متابعات

متابعات | تفريخ الجمعيات لأهداف انتخابية نقابية وسياسية

استفحلت ظاهرة تناسل الجمعيات بالمغرب، واختلفت وتنوعت مكاتبها المسيرة بين الصالح والطالح، وأصبحت صفة “فاعل جمعوي” لدى البعض مهنة من لا عمل له.. جمعيات أضحت تؤدي خدمات لا علاقة لها بالأهداف التي أسست من أجلها وفق ما يفرضه الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر بتاريخ 15 نونبر 1958، والذي يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات، وأخرى بمكاتب مسيرة صورية وأعضاء يجهلون كيفية تحقيق أهدافها، وجمعيات حملت أسماء: “أندية”، “مراكز”، “أكاديميات”، “تعاضديات”، رياضية وثقافية وفنية وبيئية وحقوقية، يجمع بينها الظهير الشريف المؤسس، ويجمع معظمها هوس المال والمصالح الشخصية والتموقع واكتساب الجاه والسلطة، بينما تفرقت في الأهداف والخدمات التي تغادر قوانينها الأساسية.

بقلم: بوشعيب حمراوي

تفريخ الجمعيات بعد كل انتخابات جماعية

    جرت العادة أن يكون موسم توالد الجمعيات خلال الأشهر الأولى من كل ولاية انتخابية على مستوى الجماعات المحلية ومجالس العمالات والجهات، حيث يتم إحداث مئات الجمعيات، من ورائها بعض رؤساء المجالس المنتخبة، ومستشارين جماعيين وبرلمانيين بالغرفتين، يسعون من وراء إحداث تلك الجمعيات إلى رد الجميل لفئة الناخبين الذين منحوهم صفة منتخبين، أو من أجل الحصول بطرق غير مشروعة على أموال عمومية، وذلك بفرض التوقيع على اتفاقيات وشراكات وصرف منح مالية لمكاتب تلك الجمعيات، فمع إطلالة مجلس كل مقاطعة أو جماعة ترابية، وبعد تشكيل المكاتب المسيرة الجديدة، تنشط عمليات إحداث الجمعيات من طرف المقربين والموالين للمنتخبين الجدد، إحداث على الورق، يخطط أعضاؤها من أجل الحصول على المنح المالية السنوية وعقد الشراكات التي تفرض على تلك المجالس ضخ أموال غير مستحقة من ميزانية الشعب سنويا في أرصدة الجمعيات، حيث يتم توزيعها بين الأعضاء، وتبرير صرفها بفواتير وهمية.

ويمكن لوزارة الداخلية أن تجري إحصاء لعدد الجمعيات المحدثة مع كل ولاية انتخابية جديدة، وجرد أنشطتها ونوعية الأموال المستخلصة لديها، كما يمكنها أن تكشف علاقات القرابة والمصاحبة والولاءات التي تربط رؤساء تلك الجمعيات المستحدثة بأعضاء المجالس المنتخبة التي تتواجد في تراب نفوذها.

تتمة المقال بعد الإعلان

 لقد أصبح للسلطة الخامسة (المجتمع المدني) دور كبير في رسم الملامح المستقبلية للمغرب، وأصبحت لديها آليات التواصل والمطالبة حتى بفرض تغيير قوانين وإلغاء مساطر، وعليها أن تطهر جسمها من الدواخل والمندسين، الذين وجدوا في الانضمام إليها ملاذا آمنا بعد أن لوثوا باقي السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية، جمعيات ومقاولات لو تم التدقيق في هويتها الحقيقية، لاتضح للكل أنها تعود في الأصل لمجموعة من المنتخبين، الذين يستغلونها إما لرد الجميل لمن صوتوا عليهم، أو من أجل تقاسم الغنائم مع روادها، بعد صرف المنح المالية السنوية أو تمرير “البونات” والصفقات.  

جمعيات تتقمص أدوارا نقابية وحقوقية

    عندما عجزت النقابات والهيئات الحقوقية عن حماية واحتضان الفئات التي أحدثت من أجل الدفاع عنها والترافع من أجل تحقيق مطالبها، وعندما فشلت في كسب ثقة المتضررين وتعذر عليها الحصول على تأشيرات لتدبير ملفاتهم العالقة، وفرض أساليب وطرق النضال من أجل تسوية مشاكلهم، وكان لا بد لتلك الفئات المتضررة أن تهجر مكاتب ومقرات تلك الهيئات، وتبحث عن مسالك وجسور بديلة لتحقيق الإنصاف، وجدت ضالتها في الجمعيات التي أصبحت شغل من لا شغل له ومنصة من لا منصة له، من أجل الدفاع والترافع والاحتجاج، تقمصت صفة النقابي والحقوقي، وحاولت أداء أدوارهما ولو بعشوائية، لأن الأمر لا يعدو – عند بعض غير الملمين بالقوانين المنظمة لعمل النقابات والهيئات الحقوقية – أن يكون مجرد جرأة زائدة واحتجاجات ممزوجة بعبارات بات الكل يحفظها، من قبيل “عليك أمان عليك أمان لا حكومة لا برلمان” و”الاحتجاج حق مشروع والمخزن مالو مخلوع”، فالهدف الأول والأخير لدى المحتجين هو إيصال أصواتهم، لا يدركون أن التجمعات غير المنظمة وغير المؤطرة، يسهل اختراقها وتحوير مطالبها وزرع الفتن في شرايينها، وأن الاحتجاج العشوائي لن يمكن المحتجين من حقوقهم المشروعة، وقد يؤدي بهم – عن غير قصد – إلى ارتكاب تجاوزات قانونية، أو تسهيل مهام المندسين الذين يخططون ليل نهار لزعزعة أمن واستقرار البلا،. وقد زاد عددهم في الآونة الأخيرة بعد أن شاع سخاء النظام العسكري الجزائري، واستعداد الكابرانات لتبذير ثروات الشعب الجزائري الشقيق من عائدات النفط والغاز، في سبيل ضرب اقتصاد المغرب وأمنه ورخائه، فبعد إخماد نيران الربيع العربي الوهمي الذي قادته قوى أجنبية، وجعلت من حطبه شعوب عدة دول عربية، وبعد أن خرج المغرب منها سالما بلا حروق ولا جروح، برزت في مختلف مدن وقرى المملكة احتجاجات فئوية لها مطالب محلية، إقليمية، جهوية أو وطنية.. احتجاجات خارج رفوف وصفوف العمل النقابي والحقوقي والحزبي.. متضررون قرروا الدفاع عن أنفسهم عوض تكليف وسطاء للتحدث بالنيابة عنهم، وتلك الاحتجاجات الفئوية هي التي أنجبت تنسيقيات وجمعيات باتت الآن تزاحم النقابات والأحزاب والجمعيات الحقوقية في مهامها.  وعوض أن تبادر تلك الهيئات المطعون في أدائها وخدماتها إلى سلك طرق التقييم والتقويم والمصالحة مع من يفترض أنها تمثلهم، عمدت إلى الصمت والقطيعة والإهمال، لتزداد رقعة الانفصال والتباعد.      

فما تعيشه النقابات والأحزاب السياسية من عزلة وقصور، تشهده حتى الهيئات الحقوقية المتخصصة في الترافع والدفاع وحماية فئات هشة أو قاصرة من المجتمع المدني (نساء معنفات، أطفال ضحايا العنف والتشرد، الطلاق، ذوي الاحتياجات الخاصة، ذوي الحقوق المهضومة…)، خصوصا بعد أن تم تفريخ العشرات منها بدون أدنى بصمة واضحة على أرض الواقع، بل إن بعض تلك الجمعيات تركت الترافع من أجل إنصاف المتضررين وخرجت تصدر بلاغات الإشادة والشكر لمسؤولين، وتقديم التعازي، والتكريمات والتبريكات، وهو ما أدى إلى بروز احتجاجات تقودها تجمعات مختلفة من المجتمع المدني أو جمعيات ليست لها أهداف حقوقية.      

تتمة المقال بعد الإعلان

واقع الاحتجاج الذي تقوده جمعيات بالمغرب هو مضر للبلد ومضر أكثر لمطالب المحتجين، فالمتضرر لن يتمكن من إيصال ما يضره إلى المسؤولين وسط احتجاج غير منظم، وشعارات مختلفة يضرب أصحابها في كل الاتجاهات دون علم وإدراك بالجهة الحقيقية التي وجب الاحتجاج عليها وأمام مقراتها، وإن اتسمت الاحتجاجات الفئوية الوطنية بنوع من الانضباط والحكمة، وإن التزمت بأهدافها، فإن الأمر لا يسري على باقي الاحتجاجات التي تبرز هنا وهناك، حيث يندد المحتجون بقصور أو تواطؤ مسؤولين في السلطة، مثلا قائد أو باشا أو عامل.. في قضايا لا ناقة ولا جمل لهم فيها، أو في قضايا هي بيد القضاء ولا يمكن لأي كان التدخل فيها. 

على النقابات والأحزاب والجمعيات الحقوقية، وكل الهيئات المتخصصة، أن تبادر إلى التصالح مع من تمثلهم، والعمل على كسب ثقتهم بالترافع والدفاع الجاد، والإنصات إلى مطالبهم ومستجداتهم، وتطمينهم بين الفينة والأخرى.

قد تكون التنسقيات والجمعيات التي تتقمص أدوار النقابات، منفذا للمتضررين من أجل الدفاع عن مطالبهم، لكنها لن تكون بديلا عن العمل من منطلق هيئات رسمية متخصصة، وصحيح أن تنسيقيات وجمعيات وطنية بصمت بقوة في العمل النقابي، وفرضت وزنها على أرض الواقع، كما فرضت على مسؤولي قطاعات عمومية معنية مجالستها جلسات نقابية من أجل تحقيق مطالب تلك الفئات التي تمثلها، لكنها تبقى مبادرات مؤقتة، وحتى إن أراد ممثلو تلك الجمعيات أو التنسيقيات ارتداء الجلباب الرسمي للنقابات، فإنه بمجرد تحولها إلى نقابات، تدخل عصر الانحطاط والتدهور، وتضعف كما وكيفا، لذا، من الأفضل أن ننظف ما تيسر لنا من نقابات وأحزاب وجمعيات حقوقية، ونفتح معها صفحات جديدة توازي العمل الميداني المرتقب بالنموذج التنموي الجديد.   

جمعيات خيرية تحمل شعار: الدين بين النصيحة و”السنطيحة”

    يبدو أن هناك من ساسة الدين والدنيا من حرفوا الحديث النبوي الكريم “الدين النصيحة”، ورفعوا مكانه شعار “الدين.. السنطيحة”، ليضمنوا مقاعد حكومية وبرلمانية، ويرتقوا بأوضاعهم المالية والاجتماعية والسلطوية على حساب الدين الإسلامي وجموع المؤمنين الجاهلين لنواياهم السيئة، أسسوا جمعيات ومزجوا بين الإحسان الممزوج بالنصح الديني والإغواء السياسي، وتمكنوا من إيجاد آليات الركوب على معاناة ومطالب الفئات الهشة، بدأوا يظهرون لهم بمظاهر الزاهدين عن الدنيا والناسكين السياسيين، الذين مهما فسقوا وفسدوا، يبقون في عيونهم معصومين من الأخطاء.

هؤلاء الذين برز بينهم اللص والنصاب والفاسد والكذاب، ولم تعد لهم مقالب ومكائد جديدة يغوون بها المتدينين البسطاء، وغيرهم ممن وثقوا فيما رسموا على وجوههم من أغطية مزيفة، وأطلقوه من وعود تبخرت مع مرور الشهور والسنوات.

باعتماد السلوكات الدينية، وبفضل ما انتحلوه من صفات لشخصيات تؤمن بالإنصاف والعمل الخيري والأخلاق الحميدة، نالوا ثقة الناخبين، وتمكنوا من تسلق الدرجات وانتزاع مواقع القيادة، لكن أطماعهم المادية ونزواتهم الشخصية جعلتهم يجهضون حلم شعب متعطش للتغيير والنماء، وعطلوا مسار بلد يمتلك كل مقومات التنمية والرقي.
جميل أن يبادر الإنسان إلى إحداث جمعية والقيام بأعمال الخير والإحسان، لدعم الأسر المعوزة بالبلاد وذوي الاحتياجات الخاصة، وتمكينهم من مساهمات مالية أو عينية تسد حاجياتهم اليومية في التغذية والملبس والتدفئة والصحة والتعليم والولوج إلى الحياة العادية.. وجميل أن تصل المبادرات إلى مستوى التنافس، وتتوسع دائرتها لتشمل مختلف المناطق النائية وكافة الشرائح البشرية، لكن الأجمل والأطيب أن نسعى إلى ترسيخ تلك المبادرات الموسمية والمناسباتية، وجعلها ثقافة دائمة في سلوك المغاربة اليومي، تساهم في إنعاش الحياة والأخلاق والقيم، لتزيد من تلاحمهم وقوتهم لا أن يستغلها البعض من أجل التموقع السياسي والقبائلي، وتتحول تلك الخدمات الإحسانية، وذلك العمل التطوعي، إلى مجرد وسيلة للتقرب من المواطنين وكسب عقولهم وعواطفهم، مساعدات تتحول إلى مجرد رشاوى يتلقاها المستضعفون الأبرياء مقابل نيل رضاهم وأصواتهم الانتخابية، ليظفر المحسنون المزيفون بصفات منتخبين بالبرلمان أو بمجالس الجماعات أو الغرف المهنية، حيث المجال واسع لرواد الفساد من أجل التفنن في امتصاص أموال الشعب.

عجيب أمر بعض من يعتبرون أنفسهم محسنين.. هؤلاء الذين لا يحلو لهم الإحسان والتصدق على الفقراء والمحتاجين إلا بحضور الفضوليين من عامة الناس وممثلي وسائل الإعلام، يؤرخون لمبادراتهم بالتقاط الصور والفيديوهات وإنجاز التقارير وتسويقها إعلاميا، دون أدنى اعتبار لهؤلاء المرغمين على تجرع المهانة والإذلال طوال أعمارهم، مقابل فتات مساعدات قد لا يسد حتى حاجة قوتهم اليومي.

فإن كان هؤلاء يبتغون بإحسانهم رضى الله عز وجل فقط، ما كانوا يعمدون إلى التشهير والتطبيل والتهليل، وما كانوا ينتظرون المناسبات الوطنية والدينية والأيام الوطنية والعالمية من أجل فتح خزائنهم قصد التهوية، وإعادة ترتيب ما بها من أموال، لأنهم يعلمون أن الله وضع مراسلين دائمين ملازمين لكل إنسان، يسجلان كل ما يقوم به، لكنهم يسعون بـ”إحسانهم” إلى اصطياد عصفورين بحجر واحد: صدقة جارية تمكنهم من عصفور في الآخرة و”رشوة جارية” تمكنهم من عصفور في الحياة الدنيا، بل إن من بين هؤلاء من يستغل حتى الأموال الخاصة بالزكاة من أجل الاستفادة منها سياسيا عند عمليات توزيعها وهم يعلمون أن تلك الأموال ليست صدقة، بل إنها مفروضة عليهم دينيا من أجل تطهير أموالهم، لكن لهؤلاء آراء مغايرة، ومساحيق جديدة تمكنهم من غسل أموالهم وتضخيمها، والسؤال المطروح: لماذا ينكب معظم المحسنين في البلاد على نفس المبادرات التي ترسخ ثقافات التسول والانحطاط والتبعية والتذلل في نفوس المنتفعين منها؟ لماذا يصر هؤلاء على جعل فصل الشتاء مناسبة لتسول الألبسة والأغطية والأفرشة والمواد الغذائية، ونجعل من عيد الأضحى مناسبة لتسول الخروف، وعيد الفطر مناسبة لتسول الزكاة (الفطرة) وألبسة الأطفال، والدخول المدرسي مناسبة لتسول اللوازم المدرسية، والعطلة الصيفية مناسبة لتسول فترات التخييم للأطفال، والقوافل الطبية مناسبة لتسول التطبيب والأدوية؟ ولماذا لا تأخذ كل مبادرة بعين الاعتبار سمعة وشرف المستفيد منها؟ لماذا التسابق والتنافس المفرط في بناء المساجد إلى درجة أن هناك مناطق بها فائض من المساجد؟

فقد كان بالأحرى أن ترقى المبادرات إلى مستوى توفير الشغل وتكوين الشباب وإنعاش وتنمية بعض المناطق بالمغرب، بتوفير البنية التحتية وفك العزلة وإحداث المرافق اللازمة، ودعم الاستثمار بها، لوقف مسلسل الهجرة الذي حد من تنمية القرى وزاد من أعباء المدن، بل لماذا يصر البعض من هؤلاء على الاعتمار والحج كل سنة وقد كان بإمكانهم صرف أموال العمرة والحج في مبادرات خيرية إحسانية تعود بالنفع والبركة على أشقائهم المغاربة المحتاجين؟ فمشكلتنا نحن المغاربة، في ما ترسخ لدينا من سلوكيات سلبية، تسببت في تفكك الأسر، وتدهور القيم، وانهيار سقف الثقة والتلاحم.. مشكلتنا في الحقد الدفين والكره اللعين، اللذين باتا يؤثثان كل مجالاتنا، ويتحكمان في كل مساراتنا التنموية.. عجيب أمرنا، نحارب ذواتنا ونزج بها في القذارة، ونؤمن بقدرة الغريب على انتشالها.

استووا واعتدلوا يرحمكم الله.. كلمات ارتبطت أساسا بالعبادات، تم إلصاقها بالشأن الديني وحرمات المساجد إلى درجة أنها فقدت معانيها الكبرى، حيث كان من المفروض والواجب أن تكون شعارا يحمله المغاربة والمسلمون في كل حركاتهم وسكناتهم، وأن تتجسد مفاهيمها في كل تصرفاتهم، لا أحد يدعو إلى الاستقامة والاعتدال عند توظيف أموال الشعب وبرمجتها في مشاريع واهية أو تافهة، ولا أحد يدعو إلى الاستقامة والاعتدال عند فرض منطق الولاءات واعتماد أساليب الزبونية والمحسوبية في توزيع ثروات البلاد، وانتقاء الرجل أو المرأة المناسب(ة) للمكان المناسب، لا أحد يفكر في ترسيخ معاني الاستقامة والاعتدال ورص الصفوف وتفادي التزاحم عند ركوب الحافلات والقطارات وسيارات الأجرة وولوج المستشفيات، ولا عند الرغبة في استخراج وثائق إدارية أو الاستفادة من خدمات إدارة عمومية أو خاصة.. استووا واستقيموا وتراصوا واعتدلوا يرحمكم الله، سواء كنتم داخل أو خارج المساجد، فإن تسوية الصفوف من تمام الفوز برخاء الدنيا ونعيم الآخرة.. أفلا تتعظون ؟

جمعيات مدرسية غير قانونية

    لم ينتبه أصحاب الرؤية الاستراتيجية (2015-2030) إلى أنه لا اجتهاد مع وجود نصوص قانونية واضحة وصريحة، وأن الإخلال بأي بند من بنود القانون، لا يمكن أن يثمر أي نتيجة، ومناسبة هذا الحديث ما أقدمت عليه الوزارة الوصية منذ سنوات، ولا زالت تعتمده حتى الآن، من ضرب وتنكيل بمقتضيات الظهير الشريف المتعلق بتأسيس الجمعيات، حيث أبدعت على هوى روادها قانونين أساسيين، استعملا كوثيقة رسمية من أجل إحداث ما يسمى بـ”جمعية دعم النجاح”، و”جمعية الرياضة المدرسية” بطرق غير شرعية داخل كل مؤسسة تعليمية بالأسلاك التعليمية الثلاث، وإذا كانت القوانين المنظمة للجمعيات تؤكد أنه يتم انتخاب رئيس وأعضاء مكاتبها المسيرة داخل جموع عامة، فإن المادة 11 من القانون الأساسي لجمعية الرياضة المدرسية، تؤكد أن مدير المدرسة هو من يرأس مكتبها، المتكون ثلثا ( 3/2) أعضائه من مدرسي التربية البدنية والرياضة بالمؤسسة، يعينهم المدير، والثلث الآخر ( 3/1) من تلاميذ المؤسسة المنتخبين في الجمع العام من طرف زملائهم، وأن مهمة أمين المال تعهد إلى مقتصد المدرسة، كما أن الفصل الثامن من القانون الأساسي لجمعية “دعم النجاح”، يؤكد أن مدير المدرسة هو رئيس المكتب التنفيذي للجمعية، ويمنح مهمة أمين المال للمقتصد إن وجد، وهذا يعني أن المدرسة التي ننتظر منها إفراز جيل جديد يقضي مع تجاوزات واختلالات الماضي والحاضر، هي في حاجة إلى التنقية والتطهير والتخليق، وأن الأطر الإدارية والتربوية المطالبة بترسيخ مبادئ الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان، لازالت بدورها ترزح تحت وطأة اللاقانون، والأكيد أن للوزارة الوصية أسبابها وتبريراتها، المتمثلة أساسا في ترك القيادة داخل المدرسة لشخص مديرها، المقيد مسبقا بمساطر وتوجيهات ومذكرات إقليمية وجهوية ووزارية، والمحاور الوحيد باسم المدرسة لدى المديريات والأكاديميات وباقي مرافق الوزارة المركزية، لكن تلك الأسباب والتبريرات لا تعطي للوزارة الحق في التلاعب وفرض قوانينها الخاصة، التي جعلت من العمل الجمعوي التطوعي وظيفة إجبارية زادت من أعباء المدير، وحرمت أطرا تربوية أخرى كان بالإمكان أن تحظى باختيارها لمهمة الرئاسة عن طريق انتخابات نزيهة، فتجاوزات الوزارة مهدت لبعض مديرات ومديري المؤسسات التعليمية، لفرض تجاوزات أخرى على مستوى تشكيل أعضاء مكتبي الجمعيتين، حيث نادرا ما تعقد الجموع العامة بالمعنى المطلوب مركزيا، ويتم إقصاء ممثلي التلامذة وبعض الأساتذة والإداريين الذين لا يطربون بنفس أوتارهم ونغماتهم.. فإلى متى ؟ 

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى