كواليس الأخبار

تحت الأضواء | استطلاع جديد يكشف عدم رضى المغاربة على “المخطط الأخضر”

أرقام جديدة عن فشل السياسة الفلاحية

الرباط. الأسبوع

    كشف استطلاع أنجزه المركز المغربي للمواطنة، خلال الفترة ما بين 3 و31 مارس الماضي، رأي المغاربة حول مخطط “المغرب الأخضر”، الذي أثار جدلا واسعا داخل أوساط المجتمع المغربي، من النخب المسيرة للشأن العام وحتى عامة الشعب، حيث تباينت الآراء حول فعاليته ونجاعته ومدى تمكنه من تحقيق أهدافه المنتظرة.. فبينما أشاد القطاع الحكومي الوصي بنتائج هذا المخطط وحصيلته، يرى المواطن المتضرر جراء غلاء أسعار المواد الغذائية والمنتوجات الفلاحية الضرورية لقوتهم اليومي، أنه لم يحقق ما كان منتظرا منه، كما أن بعض المؤسسات الدستورية والرسمية نبهت إلى بعض نواقص المخطط والإخفاقات التي سجلها.

وحسب الاستطلاع، فقد أكد 89.3 في المائة من المشاركين أنهم غير راضين بشكل عام عن مخطط “المغرب الأخضر”، بينما يرى 94.2 في المائة من المشاركين أن المخطط لم يتمكن من خفض أثمنة المنتوجات الفلاحية، فيما يرى 85.2 في المائة أن مخطط “المغرب الأخضر” لم يساهم في الزيادة في كمية المنتوجات الفلاحية المتوفرة في السوق الوطنية، ولم ينجح في تعزيز الأمن الغذائي الوطني بنسبة 83.7 في المائة، في حين يرى 93.9 في المائة أن المستفيد الرئيسي من مخطط “المغرب الأخضر” هم الفلاحين الكبار، حيث يرى 88.4 أن “المخطط الأخضر” استهدف التصدير وجلب العملة الصعبة على حساب تحقيق الأمن الغذائي للمغرب، إذ أنه من بين 294 فلاحا مشاركا في الاستطلاع، فقط 24 شخصا يؤكدون أنهم استفادوا من دعم المخطط، أي 8.2 في المائة.

وأبرز الاستطلاع أن 87.8 في المائة من المشاركين يعتبرون أن النتائج المحصل عليها في إطار المخطط، لا تبرر الأموال العمومية التي صرفت عليه، و87.6 في المائة يرون أنه لم يعط الأهمية اللازمة للقضاء على الحشرة التي أضرت بنبتة الصبار، و87.3 في المائة من المشاركين غير راضين (مستاء ومستاء جدا) عن درجة تواصل الوزارة الوصية بخصوص مخطط “المغرب الأخضر”.

وصرح 86.8 في المائة من المشاركين أن “المخطط الأخضر” لم ينجح في تحسين ظروف عيش ساكنة العالم القروي، و72.7 في المائة يرون أن المخطط لم يتوفق في دعم الشباب من أجل إحداث مشاريع في القطاع الفلاحي، و75.1 في المائة من المشاركين يرون أن المخطط لم ينجح في تعبئة مصادر مائية إضافية، و57.2 في المائة من المشاركين يعتبرون أنه لم ينجح في خلق فرص شغل إضافية في القطاع الفلاحي، و56.5 في المائة يرون أن مخطط “المغرب الأخضر” لم يتمكن من الرفع من الإنتاج الفلاحي الوطني.

وانتقد المشاركون بنسبة 91.5 في المائة عدم قيام البرلمان بدوره في تتبع وتقييم مخطط “المغرب الأخضر” منذ سنوات، بحيث أن 91 في المائة من المشاركين يعتقدون أن التنزيل الميداني للمخطط لم يكن في مستوى تطلعاتهم وانتظاراتهم، و34 في المائة يعتبرون أن ارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية يرجع إلى التصدير والمضاربة وتعدد الوسطاء، و29.6 في المائة إلى طريقة تدبير الحكومة للملف، و3.8 في المائة يرجعون فشل المخطط إلى أسباب أخرى، في حين أن 1.8 في المائة فقط يرون أن ذلك يعود إلى العوامل المناخية.

وقد تميز الاستطلاع بمشاركة شباب تقل أعمارهم عن 30 سنة بنسبة 20.5 في المائة، والمشاركون الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و40 سنة، كانت النسبة 44.9 في المائة، وبنسبة 23.1 في المائة من المشاركين ما بين 40 و50 سنة، في حين أن المشاركين الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة، وصلت النسبة إلى 11.5 في المائة، حيث شكل المشاركون من ذوي المستوى الجامعي نسبة 75.9 في المائة والمستوى الثانوي نسبة 11.6 في المائة، في حين مثل التكوين المهني نسبة 8.4 في المائة، أما المستوى الابتدائي والإعدادي، فشكل نسبة 4.1 في المائة، كما شكل الموظفون نسبة 38.5 في المائة من المشاركين، والأجراء نسبة 17.8 في المائة، وأصحاب المهن الحرة نسبة 13.6 في المائة، والطلبة والتلاميذ نسبة 7.1 في المائة، كما شكل الفلاحون نسبة 6 في المائة.

وأكد المركز المغربي للمواطنة، أنه بالرغم من المطالب العديدة بضرورة إنجاز تقييم خارجي مستقل لمخطط “المغرب الأخضر”، إلا أنه لم يجد الأذان الصاغية، كما أنه لم يتم تفعيل مجموعة العمل الموضوعاتية التي أحدثها البرلمان سنة 2022، والمكلفة بتقييم المخطط، مما يسائل دور البرلمان في المساءلة المسؤولة والموضوعية للسياسات العمومية، لا سيما وأن مؤشر الأمن الغذائي الصادر عن مؤسسة “إيكونوميست إمباكت”، يسائل كذلك المسؤولين بعدما احتل المغرب المرتبة 57 عالميا من بين 113 دولة، وفي المرتبة 12 في قائمة بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو بذلك يعكس إشارة أخرى غير مطمئنة بشأن نتائج المخطط المتعلقة بتحقيق الأمن الغذائي.

وأوضح نفس المصدر، أن “المخطط الأخضر” لازال يتعرض للانتقاد بسبب توجهه نحو تطوير قطاع فلاحي موجه للتصدير ومستهلك لكميات كبيرة من الماء، دون مراعاة الظروف الطبيعية للمغرب وموقعه في منطقة تعاني من نقص حاد في الموارد المائية وتفاقمها من سنة لأخرى، وبالتالي، فإن قدرة المغرب على التحول إلى دولة فلاحية مصدرة للمنتجات الفلاحية رغم نقص موارده المائية، تثير العديد من الأسئلة، وأضاف أن أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية أثارت تساؤلا أساسيا حول أولويات الأطراف المتدخلة في تنفيذ المخطط، في حين أن هدف المستثمرين بتحقيق أرباح أكبر من خلال التصدير، يعتبر منطقيا، إلا أن رد فعل الحكومة في تخفيض الأسعار أثار التساؤل حول فعاليتها وأولوياتها، خاصة في ظل وجود مواقف حكومية تدعو إلى ضرورة احترام المصدرين لالتزاماتهم مع الجهات الخارجية.

وأشار المركز إلى أن المغرب لم يكن يعاني في العقود الأخيرة من عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من المواد الغذائية الرئيسية، خصوصا الخضر، ومع “المخطط الأخضر”، أصبح يطرح التساؤل حول الثمن الذي يؤديه المواطن للحصول على هذه المواد، كما أن تفويض المستوردين تزويد المغرب بالعديد من المنتجات الفلاحية التي لا ينتج المغرب كفايته منها، مثل الحبوب والقطاني والزيوت والسكر، جعل المواطن ضحية تقلبات الأسعار الدولية.

وحسب نتائج الاستطلاع، فإن هناك شبه إجماع وطني على أن المخطط لم يول الاهتمام اللازم للفلاح الصغير بالمقارنة مع الفلاح الكبير صاحب الأهداف الاستثمارية، مما ساهم في خفض كمية المنتجات الفلاحية الموجهة للسوق الداخلية، لكون الفلاح الصغير يوجه إنتاجه بشكل أساسي لتلك السوق، كما ساهم أيضا في إضعاف تنافسية الفلاح الصغير مقارنة بالمستثمر المدعم، وبالتالي، يبقى تزويد السوق الوطنية رهينا بسخاء وكرم المصدرين تجاه المغاربة، مما يجعل تبرير ضرورة مواصلة دعمهم لاستمرارهم في الاستثمار في القطاع غير مبني على معطيات موضوعية، خاصة وأن العديد من المهتمين يعتبرون الاستثمار في المجال الفلاحي من بين أهم القطاعات المربحة.

ووفق المؤشرات الرسمية الأخيرة، فإن القطاع الفلاحي لم ينجح في خلق فرص شغل إضافية ولا التحكم في مناصب الشغل المحدثة، التي لا تزال رهينة بالظروف المناخية، كما أن تطوير المكننة ساهم في خفض حاجة الفلاحين الكبار لليد العاملة، وكنتيجة، تم تسجيل تراجع واضح في مساهمة القطاع الفلاحي في سوق الشغل بالانتقال من 40.9  في المائة سنة 2008 إلى 34.1  في المائة سنة  2018 (المندوبية السامية للتخطيط)، والزيادة في الدعم المخصص لمربي الأبقار الحلوب ليصل 6000 درهم للرأس عوض 4000 درهم، وهذا مثال يظهر سخاء المخطط ويسائل نجاعة القرارات المتخذة والتبريرات المقدمة لهذه الزيادة، كما تعطي الانطباع بأن المخطط بصدد تبرير فشله في تدبير القطيع الوطني من خلال الزيادة في الدعم، كما يطرح سؤالا جوهريا حول هل 4000 درهم أصلا مبررة؟ وما درجة استفادة الفلاح الصغير من هذا الدعم ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى