآخر الذي جعل عدد الرحلات نحو الديار السعودية يقل، هو أن الطائرة تعود فارغة من السعودية بعدما تقل المسافرين أو المعتمرين، وبالتالي، تضطر الشركة لتقليص عدد رحلاتها بسبب التكلفة الباهظة للرحلة، كما حصل بالنسبة للخطوط السعودية التي كانت تنظم عدة رحلات يومية من الدار البيضاء نحو الرياض وجدة، ثم السبب الآخر، يكمن في ارتفاع “كوطا” حجاج وزارة الأوقاف إلى 28 في المائة أمام حجاج وكالات الأسفار، موضحا أن هناك العديد من الرحلات الجوية من المغرب لشركات طيران أجنبية أخرى نحو الديار السعودية، مثل طيران “المصرية” و”الاتحاد” و”الإمارات” وغيرها، لكن دفتر التحملات المفروض على وكالات الأسفار ينص على ضرورة نقل الحجاج بشكل مباشر من المغرب إلى السعودية دون تبديل الطائرة أو التوقف في مطار إحدى الدول الأخرى، معتبرا أن هذا الأمر يضع أصحاب الوكالات في مشكلة كبيرة مع زبنائهم، ويساهم في انتشار السماسرة والوسطاء الذين يستغلون هذه الظرفية للحصول على العمولات من عمليات البيع والشراء.

ووصلت قضية قلة رحلات الحجاج إلى البرلمان، حيث تقدم البرلماني مصطفى الإبراهيمي، عن مجموعة العدالة والتنمية، بسؤال إلى وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، حول عدم تمكن وكالات الأسفار المرخصة هذه السنة من القيام بحجوزات السفر إلى البقاع المقدسة، وقال أن “العديد من الوكالات المرخص لها، لم تتمكن من الحجز عبر شركات الطيران، سواء المغربية أو الأجنبية، لزبنائها النظاميين، الذين استوفوا جميع الشروط لأداء مناسك الحج خلال سنة 2023م/1444هـ، إلا أنهم لحد الساعة لم يتمكنوا من الحجز لدى شركات الطيران المتوجهة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للديار المقدسة، بسبب عدم حصول وكالات الأسفار المتعاقدة معهم على الحجوزات المطلوبة”.

وأشار المصدر ذاته إلى أن هذا الاختلال خلف لدى المواطنين حالة من الاستياء والتذمر، بعد كل المشاق والمعاناة وتكبد النفقات الباهظة جدا هذه السنة، بل اتهم بعضهم الوكالات بـ”النصب والاحتيال”، داعيا إلى اتخاذ الإجراأت المستعجلة التي ستتخذونها لمعالجة هذا المشكل، والتدخل لدى الخطوط الملكية المغربية أو لدى شركات الطيران الأجنبية، لتمكين هؤلاء المواطنين الذين تهفو قلوبهم لأداء فريضة الحج، من السفر إلى الديار المقدسة.

بدوره، نبه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إلى وجود مشاكل في نقل الحجاج بجهة سوس ماسة إلى الديار المقدسة، في سؤال كتابي وجهه البرلماني خالد الشناق، عضو الفريق، إلى وزيرة السياحة، كون الوكالات المنظمة للحج بذات الجهة تعاني من التأخر الكبير الحاصل في تنظيم عملية الطيران المتعلق بنقل الحجاج الذين يناهز عددهم 1600 حاج، وأوضح، أن هذا العدد من الحجاج لم يتوصل بعد بأي برنامج لهذه الرحلات من شركات الطيران، علما أن الوقت يداهمهم، إذ لا يفصلهم عن السفر إلى الديار المقدسة إلا أيام قليلة.

وطالب نفس المصدر وزيرة السياحة، بالتدخل لدى الشركات المعنية بتنظيم رحلات الحج، قصد توفير رحلات مباشرة من مدينة أكادير، حتى تتم عملية الحج في ظروف آمنة ومريحة للحجاج المغاربة.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى